رغم مرور أكثر من أربعة أشهر علي سقوط النظام السابق ورموزه الا ان حالة الفوضي العارمة لا تزال تجتاح البلاد من أقصاها إلي أقصاها وهذا أمر خطير قد يؤدي إلي انهيار البلاد لا قدر الله.. حوادث السرقة وترويع الآمنين لاتزال مستمرة.. الاعتصامات والاحتجاجات الفئوية التي تسعي لتحقيق مطالب غير مشروعة تتزايد.. قطع الطرق السريعة وخطوط السكة الحديد يحدث يومياً.. كل ذلك وحكومة الدكتور شرف ونائبه الدكتور يحيي الجمل تتفرج كأن الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد. استمرارا لحالة الفوضي العارمة سعي مجموعة من الأشخاص مؤخراً إلي استغلال تلك الظروف والمطالبة بحقوق غير مشروعة ومخالفة للقوانين عندما لجأوا إلي وزارة القوي العاملة والهجرة لإشهار نقابة جديدة تحت مسمي نقابة الصحفيين المستقلة.. لقد استغل هؤلاء الأشخاص قرار وزير القوي العاملة والهجرة بتأسيس نقابات مستقلة للعمال وتقدموا بأوراق لتأسيس نقابة عمالية الا انهم راحوا يعلنون كذبا وبهتاناً اشهارهم نقابة مهنية أخري للصحفيين هذا بالطبع مخالف تماما للحقيقة ولا يعدو إلا ادعاءات رخيصة وكاذبة. ورغم اعتراضي الشديد علي قرار وزير القوي العاملة والهجرة بتأسيس نقابات عمالية مستقلة إلا ان هذا القرار خاص بالنقابات العمالية ولا علاقة له من قريب أو بعيد بالنقابات المهنية مثل الصحفيين والمحامين والأطباء والمهندسين والصيادلة وغيرها من النقابات المهنية الأخري وعددها 24 نقابة مهنية. تأسيس النقابات المهنية ياسادة يتم بموافقة مجلس الشعب واقرار قانون خاص لكل نقابة ينظم عملها كشروط القيد والعضوية واجراءات الانتخابات وخلافه وهذه النقابات المهنية هي التي تمنح ترخيص مزاولة المهنة وليس من المعقول إلتحاق خريج التجارة بنقابة الأطباء أو خريج الطب بنقابة التجاريين كما لا يعقل التحاق خريج الآداب أو التربية بنقابة المحامين أو خريج الحقوق بنقابة المهندسين. أنا شخصيا سعدت كثيرا بموقف زملائي الصحفيين بكافة الصحف القومية والحزبية والخاصة الرافض تماما لفكرة انشاء نقابة مستقلة تحت مسمي نقابة الصحفيين المستقلة وهذا أمر ليس جديدا أو غريبا عليهم فقد تصدوا من قبل لمحاولة مهندس الفساد صفوت الشريف اضعاف دور النقابة عندما جند أحد الأشخاص غير المؤهلين بتأسيس نقابة مستقلة تحت مسمي نقابة الصحفيين المستقلة واستأجر له شقة بوسط القاهرة واستخرج هذا الشخص كارنيهات شبيهة لكارنيهات نقابة الصحفيين لأشخاص غير مؤهلين وهنا وقفنا له بالمرصاد وتم ابلاغ النيابة العامة ضد هذا الشخص وتم محاكمته وحبسه بتهمة انتحال صفة صحفي والحصول علي مبالغ مالية من بعض الأشخاص بدون وجه حق. وبعيدا عن مهزلة نقابة الصحفيين المستقلة التي أتفق تماما انها محكوم عليها بالفشل لمخالفتها القانون والمنطق فإنني أري ان المرحلة المقبلة تحتاج تكاتف جميع أعضاء الجمعية العمومية لنقابتنا العريقة لإصلاح أحوال مهنتنا السامية وتحسين أوضاع العاملين بها.. الأمر يتطلب اعادة صياغة جميع التشريعات الصحفية حتي تتواكب مع