ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد الوحدة الصاروخية لحزب الله في جنوب لبنان ونائبه    البيت الأبيض: بايدن وجه البنتاجون لتعديل وضع القوات الأمريكية في المنطقة    ثلاثي الزمالك الجديد أول مباراة يساوي لقب قاري    وفاة زوجة الفنان إسماعيل فرغلي.. موعد ومكان الجنازة    «الأصيلة المحترمة».. مجدي الهواري يوجه رسالة رومانسية لزوجته دنيا عبدالمعبود    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    وزير الخارجية: الاحتلال يستخدم التجويع والحصار كسلاح ضد الفلسطينيين لتدمير غزة وطرد أهلها    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    من الأطباء إلى أولياء الأمور.. «روشتة وقائية» لعام دراسي بلا أمراض    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    جيش الاحتلال: سنهاجم الضاحية الجنوبية في بيروت بعد قليل    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    إعلام عبري: صفارات الإنذار تدوي في صفد ومحيطها    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    عمر جابر: تفاجأنا باحتساب ركلة الجزاء.. والسوبر شهد تفاصيل صغيرة عديدة    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    أجواء حارة والعظمى في القاهرة 34.. حالة الطقس اليوم    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    بدءاً من اليوم.. غلق كلي للطريق الدائري من المنيب اتجاه المريوطية لمدة شهر    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    تراجع سعر الطماطم والخيار والخضار في الأسواق اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    ذكرى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر.. رمز الاستقلال الوطني والكرامة العربية    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    ارتفاع أسعار النفط عقب ضربة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    بمقدم 50 ألف جنيه.. بدء التقديم على 137 وحدة سكنية في مدينة 6 أكتوبر غدا    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الأنبا بولا يلتقي مطران إيبارشية ناشفيل    عاجل - قصف إسرائيلي جديد على الضاحية الجنوبية في بيروت    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    تفاصيل إصابة شاب إثر الاعتداء عليه بسبب خلافات في كرداسة    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    مجلس بلدية صيدا بلبنان: آلاف النازحين يفترشون الطرقات ولا يجدون مأوى    عباس شراقي يُحذر: سد النهضة قد ينفجر في أي لحظة    «زي النهارده».. وفاة رئيس الفلبين فرديناند ماركوس 28 سبتمبر 1989    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طه حسين الذي لم نكن نعرفه !
نشر في المصريون يوم 04 - 09 - 2014

يصعب في ظل هموم السياسة والتي تطحن أعصابك وتلاحق أنفاسك هذه الأيام ، أن يأخذك بعيدا عنها بعض الوقت كتاب ، خاصة أن يكون كتابا ثقافيا عميقا ، ولكن هذا ما حدث معي هذا الأسبوع بالفعل ، فبصبر العالم وجهد الباحث الجاد واستنارة المثقف الموضوعي ودأبه الذي عز وجوده في زماننا هذا ، قدم لنا المفكر الكبير الدكتور محمد عمارة تحفته الجديدة في كتابه "طه حسين من الانبهار بالغرب إلى الانتصار للإسلام" ، والذي صدر عن مجلة الأزهر في عددها الجديد "ذو القعدة 1435" ، وفي هذا الكتاب ستكتشف كقارئ أو مثقف أو حتى أكاديمي أنك وقعت في خداع كبير حول صورة طه حسين المفكر والأديب والذي حمل لقب عميد الأدب العربي ، ستكتشف أن قطاعا من المؤسسات الثقافية الرسمية المصرية والعربية ضللت الرأي العام عن شخصية هذا الأديب الكبير ، ووقفت بالذاكرة والوعي الجمعي عنه في مرحلة مبكرة من حياته ، مرحلة رعونة الشباب وقلة خبرته حيث كان فيها مندفعا في الانبهار بالفكر الغربي والحضارة الغربية خاصة بعد رحلته الباريسية ، متنكرا لتراثه الإسلامي وطاعنا في ثوابت دينية عظيمة وجليلة ، ومثيرا لشبهات حول القرآن الكريم ، ومتحدثا عن أن الحضارة المصرية هي حضارة فرعونية وليست عربية إسلامية ، وأن طريق النهضة أن نسير سير الأوربيين ونتبع طريقتهم في خيرها وشرها وحلوها ومرها ، طه حسين الذي قدموه لنا هو صاحب "في الشعر الجاهلي" و"مستقبل الثقافة في مصر" وصاحب السيرة النبوية كأساطير "على هامش السيرة" ، وللأمانة فإن كثيرين من الباحثين وقعوا في هذا الفخ ولا أبرئ نفسي من ذلك في بعض ما كتبته عنه حتى أتى هذا الباحث العظيم الدكتور محمد عمارة ليكشف لنا عن الجانب الآخر في حياة طه حسين رحمه الله ، بل الوجه الختامي لرحلته الفكرية والأدبية الطويلة ، التي انتهى فيها مدافعا عن الإسلام والعروبة ، ومنحازا لهوية أمته ، ومدافعا عن الشريعة الإسلامية ، ومدافعا عن أصالة التراث العربي الإسلامي ، ومتهما للثقافة الغربية بالتحيز والتضليل واستغلال الشعوب تحت دعاوى التنوير والمدنية ، كما يكشف عمارة تفاصيل مدهشة عن الرحلة الحجازية لطه حسين ، وبكائه على أستار الكعبة وتبرئه مما كتب سابقا ، وإعلانه أنه ولد من جديد ، ونكتشف مع الباحث الرائع أن كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" كان الكتاب الوحيد من كتب طه حسين الذي كان يرفض إعادة طبعه طوال حياته ، مؤكدا أنه لم يعد يصلح بحاله ، وأنه يحتاج إلى تصحيح وتنقيح ومراجعة ، وهو الكتاب الذي أبدى فيه انحيازه للثقافة الغربية وأن مصر جزء من أوربا وليس من الشرق .
