التزمت إسرائيل وحماس، يوم الاثنين، بتهدئة لمدة 72 ساعة بوساطة مصرية في قطاع غزة هي المهلة التي يفترض أن يتوصل خلالها مفاوضو الطرفين إلى هدنة دائمة في الحرب التي أودت بحياة نحو ألفي فلسطيني. ومنذ بدء العمل بالهدنة منتصف ليل الأحد (21.01 تغ)، لم يتم إطلاق أي صاروخ من قطاع غزة نحو الأراضي الإسرائيلية، فيما لم يشن الطيران الإسرائيلي أي غارة على القطاع.
ولم يسجل يوم الاثنين سوى وفاة طفلة عمرها شهر ونصف أصيبت في القصف قبل التهدئة. وهذه الطفلة هي الضحية الوحيدة في اليوم الخامس والثلاثين للحرب، التي كانت تخلف يوميا عشرات القتلى.
وخلف القصف الإسرائيلي الكثيف 1940 قتيلا فلسطينيا منذ 8 تموز/يوليو وفق وزارة الصحة الفلسطينية في غزة. وقتل 64 جنديا وثلاثة مدنيين بينهم أجنبي في إسرائيل.
وفي قطاع غزة، يأمل السكان الذين أنهكتهم الحرب ليس فقط في أن تستمر التهدئة، إنما في أن تكون الحرب التي عاشوها هي الأخيرة. وقالت بسمة أبو عبيد، في سوق الخضار في مخيم الشاطئ في مدينة غزة، "لا نريد تهدئة دائمة، إنما السلام الدائم". ولكن مصير بسمة بين أيدي المفاوضين.
وبعد الاتفاق عبر مصر على التهدئة، بدأ الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي دورة جديدة من المحادثات غير المباشرة والمغلقة. ولم تعرف الخطوط الحمر الجديدة التي وضعتها إسرائيل وحماس. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن ضمان أمن إسرائيل فوق كل اعتبار.
ويبدي نتنياهو تعنتا متسلحا بتأييد غالبية سكان إسرائيل للحرب، وضغوط المتشددين في حكومته الذين يطالبون بنزع سلاح حماس. لكنه قال إنه مستعد لأن تضطلع السلطة الفلسطينية بدور في إعادة إعمار غزة التي تسيطر عليها حماس بعد أن طردت منها السلطة برئاسة محمود عباس في 2007.
ويوافق نتنياهو على التعامل مع السلطة الفلسطينية، لكنه يرفض التعاطي مع حماس التي يصفها بأنها "منظمة إرهابية". ولذلك توترت علاقته مع عباس بعد المصالحة مع حماس في نيسان/أبريل الماضي وتشكيل حكومة تكنوقراط بموافقة حماس.
وتخضع حماس لضغوط حيث يطلب منها تحقيق مكاسب سياسية بعد الحرب التي خلفت الكثير من الدمار. وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق في القاهرة إن حركته "ليس لديها مانع أن تتولى السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس إعادة إعمار غزة وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه".
وأضاف "إننا مع تشكيل هيئة وطنية تتولى إعادة الإعمار مشكلة من الرئيس عباس، على أن يكون رئيس الهيئة شخصية نظيفة ومهنية وذات شفافية مشهود لها تتمتع بقبول دولي. إذا أراد الرئيس عباس أن تتولى الحكومة مباشرة هذه المهمة ليس لدينا مانع".
وقال رئيس الوفد المفاوض المسؤول في حركة فتح عزام الأحمد "إن حكومة التوافق الوطني والسلطة الفلسطينية بكل أجهزتها هي التي ستتولى تنفيذ كل ما يتفق عليه".
وأضاف "سنعيد كل الأمور إلى نصابها، وبالتالي هذا الاتفاق بين إسرائيل والسلطة الشرعية (السلطة الوطنية برئاسة الرئيس محمود عباس) وبموافقه كل ألوان الطيف السياسي في الساحة الفلسطينية".
وبشأن المفاوضات قال الأحمد "سلمنا المسؤولين المصريين تفسيرنا لمطالبنا وهم سيجتمعون لاحقا مع الجانب الإسرائيلي، لكن سبق أن أبلغونا رأي الجانب الإسرائيلي وأبلغوا الجانب الإسرائيلي مطالبنا لكن الطرفين لديهم استفسارات".
ويتصدر مطالب الفلسطينيين رفع إسرائيل الحصار البري والبحري المفروض على القطاع منذ العام 2006 بعدما احتجزت حركة حماس جنديا إسرائيليا.
ويعيش في قطاع غزة نحو 1.8 مليون إنسان محاصرين بين إسرائيل والبحر ومصر، التي تبقي معبر رفح مغلقا إلا في حالات استثنائية. وكرر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، في مقابلة حصرية مع وكالة "فرانس برس" مساء الأحد، موقف الحركة بضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة. وقال إن "الهدف الذي نصر عليه هو تلبية المطالب الفلسطينية وأن يعيش قطاع غزة بدون حصار هذا أمر لا تراجع عنه".
ويطالب الفلسطينيون مصر بفتح معبر رفح المغلق بشكل دائم تقريبا منذ عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي قبل عام. وتوترت العلاقات بين مصر وحماس منذ ذلك الحين، وتعتبر حماس دور مصر في المفاوضات معيقا.
وحذر جيمس رولي أبرز مسؤول إنساني لدى الأممالمتحدة في الأراضي الفلسطينية أن نزاعا جديدا سيندلع على الأرجح في غزة إذا لم ترفع الدولة العبرية حصارها عن القطاع الفلسطيني. وقال رولي إنه يجب تلبية مطالب إسرائيل الأمنية المشروعة لكنه حذر من أنه دون رفع الحصار "يرجح" أن تحصل جولة ثانية من القتال.
وأوضح "ليس فقط نرى عراقيل أمام إعادة الإعمار، لكنني أتخوف من أن الظروف قائمة لجولة جديدة من العنف مثل التي نشهدها الآن". وأضاف "يحتمل وقوع نزاع آخر".