لست أدري إن كان القدر سيمنحك هبة من عند الله، ويمن عليك من فضله ويفيض عليك بساعة إضافية متصلة من الكهرباء كي تستطيع قراءة هذا المقال أم لا؟، فإنقطاع التيار الكهربي أصبح أمرا لا يحتمل، وعندما يطل النور بطلعته البهية التي ينتظرها الجميع علي أحر من الجمر، يسارع الكل إلي شحن الهواتف المحمولة والاستمتاع بهواء المراوح أو برودة المكيفات إن وجدت أو إن كانت مازالت تعمل في جو خانق بحرارته ولهيب إرتفاع الاسعار والزحمة والفساد. ألا تخجل؟ هو عنوان مقالي اليوم، والسؤال الاستنكاري هذا موجه لأي موظف أو مسئول غير شريف في منظومة الدولة، من أعلي هرم السلطة التنفيذية لأحدث موظف بالدولة. إلي كل من يتصدي للعمل العام، ألا تخجل من تصديك لتحمل أمانة المسئولية مع إفتقارك للمؤهلات والآليات التي تصلح لتولي هذه الوزارة أو تلك، وأنت غير أهل أو غير كفؤ لهذا المنصب أو ذاك، فلا أنت تحسن الإدارة ولا أنت تتقن التصرف في حل المشكلات أو قضاء حوائج الناس علي الوجه الذي ترتضيه، فلا رؤية لديك، ولا خطة، ولا خيال، ولا قدرة علي إيجاد الحلول الغير تقليدية لمشاكل غير تقليدية ايضا. وإلي كل فاسد، ألآ تخجل من فسادك وإستغلال نفوذك أو وظيفتك كي تكون ثروة من حرام، فتأكل من حرام وتشرب من حرام وتلبس من حرام، وتنعم علي اقاربك واصدقائك بالوظائف والمناصب دون غيرهم بغض النظر عن كفائتهم المتدنية. وإلي كل مرتشي، ألا تخجل من نفسك حين تقف امام المرآه، أو حين تدخل علي أولادك بطعام من حرام، وتبرر لنفسك تلاقي الرشاوي بحجج واهية وبأعذار وهمية، وبماذا سيكون دفاعك أمام الله يوم العرض عليه. وإلي كل إرهابي كاره لهذا البلد وكاره لدينه وكاره لنفسه، ألا تخجل مما تصنعه ببلدك وبدينك وبأهلك، فتستبيح قتل الابرياء بغرس قنبلة هنا وبتفجير هناك، وتستشهد بأحاديث وآيات قرآنية ما تبرر به القتل والتدمير، والله والرسول من أفعالك ومن أفكارك ومنك أنت براء، فديننا الحنيف، أبعد ما يكون عن العنف والقتل بإسمه، بل علي النقيض من هذا تماما، حيث يحثنا دين الرحمة علي التراحم والتراص والتعاون علي البر والتقوي، والبعد كل البعد عن الإثم والعدوان. وإلي كل كسلان ومعطل ومثبط، ألا تخجل من كسلك وتعطيل مصالح الناس، والدولة هي التي منحتك هذه الوظيفة كي تقضي وتسهل مصالح الناس بما يتفق مع القوانين لا كما يتفق مع مزاجك أو مصلحتك أنت. وإلي كل معلم يعيش في مستنقع الدروس الخصوصية، ألا تخجل من عدم شرحك في المدارس، وقمت بلا ضمير - بحجة قلة المرتب - بجر العملية التعليمية من المدرسة لشقتك التي لا تصلح لتربية الدجاج. وإلي كل مصري، وأنا قبلهم، ألا نخجل من أنفسنا والامة المصرية في ذيل الامم، نعم، بدون جلد للذات وبلا مبالغة أو تهويل أو دفن للروؤس في الرمال، نحن فعلا في ذيل الامم، وهذا ليس لقلة مواردنا ولكن لقلة الضمائر التي في صدور الكثير منا، ولبحور الفساد التي تغوص فيها موارد هذا الوطن، ولعدم تنفيذ القوانين علي الكل بمساواه مطلقة ودون أي إستثناءات لكائن من كان من الذين ينتموا لهذه الامة، ألا نخجل من أننا نتسول غذائنا ووقودنا من هذا أو ذاك، والأجدر بنا أن يكون لدينا فوائض في كافة السلع والمنتجات، وبالرغم من هذا كله فأنا علي يقين من أننا نستطيع أن نتجاوز كل هذه المحن وهذه العثرات، فقط إذا أخلص كل واحد منا النية لله ولهذا الوطن وعمل بتجرد، حينها فقط لن نخجل ولكن سنرفع هاماتنا عزة وفخرا وإنتماءأ لمصرنا.
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.