يكشف لنا محمد عمارة عن محطات طه حسين الفكرية والروحية ، وهي ثلاث محطات أساسية : الأولى محطة الاغتراب النفسي والفكري والتي ظهرت فيها كتاباته الشابة المبكرة المغترة بالثقافة الغربية ، ثم مرحلة التحول والمراجعة ، ثم مرحلة العودة الكاملة لهويته العربية الإسلامية ، ويعرض عمارة موقف طه حسين عند كتابة الدستور المصري الجديد في عام 1953 ، حيث اختاره "الضباط الأحرار" ضمن لجنة الخمسين لصياغة الدستور الجديد لمصر ، فتصدى لمحاولات التقليل من مرجعية الشريعة الإسلامية بقوة ، وكتب يقول : "إنه من المقطوع به أن الأغلبية لن تقبل أن تخرج عند وضع الدستور على ما أمر به الإسلام .. ولا بد لنا من أن نحتاط ، فنقول : إنه ليس هناك أي مقتضى يسمح لنا بأن نعدل عن نص القرآن .. وما دمنا قلنا أن حرية الأديان والعقائد مطلقة فلا بد أن تحترم الأديان جملة ، ولا يكون الإيمان إيمانا ببعض الكتاب وكفرا ببعضه الآخر ، فإذا احترمت الدولة الإسلام فلا بد أن تحترمه جملة وتفصيلا" .
أيضا يعرض عمارة لموقف طه حسين القوى من حركات التنصير التي نشطت في مصر في النصف الأول من القرن العشرين ، حيث كتب كلاما لو نشره "كاتب إسلامي" الآن لاتهم بالتطرف ، فقد كتب طه حسين منتقدا جهود التنصير التي تشرف عليها إرساليات أجنبية في مصر قائلا : "ما بال الأجانب عندنا لا يرعون حرمة الضيافة والجوار .. ما بالهم يلحون في إكراه المسلمين على أن يخرجوا من دينهم ويستبدلوا منه دينا آخر ؟ ما بالهم يحتالون لذلك ويكيدون له " إلى أن يصل إلى تحيته لأهالي بورسعيد الذين تصدوا لبعض عمليات التنصير وقال "وهذه أنباء بورسعيد تحدثنا منذ أمس بأنهم قد أسرفوا في هذا العدوان حتى أكرهوا صبية لم تتجاوز الخامسة عشرة على الكفر ، فلما أبت عليهم أعملوا في جسمها السياط وسلطوا عليها العذاب ، ولولا أن انتهى أمرها إلى المسلمين من أهل المدينة فاستعانوا بالشرطة لاستنقاذ هذه الصبية لاضطرت هذه البائسة إلى الكفر أو إلى الموت ، إننا في بلد إسلامي يجب أن يعز فيه الإسلام ، ولا يذل" .
ونقل الدكتور عمارة عن طه حسين نص الدعاء الذي لهج به لسانه عند الكعبة المشرفة وهو يبكي ويتحشرج ويحاول من حوله أن يأخذه بعيدا وهو يتشبث بأستار الكعبة والحجر الأسود حتى أبكى من حوله كما نقل رفقاء الرحلة ، وكان نص الدعاء المأثور الذي ردده طه حسين عند الكعبة يقول "اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ، لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن ، أنت الحق ، ووعدك الحق ، والجنة حق ، والنار حق ، والنبيون حق ، والساعة حق ، اللهم لك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وإليك أنبت ، وبك خاصمت ، وإليك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت إلهي لا إله إلا أنت" ، وقد أوصى الأديب الراحل الكبير بأن يكتب نص هذا الدعاء على قبره ، رحمه الله .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.