قال جاريد كابلن، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون الإقليمية إنه يجب على الحكومة المصرية إيجاد وسيلة للتواصل مع جماعة الإخوان المسلمين، فيما يجب على الإخوان أن يبرهنوا على عدم دعمهم للعنف وأن يكونوا جزءا من الحل السياسي. وفي حوار أجرته وكالة الأناضول مع كابلن عبر البريد الإلكتروني، قال المتحدث إنه "هناك مساعدات إضافية لا تزال معلقة لأن مصر لم تقوم بتلبية المتطلبات، بما في ذلك اتخاذ خطوات لضمان الانتقال الديمقراطي". وحول الأوضاع في غزة قال إن "الولاياتالمتحدة ستقوم بالبناء على المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة"، واصفاً مهمة وزير الخارجية المصري جون كيري في المنطقة بأنها "لن تكون سهلة". وأضاف كابلان أن الولاياتالمتحدة ليست لديها أي اتصال مع حركة حماس في أزمة غزة الأخيرة، لكنها في الوقت نفسه تشجع من لديه نفوذ من أجل دفع حماس لقبول المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار. ولفت المتحدث باسم الخارجية الأمريكية للشؤون الإقليمية إلى أن الإدارة الأمريكية لا تزال على اتصال وثيق بالمعارضة السورية، وترى أن الائتلاف السوري صوت جميع السوريين الذين تعرضوا للاضطهاد. وفي العراق وصف الوضع بأنه "يتطلب بعض الدبلوماسية الصعبة وليس حلا عسكريا"، كاشفاً عن اتجاه لدى الإدارة الأمريكية ببقاء السفارة الأمريكية في بغداد مفتوحة. وإلى نص الحوار كما ذكر بوكالة الأناضول: لماذا لم تطرح الإدارة الأمريكية مبادرة خاصة بوقف إطلاق النار في غزة رغم أنها راعي المفاوضات بين الجانبين دائماً؟
** تساورنا مخاوف خطيرة حيال العدد المتزايد من القتلى بين المدنيين الفلسطينيين والخسارة في أرواح الإسرائيليين. ولهذا السبب ينبغي أن يتمحور تركيزنا وتركيز المجتمع الدولي على إحلال وقف إطلاق نار ينهي القتال. ونحن نؤيد المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، وهذا هو الجهد الذي سيبني عليه الوزير لنرى إن كنا نستطيع تحقيق بعض التقدم. ولهذا، يجتمع الوزير (جون) كيري مع الحلفاء والشركاء للضغط من أجل وقف فوري للأعمال الحربية بالعودة إلى اتفاقية وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012. ومن الواضح أن مهمته هذه لن تكون سهلة إذ أن هناك مشاعر هائلة وقضايا استراتيجية عسيرة. رغم هذا، سيفعل كل ما في وسعه للمساعدة في تسهيل وقف الأعمال الحربية. هل تتواصلون بشكل مباشر مع حركة حماس، خاصة أنها ترفض المبادرة المصرية؟ ** ليس لدينا أي اتصال مع حماس ولكن نشجع أي شخص لديه نفوذ مع حماس لاستخدام هذا النفوذ لدفعهم لقبول الاقتراح المصري لوقف إطلاق النار. أين تقف العلاقات المصرية الأمريكية الآن؟ ** نحن نريد لمصر تحقيق النجاح ونريد أن نقدم المساعدة الكاملة والحيوية لمصر. ونحن نعتقد أن قطع الحبل على تلك العلاقة من شأنه أن يكون أمرا سيئاً ليس فقط لمصالحنا الاستراتيجية ولكن للقيم التي دعمها الشعب المصري. لقد حافظنا على هذا التواصل وهناك أفق وتعاون أوسع بكثير يمكن تحقيقهما إذا ما اتخذت مصر بعض الخطوات الملموسة. ما تقييم الإدارة الأمريكية لأداء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حتى اللحظة الراهنة؟
** مصر تحتاج الى قيادة قوية من الرئيس السيسي. الجيش المصري هو مؤسسة هامة للغاية في مصر، ولكن في نفس الوقت، الاستقرار على المدى الطويل ونجاح مصر يعتمد على أن يكون جميع المصريين قادرين على التعبير عن آرائهم بحرية، والمشاركة في العملية السياسية بحرية. * هل هناك نية لتجميد بعض المساعدات العسكرية مجدداً، في حال تدهور أوضاع الحقوق والحريات بمصر؟ ** بعد أن رأينا حدوث الانتخابات (الرئاسية في يونيو/ حزيران الماضي)، لا يزال هناك قلق بشأن الاعتقالات بحق النشطاء السياسيين المختلفين، بما في ذلك، على سبيل المثال، ليس فقط أعضاء حزب الحرية والعدالة، ولكن بعض النشطاء العلمانيين الذين أيدوا في الواقع إزالة حكومة محمد مرسي. بعض منهم قد واجهوا مضايقات واعتقالات، ولذا فإننا نود أن نرى إيقاف هذا النوع من الأفعال. * ما هو سبب التحفظ بشأن إرسال مروحيات "الأباتشى" للقاهرة؟ ** عندما أعلنا في وقت سابق من هذا العام استئناف بعض المساعدات إلى مصر، كان يستند الأمر على أن نشهد أمرين. الأول هو أن تحافظ مصر على العلاقة الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة، وأن تفي بالالتزامات بموجب المعاهدة مع إسرائيل (معاهدة السلام مع إسرائيل الموقعة عام 1979). وبوجود هذين الأمرين، ستُستأنف المساعدة على جانبين. الأول هو عبارة عن 572 مليون دولار كمساعدة تستخدم أولاً للدعم المباشر للشعب المصري والثاني يوجه للمساعدات الأمنية وهذا ما يرتبط بأساس مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة. فبالتالي يشمل الجيش المصري لمساعدتهم في تأمين حدود مصر ودعم مكافحة الإرهاب وجهود مكافحة انتشار الأسلحة النووية، ومساعدتهم على ضمان الأمن على نطاق أوسع في شبه جزيرة سيناء. وهناك مساعدات إضافية لا تزال معلقة لأن مصر لم تقوم بتلبية المتطلبات، بما في ذلك اتخاذ خطوات لضمان الانتقال الديمقراطي.
