كثيرة هي الوجوه التي ترغب في الترشح لرئاسة مصر .. وللأسف كثير منهم لا يدرك حقيقة ما هو مقدم عليه .. فلو بحثت لوجدت هناك عشرات الآلاف من المصريين يرغبون في الترشح لرئاسة مصر ولا يمنع كثير منهم سوى المقدرة المالية .. ولو أتيح لبعضهم بضعة آلاف من هنا أو هناك لترشحوا .. وللأسف الجميع غير قلقين من تحمل المسئولية ويتطلعون لزكريا عزمي جديد، وهو أمر سهل الحصول عليه بالسوق المصري .. أن تحصل على الكرسي وبجانبه زكريا عزمي جديد .. فالمهمة سهلة حتى لمن هم فوق السبعين في أعمارهم .. وأنا أستغرب أشد الاستغراب لمن تجاوز عمره السبعين عاما ويرغب في حكم مصر .. كيف سيتسنى له حكم مصر ؟ هل هو قادر على قيادة مصر ومتابعة شئونها بدون زكريا عزمي جديد ؟ هل هو قادر على متابعة مئات الملفات الساخنة يوميا بدون رئيس ديوان يفوضه في ممارسة صلاحيات الرئيس؟ هل قادر فعلا من هو في سن السبعين أن يطلع على القضايا المصيرية للمصريين والتي تزيد عن عشرين قضايا "جديدة ومتجددة" "يوميا" حسب معدلات آخر عامين ؟ يوميا هناك قضايا فساد كبيرة .. وعبارات تغرق .. وقطارات تحترق .. وشركات كبرى تسرق .. وأراضي تنهب .. وصغار تسلقوا وتطالوا .. ومحافظات تبكي .. ومناطق (كالصعيد وغيره) تتهاوي .. وملكيات للدولة يعتدى عليها وآلاف المواطنين يموتون يوميا بلا سبب لأتفه الأسباب .. فالمصريين أعمارهم قلت .. وصحتهم تدهورت .. وأكلهم ندر .. وأمنهم انفلت .. كيف سيتسنى لرئيس "هرم" فوق السبعين أن يتابع كل هذه القضايا ؟ هل سيتركها لزكريا عزمي جديد يفعل بها ما يفعله ؟ يحابي القوي ويعطي الصديق وينتقم من المجهول، المجهول هنا هو المواطن المصري العادي الذين تتجاوز أعدادهم 80 مليون مصري. أكثر من هذا .. هل رئيسنا "الهرم" قادر على متابعة الملفات الاستراتيجية الخارجية لمصر ؟ ملفات قضية فلسطين .. وقلاقل الخليج وإيران .. الضغوط الأمريكية على مصر .. ضغوط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .. استفزازات أفارقة بمنع وصول مياه النيل .. ملف المصريين بالخارج وانتهاكاتهم .. الملف النووي المصري وغياب مصر .. ملفات التطاول المتكرر من كل من "هب ودب" على مصر مثلما حدث في السودان "المباراة" ومثلما حدث مع الجالية المصرية بالجزائر ومثلما حدث من قبل بلبنان "صلب مصري" .. ومثلما حدث من قبل بالعراق "قتل جماعي للمصريين" .. بل ما هو أهم قتل الهيبة المصرية "القتل المتكرر للجنود المصريين" على الحدود مع إسرائيل .. هل المترشحين على استعداد لمعاجلة وحل هذه الملفات الساخنة اليومية المتكررة ؟ هل هم قادرون على البت فيها واتخاذ قرارات قوية وسريعة تعيد لمصر وللمصريين كرامتهم ؟ أم أنهم سيعتمدون على التقارير الضعيفة والمسيسة التي تأتي من هنا وهناك .. والتي تصب في بوتقة "زكريا عزمي" والخوف على صداع حضرة الرئيس وبالتالي لابد من حذفها وحذف المزعج منها .. وليكن الله مع مصر والمصريين. إن مصر تحتاج بعد ثلاثين عاما من تراكم المصائب والضعف والترهل والمحسوبية والفساد .. تحتاج إلى رئيس قوي .. ليس في شخصيته ولكن قوي أيضا في صحته .. قادر على تحمل المسئولية، وليس تفويضها إلى رئيس البارون .. حتى إن كان هذا البارون عفيفا شريفا .. فهذا لا يجوز .. إننا نحتاج إلى رئيس يكون هو الرئيس. (*) مستشار اقتصادي [email protected]