أسوأ وأقوي ما في الدولة المصرية منذ أمد بعيد و قبل قيام الثورة وحتي الآن، هو منظومة الفساد المتجذر في مفاصل و نخاع الدولة وفي كل خلاياها، تلك المنظومة التي تنهش في لحم وعظام الدولة وخصوصا الغلابة والمطحونين كما السرطان الذي لا يرحم أجساد المرضي من المعدمين، وأي إصلاح اقتصادي أو إجتماعي أو سياسي أو أي نوع آخر من أنواع الإصلاح لن يكتب له النجاح دون ردم محيط الفساد بالغ العمق والإتساع والعفن أيضا. ومظاهر الفساد جلية كما الشمس في كبد النهار في معظم مؤسسات الدولة، ولا تحتاج لدليل أو برهان، وكلنا يعرف من وقائع الفساد ما يشيب من هوله الولدان و ما لا يمكن حصره في مجلدات، فلشديد الأسي والأسف، أصبحت القاعدة الآن هي فساد الكل إلا من رحم ربي، ومن رحمهم ربي هؤلاء اصبحوا قلة قليلة جدا وفي طريقها إلي التلاشي والإنتهاء من مجتمع استشرت فيه المحسوبية والرشوة وإستغلال النفوذ والمحاباة والإبتزاز ونهب المال العام، دون خوف من قانون أو خشية من الله أو وازع من ضمير، ويأتي التستر والسكوت علي الفساد كنوع آخر من أنواع الفساد. وكأن ثورة لم تقم، ففي وزارة التعليم العالي وبعد قيام الثورة المصرية تكررت أكثر من واقعة سوف اقصها عليكم، ولكم مطلق الحرية في تسميتها وتصنيفها، حيث يوجد بالوزارة منصب يسمي رئيس قطاع الشئون الثقافية والبعثات، بدرجة وكيل أول وزارة، وهذاالقطاع هو أحد قطاعات وزارة التعليم العالي المصرية، المعنية بشئون مصر الثقافية والتعليمية؛ حيث يقوم القطاع بدور في تنسيق علاقات مصر الثقافية وإدارتها مع دول العالم كافة، من خلال ما يقدمه من خدمات في مجال التعاون الثقافي والبحوث المشتركة، وإدارته لمنظومة التمثيل الثقافي المصري بالخارج من خلال تعيينه للمستشارين والملحقين الثقافيين وكذلك الملحقين الإداريين ومعاوني الخدمة، وتكون المراكز والمكاتب الثقافية المصرية بالخارج والتابعة لهذا القطاع مسئولة عن المبعوثين المصريين بالخارج، وللامانة لست ادري ما هي المعايير التي يتم من خلالها إختيار المستشارين والملحقين الثقافيين أو الملحقين الإداريين، فمبلغ علمي أن المعيار الوحيد للإختيار هو المحسوبية، فأهل الحظوة والثقة والمرضي عنهم هم الذين يبشرون بمثل هذه المناصب دون غيرهم. ورئيس القطاع - وعادة ما يكون أستاذ جامعي- هو رئيس لجنة المقابلة الصورية لإختيار هذه المناصب، والطريف أن الرئيس السابق والاسبق لهذا القطاع وقبل إنتهاء فترة شغلهما لهذا المنصب قاما بإختيار نفسيهما ليكونا مستشارين ثقافيين لمصر في الخارج، أي أن رئيس اللجنة يختار نفسه ليكون ممثلا لمصر في أحد المراكز أو المكاتب الثقافية بالخارج، فالاول وهو استاذ بجامعة الاسكندرية، وقبل تركه لمنصبه بقليل لإنقضاء المدة، وبالمخالفة للقوانين والاعراف والاخلاق ايضا، قام بإختيار نفسه ليصبح مستشارا ثقافيا لمصر بالصين، والثاني الذي عمل ملحقا ثقافيا لمصر في امريكا لفترة ثلاث سنوات، ولانه من اهل الخطوة، عاد لمصر ليشغل وكيل أول وزارة ورئيس قطاع الشئون الثقافية والبعثات، ثم قام بإختيار نفسه - بقدرة قادر أو فاجر- ليصبح مستشارا ثقافيا لمصر بأمريكا، وكأنه هركليز وباقي اساتذة الجامعة من الرعاع الغير مؤهلين لشغل مثل هذه المناصب، أي فساد أكبر من هذا، أريتم ما وصلنا إليه؟؟ هل يمكننا الحلم بالتقدم ومثل منظومة الفساد هذه مستحكمة في كافة مؤسساتنا؟ بماذا تسمون مثل هذه الحكايات؟، نعم حكايات لانها مثل حكاوي ألف ليلة وليلة، التي لا يمكن أن يصدقها عاقل او مجنون، لا أريد أن أقص عليكم ماذا يمكن أن يحدث لأي مسئول في إنجلترا يثبت عليه التربح ولو بمائة جنيه استرليني مستغلا في ذلك نفوذه أو منصبه. وهناك واقعة أخري حيث سافرت دكتورة للعمل كملحق ثقافي بدولة اجنبية دون تطابق الشروط عليها، وقامت المحكمة بالحكم عليها بإنهاء عملها وعودتها لمصر، وواقعة أخري، حيث عاد أحد المستشارين الثقافيين من العمل بالخارج ليشغل وكيل أول وزارة ورئيس القطاع، ماهذا؟؟ بالله عليكم ما هذا؟؟ ليس أقل من محاسبة هؤلاء ورد ما حصلوا عليه بغير حق لخزينة الدولة، و اتمني من بلدياتي الدكتور السيد عبدالخالق وزير التعليم العالي رجل القانون أن يحارب مافيا هذا القطاع. فهل يستطيع؟؟ لا اعتقد. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.