ما هي رؤية الإدارة الأمريكية في تعاملها مع جماعات الإسلام السياسي وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين بمصر؟ ** نعتقد أن الحكومة المصرية تحتاج أن يكون لها نهج سياسي شامل، الأمر الذي يعني أنها تحتاج إلى إشراك وإيجاد سبل للتواصل مع الإخوان المسلمين. نعتقد أنه من المهم للغاية أن يكون للرئيس السيسي نهجاً سياسياً شاملاً. فيما يتعلق بالتحديات المتعلقة بالإخوان المسلمين نعتقد أنه يتعين على الحكومة المصرية إيجاد وسيلة لمخاطبتهم والتواصل معهم. ونحن نفهم أن الحكومة المصرية من جانبها تعتقد أن الإخوان المسلمين اختاروا سياسة المواجهة مع الحكومة، فبالتالي يتعين على الإخوان، إن أرادوا تحقيق المصالحة السياسية وإشراكهم، أن يبرهنوا أنهم لا يدعمون العنف وأنهم يريدون أن يكونوا جزء من الحل السياسي للمضي قدماً في مصر. * هل ستصر الإدارة الأمريكية على المطالبة بالعفو عن المسجونين الذي يقول أطرف عدة أنهم "معتقلون سياسيا" على عكس السلطات التي تقول إنهم موقوفون قانونيا؟ ** على الحكومة المصرية مراجعة جميع الأحكام السياسية والأحكام الصادرة خلال السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك المتعلقة بالصحفيين، والنظر في جميع سبل الانصاف، بما في ذلك العفو. ومن الواضح أن هذا يجعل من الصعب المضي قدما في الأشياء التي يريدونها. سنواصل إعادة تقييم علاقتنا. * ماذا عن سيناريو إعادة نشر قوات ولو محدودة لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق والشام والمعروفة ب"داعش"؟ ** الرئيس أوباما أمر بإرسال ما يصل إلى حوالى 275 فردًا من أفراد الجيش الأميركي إلى العراق لتقديم الدعم والأمن للعاملين الأمريكيين والسفارة الأمريكية في بغداد. سوف يقوم الأفراد بتقديم المساعدة إلى وزارة الخارجية فيما يتعلق بالانتقال المؤقت لبعض الموظفين من السفارة الأمريكية في بغداد إلى القنصليتين العامتين في البصرة وأربيل وإلى وحدة دعم العراق في عمان. وهؤلاء العسكريون الأمريكيون يدخلون العراق بموافقة حكومة العراق. سوف تظل السفارة الأميركية في بغداد مفتوحة، وستبقى أغلبية كبيرة من العاملين الموجودين في السفارة الأمريكية في العراق في مكانها، وسيتم تجهيز السفارة بالكامل لتنفيذ مهمتها الأمنية الوطنية المنوطة بها. * ما هو موقفكم من إعلان داعش "دولة الخلافة"؟ ** تشجب الولاياتالمتحدة بأشدّ العبارات الممكنة الاضطهاد الممنهج والمنتظم للأقليات العرقية والدينية على يد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). فلقد أثار سخطنا البالغ إعلان "داعش" الأخير بأن على المسيحيين في مدينة الموصل إما أن يعتنقوا الإسلام أو يدفعوا الجزية أو يغادروا المدينة؛ وإلا فسيواجهون الإعدام في الأيام المقبلة. هذه الأفعال المقيتة لا تسفر إلا عن تبيان مهمة "داعش" القائمة على تقسيم وتدمير العراق، ومخالفة روح الإسلام الداعية إلى التسامح والتعايش السلمي. وينبغي أن يكون واضحًا أن داعش لا تشكّل خطرًا على استقرار العراق فحسب، إنما هي خطر أيضًا على المنطقة برمّتها. ألا ترون أن فوز الرئيس السوري بشار الأسد يدفعكم لتغيير استراتيجية التعامل مع سوريا؟. ** الانتخابات التي جرت مؤخرا في سوريا ليست أكثر من مهزلة. نحن بالتأكيد نشعر بخيبة أمل لرؤية استمرار الأسد في انغماسه في التمثيلية هذه. الولاياتالمتحدة هي أكبر المانحين للمساعدات الإنسانية في سوريا، وذلك في محاولة لتلبية احتياجات أولئك الذين يفرون من العنف في سوريا. قدمنا هذا الدعم لشركائنا في المنطقة (دول الجوار) الذين يتحملون عبئاً كبيراً جداً لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية لهؤلاء الأفراد.
* قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مقابلة إعلامية سابقة إن إسقاط المعارضة السورية للأسد ضرب من الخيال، ألا ترون أن هذا يعد تناقضا واضحا في موقف الإدارة الأمريكية التي تقول إنها تدعم المعارضة السورية ومع ذلك ترى أن إسقاطها للأسد غير واقعي؟. ** ليس هناك تناقض. الولاياتالمتحدة تدعم المعارضة السورية المعتدلة التي تقدم البديل الأفضل لكل من النظام السوري والجماعات الإرهابية. نرى أن الائتلاف الوطني هو صوت لجميع السوريين الذين تعرضوا للاضطهاد من جانب النظام لعقود من الزمن. ونحن لا نزال على اتصال وثيق مع المعارضة وملتزمين بدعم جهودهم. *لكن لماذا يلمس الرأي العام العربي تراجع اهتمام الإدارة الأمريكية تجاه العراقوسوريا؟ ** في سوريا، فقد توصلنا الى اتفاق حيث أخرجنا 100٪ من الأسلحة الكيميائية الى خارج سوريا. وفيما يتعلق بالعراق، نحن نتواصل مع العراقيين لتشكيل الحكومة (لم تشكل بعد)، ولمساعدة العراقيين ليكونوا قادرين على اختيار حكومة وحدة تجمعهم معاً. لقد تم انتخاب رئيس البرلمان وهم على وشك انتخاب رئيس. نحن نعتقد أنها تتحرك إلى الأمام. نهنئ الشعب العراقي على انتخاب رئيس جديد للبرلمان سليم الجبوري ونائبيه ونراها الخطوة الأولى في عملية حاسمة لتشكيل الحكومة الجديدة التي يمكن أن تأخذ في عين الاعتبار الحقوق والتطلعات والمخاوف المشروعة لجميع الطوائف العراقية. وستظل الولاياتالمتحدة شريكاً ثابتاً في دعم نضالهم من أجل العملية الديمقراطية والتصدي لداعش، لقد اتخذنا خطوات جادة لإنهاء هذا الصراع. مع ذلك ليس هناك حل عسكري. هذا سوف يتطلب بعض الدبلوماسية الصعبة وهذا ما نؤيده بكل إخلاص.
كيف تتعاملون مع الوضع في ليبيا؟ وهل تقومون بالتدخل على غرار ما حدث إبان حكم معمر القذافي؟. ** نحن نشعر بقلق بالغ إزاء ارتفاع مستوى العنف في ليبيا، ونحن في وزارة الخارجية نعمل بشكل يومي على تقييم مستوى العنف ووضع موظفينا هناك وسفارتنا والطبيعة الشاملة للعنف. هذا العنف يهدد كل مصلحة داخل ليبيا وهو أمر خطير ويجب أن يتوقف. نحن نمارس جهود كبيرة لإيجاد التماسك السياسي الذي يمكن أن يجمع الناس ويخلق قابلية متمكنة أكثر في حكم ليبيا بحيث يمكن أن ينتهي هذا العنف. وسوف نستمر في التركيز على ذلك بدقة متناهية. ما هي أسباب ارتباك العلاقات بين الرياض وواشنطن؟ ** الولاياتالمتحدة والسعودية تتمتعان بعلاقات قوية جداً على جميع المستويات. يناقش كلا البلدين بانتظام القضايا ذات الاهتمام المشترك، وآخرها الوضع الحالي في العراق، والتهديد الذي يشكله "داعش" على استقرار العراق والمنطقة بأسرها. وعبر الرئيس أوباما مؤخراً عن شكره لتعهد ملك السعودية بقيمة 500 مليون دولار للمساعدة في تخفيف معاناة جميع العراقيين الذين نزحوا بسبب العنف، واتفق الرئيسان على مواصلة التشاور عن كثب حول التطورات الإقليمية.