"استدعاء السماء سبق استدعاء رؤسائه"، لفض اعتصام ميدان النهضة.. بهذه الكلمات رثى الأب ابنه النقيب محمد محمود عبد العزيز، الذي كان أول من دخل بمدرعته ميدان النهضة بالجيزة، حيث اعتصام مؤيدو الرئيس المعزول محمد مرسي، في 14 أغسطس العام الماضي. الوالد محمود، قال لوكالة "الأناضول"، إن "السماء استدعت ابني محمد، قبل استدعاء رؤسائه، من الإجازة ليجمع أغراضه، ويقود أول مدرعة تدخل ميدان النهضة للفض، ويكون بذلك الضابط الشهيد هناك". يقول المهندس محمود "عندما تلقى ابني محمد استدعاء من رؤسائه في كتائب الدعم القتالية التابعة لقطاع الداخلية مصر - إسكندرية، أخذ يجمع أغراضه دون أن يخبرنا، وعندما عرفنا كان يرمقنا بنظرات الوداع وكأنه يقول لنا سوف نلتقي مجددا في الآخرة، لكن الله أراد أن يبقيه معنا شهر بعد إصابته يوم الفض". ويتابع الأب، وهو ينظر إلى صور نجله المنشورة على المواقع الإلكترونية،: "تحدث إلينا وتحدثنا إليه أثناء إصابته بالمستشفى، لم يندم على مهمته، ولا نحن كنا لنلومه على ما فعل، لو كان لدى عشرة من الأبناء لدفعت بهم أن يكونوا شهداء لهذا الوطن، لكنه الفراق هو ما يؤلمني". يتذكر والد محمد شيئًا يدفعه للحديث متلعثما بقوله "لم .. لم أنفذ وعدي إياه، كنت قد وعدته أن أقوم بتجهيز شقة له في شهر رمضان الماضي، حتى يتزوج، لكن القدر كان أسبق مني فمات ولدي.. قبل أن يكون عريسًا". وأصيب محمد يوم فض اعتصام "النهضة" بطلق ناري، واضطر الأطباء إلى استئصال الكبد والطحال، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بتسمم دموي أثناء احتجازه بالمستشفى العسكري لمدة شهر بعد الإصابة. ولا يتحدث الأب عن أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، الذين كانوا يعتصمون في ميدان النهضة، طيلة حديثه عن ولده، لكنه يكتفي بقوله "محمد كان يدافع عن الأعراض .. يدافع عن ممتلكات البلاد .. محمد كان يدافع عن بلده ... ويكفينا أنه قاد أول مدرعة دخلت الميدان، والضابط الوحيد الذى استشهد في ميدان النهضة". يقول والد النقيب محمد محمود عبد العزيز "ابني ارتقى في الدنيا بترقيته إلى نقيب، وارتقى في الآخرة لشهيد". يصمت قليلاً ليتابع "لكني لم أزره (يزور قبره)، أخشى من زيارته أن أبكيه، بدلاً من أن أفتخر به، بالأمس (الخميس الذكرى السنوية الأولى لفض الاعتصام) عهدت إلى أصحابه في الكتيبة، الذين أحبهم وأحبوه، ورافقهم ورافقوه، أن يأتوا لمنزلنا وأعددت لهم وليمة، كنت أتمناها عند زواجه". وفي 14 أغسطس من العام الماضي فضت قوات من الجيش والشرطة بالقوة اعتصامين لأنصار مرسي في ميداني "رابعة العدوية" و"نهضة مصر"؛ ما أسفر عن سقوط 632 قتيلا منهم 8 شرطيين بحسب "المجلس القومي لحقوق الإنسان"، في الوقت الذي قالت فيه منظمات حقوقية محلية ودولية، إن أعداد القتلى حوالي الألف.