ماذا ستقدم مصر فى الجهود الدولية لمحاربة "داعش"؟!.. القاهرة تحدثت بثقة فى اجتماع "جدة".. غير أن مؤشر "الأهمية" للدول المشاركة فى التحالف، هو ما سيحدد بدقة الدور المصرى. قد يكون بطبيعة الحال دور القوة المالية (السعودية، والإمارات، وقطر) مهمًا فى "تمويل" العمليات العسكرية، فهل تكتسب مصر صاحبة أكبر مخزون للقوات المسلحة فى المنطقة، ذات الأهمية؟!
التحالف سيعمل تحت قيادة واشنطن، وسيتوقف الدور المصرى على ما تحدده الأولى من أهداف.. ومن بينها تقديم الدعم العسكرى لحكومتى العراق والأكراد، وبمعنى آخر فإن القوات على الأرض ستكون عراقية، وليست من أية دولة أخرى.
الدعم العسكرى للمقاتلين العراقيين السنة، سيكون من خلال القصف من الجو (سلاح الجو الأمريكى والبريطانى والفرنسي) منطلقًا من القواعد الأمريكية فى الخليج.. وكذلك من خلال الدعم الاستخباراتى على الأرض.
حتى الآن وفق الأهداف المعلنة وخطط الحرب لا يظهر الدور المصرى فى المشهد: فمصر ليست قوة مالية.. ولكنها قوة عسكرية، والعمليات القتالية على الأرض ستسند للعراقيين وحدهم.. فما هو الدور المصرى إذن؟!.
لم يبق إلا الدعم الاستخباراتى، وهو عملية لا تعتمد فقط على جمع المعلومات وتحليلها، ولكن تتكئ فى الحالة العراقية السورية "داعش" إلى قدرة ضباط الاستخبارات على بناء شبكة علاقات قوية مع القبائل والعشائر السنية غرب الفرات وفى المناطق التى يسيطر عليها "داعش" فى سوريا.. فهل مصر التى تفصلها عن "داعش" عوائق جغرافية يعتقد الاستراتيجيون المصريون أنها تحصن بلادهم من التنظيم مؤهلة لتقديم مثل هذه "الخدمة الاستخباراتية" للتحالف؟!
مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أجابت تقريبًا على هذا السؤال.. وقالت فى تقرير لها: "إن المساعدة الأكثر أهمية يمكن أن تأتى من الأردن، واحدة من أصغر الدول فى الشرق الأوسط، ولا تشارك بالجنود على الأرض، وإنما توفر المعلومات الاستخباراتية التى تستقيها من شبكة من الجواسيس والمخبرين الذين ساعدوا الأمريكيين فى القبض على بعض من أسوأ أعدائهم، وتأمل واشنطن فى أن تكون مخابرات الأردن قادرة على القيام بذلك مرة أخرى فى معركتها اليوم ضد داعش".
ونقلت عن مسئولين أمريكيين قولهم: "إن العديد من كبار ضباطها (المخابرات الأردنية) تدربوا على يد وكالة الاستخبارات المركزية، وهذا ما ساعد الأردن، رغم صغر حجمه، على إنشاء جهاز استخبارات قادر على تحقيق الانتصارات مثل الإطاحة بالزرقاوى ومساعدة الأمريكيين فى إخماد المقاومة السنية فى العراق فى عام 2006".
وأضاف: "ولكنها ليست مجرد براعة التجسس التى تحتاجها واشنطن من عمان، فالمخابرات الأردنية لديها أيضًا علاقات مع القبائل السنية العراقية المتحالفة مع تنظيم الدولة الإسلامية، وخلال الحرب العراقية، تمكنت الولاياتالمتحدة من تحويل تلك القبائل ضد القاعدة فى العراق وحملتها على القتال مع الأمريكان".
انتهى الاقتباس من "فورين بوليسي".. لنعيد فى النهاية السؤال الذى طرحناه فى مستهل هذا المقال: ماذا بقى لمصر من دور يمكن أن تقدمه للتحالف فى حربه ضد إرهاب "داعش"؟! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.