هل سألت نفسك ذات مرة كيف تقدم الغرب؟ ولماذا حافظ علي تقدمه؟ وهل سيستمر في هذا التقدم وإلي متي؟ تقدم الغرب بالعلم والعمل، وحافظ عليه بمزيد من العلم والعمل، وسيتمر في هذا التقدم إذا استمر في الاخذ بأسباب العلم والبحث العلمي والعمل الجاد والمتواصل.. تقدم الغرب لان مواطنيه يحبون اوطانهم بجد، دون الطنطنة بهذ الحب في أغنيات وشعارات فارغة، مع عدم وجود مردود واقعي علي ارض الواقع لتجسيد هذا الحب كما هو الحال في معظم الدول المتخلفة. فالانجليز أو الالمان لا يتغنون بياحبيتي يا إنجلترا أو يا حبيبتي يا المانيا، ولكنهم يعزفون بإجتهادهم ودأبهم علي العمل المتقن ارقي المعزوفات في حب بلادهم، وتقدم الغرب حين تخلص من وصاية وكهنوت الكنيسة، حينها بدأ عصر النهضة والتقدم العلمي ومازال مستمرا وسيظل إلي أن يشاء الله. سأنقل لكم اليوم تجربة حدثت منذ فترة وجيزة توضح كيف يتعامل هؤلاء الناس مع المشاكل أو مع التطور، حيث تقدم بعض المستثمرين لشركة الكهرباء بايرلندا الشمالية بالمملكة المتحدة Northern Ireland Electricity بشأن التصريح بإنشاء محطات توليد الكهرباء عن طريق طاقة الرياح وبيعها للحكومة، ولما كانت طاقة الرياح اشد واوفر في غرب الجزيرة الايرلندية والكثافة السكانية تتركز في شرق البلاد فكان لابد من نقل الكهرباء المولدة من الغرب للشرق، فما كان من شركة الكهرباء إلا من عقد ورشة عمل دعت إليها كل المستفيدين والمهتمين والخبراء الاكاديميين والمستثمرين لدراسة الموضوع كي ثم يتم إتخاذ القرار المناسب بالتصريح من عدمه وفي حالة التصريح بإنشاء المحطات فما هي القدرة التي سيتم السماح بها. ولما كان من الصعب جدا إنشاء خطوط جديدة للنقل لأن هذا يتطلب أموال طائلة ووقت أطول كي يتسني إنشاء مثل هذه الخطوط، حيث أن التعويضات التي تصرف لملاك الاراضي التي تمر بها هذه الخطوط لشراء حق المرور، تمثل ارقام فلكية، كما أن هذا يحتاج لعدة سنوات، لذا تم إستبعاد فكرة إنشاء خطوط جديدة، إذن كان التفكير في إستخدام الخطوط القائمة والمحملة بالفعل هو الحل المتاح، ولكن كيف يتم هذا؟ من الممكن تحميل الخطوط بأحمال إضافية عن طريق رفع الجهد او زيادة حجم الموصلات (الاسلاك) إذ أن زيادة الاحمال سوف تؤدي لزيادة درجة حرارة الموصلات، فكانت الإجابة، أنه لن يتم توليد كهرباء إلا في وجود رياح وهي التي ستعمل كخافض لحرارة الموصلات، فلا داعي لزيادة ححم الموصلات.. وكان التأكيد علي ضرورة أخذ القياسات المطلوبة مثل درجات الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح عن طريق محطات ارصاد صغيرة قائمة بالفعل أو يتم إنشائها بطول خطوط النقل، وبناء علي البيانات الواردة يتم عمل التحليلات اللازمة وحساب الاحمال التي يمكن إضافتها علي الخطوط، مع الوضع في الإعتبار معاملات الامان المناسبة، وبعد فترة من أخذ القاسات وعمل الدراسات تم إتخاذ القرار بإمكانية تحميل الخطوط بقدرة لا تزيد عن 80 ميجاوات. أي يا أيها المستثمر إن اردت أن تنشأ محطة أو مجموعة محطات صغيرة لتوليد الكهرباء عن طريق طاقة الرياح لن يسمح لك إلا بهذه القدرة (80 ميجاوات) أرأيت؟؟ هكذا يفكر الغرب، وهكذا يدرس ويحلل، وهكذا يأخذ القرار، لا شئ سوي الصالح العام للوطن والمواطن، ولا فساد ولا شراء للذمم، لو وصلنا في مصر لمثل هذا المستوي من الدراسة والعمل والتجرد إلا من حب الوطن فبكل تأكيد سنصل لمصر التي نحلم بها، وأنا علي يقين بأننا سنستطيع. ملاحظة: الحد المسموح به لإنقطاع الكهرباء في بريطانيا هو عشر ساعات سنويا وليس يوميا، ولكن نادرا ما ينقطع التيار ولو لمدة دقيقة واحدة سنويا.
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.