إخواني منشق: مساع لترتيب زيارة لمرسى وبديع والشاطر.. والبرلماني السابق يرسل مبادرته للرئاسة ب "البريد المستعجل"
سادت حالة من التفاؤل في أوساط قطاع كبير من المصريين، حول وجود قناة للمصالحة بين السلطة الحالية و"الإخوان المسلمين"، بعد خروج إشارات من الرئيس عبدالفتاح السيسي بعدم ممانعته لإجراء مصالحة مع الجماعة، وتأكيده على أن المشكلة بين الجماعة والشعب، وما تلاه من إعلان المستشار إبراهيم الهنيدي وزير العدالة الانتقالية عن قبول الدولة المشروط بالمصالحة مع الإخوان، وسط أنباء عن قرب الإفراج عن أبوالعلا ماضي رئيس حزب "الوسط" ونائبه وعصام سلطان والدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب "الحرية والعدالة"، لإدارة المفاوضات مع الدولة. إلا أن حالة التفاؤل هذه سرعان ما تبددت تمامًا وعادت الأمور إلى المربع الأول مجددًا، بعد أن تلقت أحدث مبادرات المصالحة ضربة قاضية بعد تجاهل الدولة التعاطي بإيجابية مع المبادرة التي أطلقها البرلماني السابق محمد العمدة، والتي تضمنت 7 بنود؛ أهمها الاعتراف بالمشير السيسي و"التعامل مع فترة رئاسته، كمرحلة انتقالية"، مقابل "الاعتراف بشكل كامل وحقيقي بشرعية الجماعة وحزبها الحرية والعدالة، وشرعية كافة الأحزاب الإسلامية واستخدام النص الدستوري الخاص بقانون المصالحة الوطنية لوقف سير كافة القضايا الجنائية التي تحررت منذ 30يونيو حتى الآن دون استثناء والإفراج عن جميع المعتقلين الذين لم يدخلوا السجون إلا لأنهم تظاهروا للمطالبة بشرعية لا شك فيها". وجاءت تصريحات إبراهيم محلب رئيس الوزراء حول رفض التصالح من تورطوا فى سفك دماء المصريين والتحريض على العنف والتآمر على الدولة، لتؤكد أن جهود المصالحة لا تحظى بدعم السلطة، بالإضافة إلى ما ذكرته مصادر سياسية عن أن الأجهزة الأمنية لم تجر أى اتصالات مع البرلماني السابق، ولم تحرص على الحصول على نسخة رسمية من المبادرة. في الوقت الذي شنت فيه الفضائيات هجومًا ناريًا على المبادرة، في ظل محاولة تكريس رأى عام رافض لها وإثارة الشكوك حول الدوافع من وراء إطلاقها. لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، إذ واجهت المبادرة انتقادات من جانب "التحالف الوطني لدعم الشرعية" والشخصيات الإسلامية بالخارج، التي اعتبرتها "خيانة للثورة وتنازلاً عن ورقة الشرعية وإقرار بشرعية الانقلاب وتقنين أوضاعه، ورأت أن "العمدة ساوى بين الضحية والجلاد". ووصف خالد سعيد، المتحدث باسم التحالف، المبادرة بأنها "متضاربة ومتناقضة ولا تصلح مطلقا مع الواقع التي تعيشه البلاد الآن"، مضيفًا: "القراءة الأولى لمبادرة العمدة تشكل انصياعا للأمر الواقع، وقبولا بما حدث بعد الانقلاب على مرسي، وهو ما نرفضه جملة وتفصيلاً". وقال جمال حشمت عضو مجلس شورى الإخوان، وعضو التحالف المقيم بالخارج: "أعتبر نفسي كأني لم أسمع مبادرة العمدة، ولن أعلق عليها لأنها لم تحقق مطالب الثورة التي خرج من أجلها الشعب"، في إشارة إلى ثورة 25 يناير 2011. فيما رأى مجدي سالم، القيادي الجهادي البارز، وعضو التحالف، أن "المبادرة اجتهاد غير موفق رغم يقيننا بأن العمدة سيبقى في النهاية رافضًا للانقلاب وحكم العسكر وصولاً لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير". ووصف حديث المصالحة المشروطة ب "الخداع والكذب من قبل بالسلطات الانقلابية وأذرعها التنفيذية والقضائية والإعلامية المستمرة