تمارس جامعة الدول العربية مهمّات تحقيق الأمن الداخلي للدول الأعضاء فيها، من خلال مجلس وزراء الداخلية العرب الذي أنشئ في العام 1982 داخل هيكلها التنظيمي. وقد حقّق المجلس منذ إنشائه خطوات كبيرة في مجال التعاون الأمني العربي المشترك، ودعم جهود مكافحة الجريمة المنظّمة. وقد نسّقت الدول العربية جهودها في ما يتعلّق بوضع تشريعات وقوانين بهدف التصدّي لظاهرة المخدرات. وطالبت الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بتنمية التعاون بين الدول الأعضاء في مكافحة المخدرات، بحيث أُعِدَّ أول قانون عربي موحّد نموذجي للمخدرات، إعتمده وزراء الداخلية العرب في العام 1986. كما ناشد المؤتمر الإسلامي العالمي الثاني لمكافحة المخدرات والمسكرات، الذي عقد في إسلام آباد في تموز/يوليو 1989 الدول الإسلامية، توقيع عقوبة الإعدام على منتجي المخدرات ومروّجيها ومستورديها والمتاجرين بها، وتدريب العاملين في أجهزة الأمن العربية لترشيد سبل المكافحة والمعالجة. ويسعى العالم العربي إلى إنشاء هياكل لمكافحة الجريمة المنظّمة، كإنشاء مركز الشرطة العربية لمكافحة الإجرام. ويعمل في هذا المركز موظفون ذوو خبرة وكفاءة لمكافحة الجريمة عبر العالم العربي، بالتعاون مع الأجهزة الإقليمية والدولية الأخرى. وتعمل حكومات الدول العربية على زيادة التعاون في ما بينها، وتبادل الوثائق والمستندات والمجرمين. ويهدف هذا التعاون إلى منع ازدياد الجريمة المنظّمة وتوسّعها عن طريق إنشاء فرق عمل مشتركة، للحيلولة دون تراكم رؤوس أموال لدى الجماعات الإجرامية المنظّمة، ومصادرة عائداتها غير المشروعة عن طريق الأجهزة القضائية، والمتأتية خصوصًا من المخدرات، والاتجار بالنساء، وتزييف العملة والتهرّب الجمركي وعلى الرغم من هذا التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الجريمة المنظّمة، أشار مكتب الأممالمتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات إلى أن عوائد الجريمة المنظّمة تقدّر بمئة وعشرين مليار دولار سنويًا في العالم. وأن تجارة الهيرويين والكوكايين تدرّ مئة وخمسة مليارات دولار سنويًا، يتم استغلالها في الأنشطة الإجرامية وتأجيج الإرهاب. وحذّر يوري فيدوتوف المدير العام للمكتب، من تفاقم الجريمة المنظّمة وأبعادها الدولية، وقال في أثناء انعقاد مؤتمر الدول الأعضاء في معاهدة الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة الدولية المنظّمة الذي استضافته فيينا في 18 أكتوبر 2010: "بعد عشر سنوات على باليرمو، نحتاج إلى أن نكون صريحين، فالتهديدات التي تمثّلها الجريمة المنظّمة للأمن والتنمية الدوليين لم تتقلّص في الدول الفقيرة. ويهدّد المجرمون اليوم العالم بأسره، ويعتبرونه سوقًا، فتنشأ البضائع المهرّبة في قارة وتعبر أخرى وتُسوَّق في ثالثة". وذكر فيدوتوف أن المعاهدة الدولية تعدّ أداة قوية لمحاربة الجريمة المنظّمة، لكنه أشار إلى عدم الاستفادة بالشكل الكافي من المعاهدة التي تم تبنّيها قبل عشر سنوات في باليرمو. كما شدّد على ضرورة فعل المزيد لنشر الوعي في شأن كيفية استفادة الدول من المعاهدة على نحو أكثر فعالية من خلال تنسيق الجهود بين مؤسسات تنفيذ القانون أمام هذه المعطيات، على الرغم من أن الجهود العالمية ساهمت، وخصوصًا في الدول المتقدّمة، في الحد من تداعيات الجريمة المنظّمة على استقرار هذه الدول، إلا أنها لم تؤدّ في المقابل إلى القضاء على هذه الظاهرة في الدول الفقيرة. فما تزال حتى يومنا الحاضر أمور مثل إنتشار الفساد وغسل الأموال، وتجارة الأسلحة الخفيفة غير المشروعة، وتجارة الموارد الطبيعية، وتجارة الأدوية المزيَّفة، والاتجار بالمخدرات والبشر والحيوانات والنباتات البرّية، في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية وأميركا اللاتينية تقلق المجتمع الدولي وتهدّد الأمن والسلم الدوليين على الرغم من الاتفاقيات وما تتضمن من أحكام وتدابير وإجراءات لمكافحة هذه الجرائم. ألا يتطلّب الحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة، إعطاء الأولوية من قبل المجتمع الدولي لمعالجة القضايا الاجتماعية بصورة جدَية ولاسيما الفقر والمجاعة والبطالة، وتحقيق الديمقراطية في الدول الفقيرة، ووقف الصراع الدولي على الموارد الأولية في هذه البلدان، وفي دول الشرق الأوسط؟