متطلبات العصر علاوة علي ان هناك العديد من القوانين التي وضعها النظام السابق كانت سببا في الانهيار التام الذي وصلت اليه المؤسسات الصحفية القومية في السنوات الماضية وعلي سبيل المثال لا الحصر فهناك القانون رقم 96 لسنة 96 بمقتضاه يتم تعيين أغلبية أعضاء مجالس ادارات المؤسسات القومية عن طريق المجلس الأعلي للصحافة ونفس الشيء للجمعيات العمومية بالمؤسسات فهذا القانون الغريب يمنح المجلس الأعلي للصحافة الحق في تعيين 20 شخصا كأعضاء بالجمعية العمومية لكل مؤسسة صحفية قومية بينما يتم اختيار 15 شخصا فقط عن طريق الانتخاب.. تصوروا!! أعتقد ان تعديل هذا القانون أصبح ضرورة ملحة في الفترة المقبلة ويجب ان يتضمن هذا التعديل اختيار رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية وكذا رؤساء تحرير الصحف بالانتخاب الحر المباشر علاوة علي اختيار جميع أعضاء مجالس الادارات والجمعيات العمومية بتلك المؤسسات بالانتخاب أيضا. أعتقد ان تعديل القانون رقم 96 لسنة 96 من شأنه القضاء علي الفساد الذي استشري بالمؤسسات الصحفية القومية طوال السنوات الماضية مما أدي إلي انهيارها وتراكم الديون عليها حتي وصلت إلي أكثر من 4 مليارات جنيه ناهيك عن الانهيار المهني الذي وصلت اليه الصحف القومية بسبب اختيار قيادات لا علاقة لها بالمهنة من قريب أو بعيد. من القوانين التي تحتاج إلي تعديل في الفترة المقبلة قانون نقابة الصحفيين الحالي رقم 76 لسنة 1970 فرغم ان هذا القانون من القوانين المحترمة ووضح عندما كان أستاذنا الراحل كامل زهيري نقيبا للصحفيين وكان أستاذنا الراحل أيضا صلاح الدين حافظ أمينا عاما للنقابة الا ان مضي أكثر من أربعين عاما علي صدوره يجعله غير مواكب للعصر والتطورات الحديثة في المجتمع بكافة النواحي وتحول نظام الدولة عن الفكر الاشتراكي إلي الفكر الديمقراطي وقيام الأحزاب والعدول عن بعض المسميات التي كانت سائدة في ذلك الوقت كالاتحاد الاشتراكي العربي والجمهورية العربية المتحدة ووزارة الارشاد القومي علاوة ان بعض مواد هذا القانون تنطوي علي بعض الجوانب السلبية التي تحتاج إلي معالجة حقيقية. بالطبع فإن القانون الحالي لنقابة الصحفيين لا يلبي طموحات أبناء المهنة ولا يتواكب مع ما حدث من تغيرات وتطورات ويعجز عن مواجهة مشكلاتهم وتحقيق أهدافهم.. بالفعل نحتاج إلي اعداد مشروع قانون جديد لنقابتنا العريقة يتواكب مع متطلبات العصر ويهدف إلي النهوض بمهنة الصحافة بما يكفل لها حرية تامة والارتقاء بمستواها وكذا الارتقاء بفكر وعلم القائمين بها ورعاية مصالحهم والدفاع عن حقوقهم علي نحو يحفظ لهم كرامتهم اضافة إلي تطوير العمل النقابي الي الأفضل. ونهاية يمكن القول ان الادعاء باشهار نقابة باسم نقابة الصحفيين المستقلة أكذوبة من بعض الأشخاص غير المؤهلين.. كما ان قرار وزير القوي العاملة والهجرة بانشاء نقابات مستقلة لكل من هب ودب مهزلة خطيرة وبدأت بفضيحة جنيف الشهيرة في الأيام الماضية.. ولكن ماذا ننتظر من حكومة ضعيفة مرتعشة؟! [email protected]