فى الإقصاء والقتل والكذب"، بحسب تعبيره. واعتبر أن "هذا ليس سلوكًا لمن يريد المصالحة وبكل وضوح ليست هناك سلطة شرعية فى مصر هذه سلطة مغتصبة متسلطة هى جزء من المشكلة فلن تكون أبدًا جزءًا من الحل". في الوقت الذي كشف فيه حسين عبد الرحمن، القيادي بحركة "إخوان بلاعنف"، عن وجود محاولات لترتيب زيارة للعمدة للرئيس المعزول محمد مرسى، وقادة الإخوان فى السجون، وعلى رأسهم والمرشد العام للجماعة محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر، لتسليمهم نسخة رسمية من مبادرته وإجراء مشاورات حولها حال موافقة الأجهزة الأمنية على ذلك. وكشف عبدالرحمن عن أن هناك أكثر من 14بندًا فى مبادرة العمدة لم يعلن عنها، على رأسها الإفراج عن 254من قادة جماعة الإخوان، وعلى رأسهم قادتها، ورموز مكتب الإرشاد، لكن أحجم من ذكرها لإدراكها بأن هذه البنود لن تجد قبولاً من الرأي العام. واعتبر أن "ما طرحه العمدة هي محاولة من قادة الإخوان لجس نبض الدولة والرئيس عبد الفتاح السيسي تجاه هذه المبادرة وضبط موقف الجماعة على رد فعل الدولة عليها. إلى ذلك، أكد وليد البدري المستشار السياسي والإعلامي للعمدة، عدم وجود أى قنوات تواصل بين البرلماني السابق ومؤسسات الدولة حتى الآن، مشيرًا إلى أن الأخير يعكف على صياغة المبادرة بشكل رسمي وسيتم إرسالها لمؤسسة الرئاسة بالبريد المستعجل بسبب إقامة العمدة فى أسوان. وأشار إلى وجود قنوات تواصل بين العمدة وعدد من القوى السياسية والحزبية لتأمين دعم سياسي وشعبي لخيار المصالحة، باعتباره الخيار الوحيد المتاح لتحقيق استقرار كامل للوطن. وتابع "هذه الاتصالات الجارية حاليًا تسعى لعقد لقاء موسع فى القاهرة لجميع القوى السياسية سواء الداعمة لخارطة الطريق أو المعارضة لها سعيًا لإيجاد توافق وطني حول المصالحة، والخروج بالبلاد من مأزقها، تحت قاعدة لا إقصاء ولا تهميش لأي من القوى الوطنية". وتابع "العمدة، سيواصل كذلك اتصالاته بقيادات تحالف دعم الشرعية فى الداخل والخارج سعيًا لتأمين دعمها لمبادرته والاستماع لوجهات نظرها حول البنود الرئيسية فى مبادرة المصالحة". ونفى البدري، ما تردد عن وجود بنود سرية تتضمنها مبادرة العمدة، قائلاً إن المبادرة لا تحتوى على أى بند باستثناء البنود السبعة التى أعلن عنها البرلمانى السابق، نافيًا وجود أى صفقة بين الدولة من جانب والإخوان من جانب مع العمدة لطرح هذه المبادرة. في الأثناء، أعلن "تحالف الإخوان المنشقين" عن تجميد مبادرته التي طرحها للمصالحة بين الدولة وجماعة "الإخوان المسلمين"، محملاً "تحالف دعم الشرعية" المسئولية عن فشل جهود المصالحة، بسبب "تبنيه أطروحات متشددة لا تساعد فى توفير أجواء المصالحة"، بحسب عمرو عمارة منسق عام التحالف. وقال عمارة إن "تجميد التحالف لمبادرته جاء خلال اجتماع المكتب التنفيذي، حيث تمت مناقشة جميع الأمور المتعلقة بمبادرة التصالح وموقف حزب "الوسط"، وتقرر تعليق مبادرة التصالح والكشف عن جميع الاجتماعات واللقاءات التي عقدت مع مختلف الأطراف خلال مؤتمر صحفي". غير أن مصادر مطلعة كشفت عن أن تحالف الإخوان المنشقين تلقى تعليمات خلال لقاء لرموزه من أحد القيادات الأمنية، بضرورة سحب المبادرة، والتوقف عن الترويج لمبادرته فى وسائل الإعلام، وتوصيل رسالة مفادها بأن "الدولة عير معنية بتحقيق المصالحة مع جماعة تداعت وحظر حزبها وتراجعت شعبيتها للحد الأدنى"، وفق المصادر.