حين تقرأ خبرأ بأن المقاطعة الفلانية في المانيا أو فرنسا أو أي دولة أوربية أخري تحتفل بمرور ثلاثين عاما أو أكثر علي إستمرار التيار الكهربي دون إنقطاع فأكيد أنك سوف تصاب بالإحباط واليأس وفقدان الأمل في الحاضر والمستقبل القريب والبعيد أيضا، وبكل تأكيد سوف يحدوك بقايا الأمل المفقود منذ لحظات بأن يأتي اليوم الذي تحتفل فيه مع اصدقائك أو مع اسرتك بمرور أربعة وعشرين ساعة كاملة دون إنقطاع التيار في عملك أو في ببيتك. وحين تقرأ عن إنخفاض معدل الجريمة إلي حد بعيد في كوريا الجنوبية وتقارن ذلك بمعدل الجريمة ونوعيتها والبلطجة في مصر فلامناص من أن يتملكك الغيظ والحنق والغليان الداخلي علي الاوضاع التي وصلنا إليها من قتل وسرقة وخطف وتجارة مخدرات وإغتصاب وتحرش وإرهاب ايضا، وبالتأكيد ستفقد الامل في الحاضر والمستقبل أيضا. وحين تعلم بأن حوادث الطرق في إنجلترا وصلت لأدني معدلاتها، وتعرف بأن مصر تحتفظ، ولا فخر، بالمرتبة الاولي علي مستوي العالم في حوادث الطرق، ويذهب في هذه الحوادث من الأرواح ما يزيد عن خمسة عشر ألف قتيل سنويا، وعشرات الآلاف من المصابين بما يفوق عدد الذين يموتون في بعض الحروب، فلا بد من أن بقايا الأمل الذي قد يكون مازال لديك ستتبدد. وحين تشاهد الأوضاع والتنظيم المروري في أي شارع من شوارع الدول المحترمة وتقارنها بالأوضاع وحركة المرور في الشارع المصري بصفة عامة وفي أوساط المدن بصفة خاصة حينها ستشعر بأن الوضع في الشارع المصري لا يختلف كثيرا عن الوضع في جبلاية القرود، مع الإعتذار للقرود، فكل قرد يصنع ما يحلو له وما يطق في نفوخه دون أدني إعتبارات لإخوته القرود، أعلم أن البعض سوف تأخذه العزة بالإثم وسيعترض علي ما ذكرته بأن ما يحدث في الشارع المصري مثلما يحدث بالجبلاية، ولكن هذا لا يتجاوز الوصف لواقع نحياه يوميا دون حدوث تغيير للافضل ولكن للاسف التغيير دائما ما يتجه نحو الاسوأ، وذلك دون محاولة منا للتغيير من سلوكنا ولو بقدر يسير كي نساهم في الإصلاح من حالنا القائم والذي لا يخفي علي القاصي والداني وعلي كل مراقب محايد، حين تقارن بين الحركة في شوارعنا وشوارع الدول المتقدمة حينها ستفقد الامل. حين تدخل لأي معمل بحثي في أصغر وأحدث كلية في بلاد واق الواق وتقارنه بالمعامل في أعرق المؤسسات البحثية أو الكليات الجامعية في بلادنا من حيث كم الاجهزة والمعدات ونوعيتها فلا شك بأنك ستدرك أن الفرق بيننا وبين هؤلاء البشر كالفرق بين اقصي الشرق واقصي الغرب، ولشديد الأسي والأسف فأنا كباحث وأكاديمي أوقن أن التقدم والإزدهار لا يولد إلا من رحم هذه المعامل دون سواها وهذا ما لا نملكه، وعند المقارنة الظالمة قد تصاب بنوبة من الإكتئاب قد تدوم طويلا ويليها فقدان الامل. وحين تدخل لأي قسم شرطة في دولة من الدول التي تحترم الإنسان ايا ما كانت جنسيته أو ملته أو لونه وتري مدي الآدمية التي يتعامل بها الضباط مع البشر وتقارن بين ذلك وبين ما يحدث بأقسام شرطتنا قبل الثورة وبعدها، سيتبدد حينها بقايا الأمل. وحين....... وحين، مئات المقارنات التي تبعث علي فقدان الامل، ولا استثني أحدا من التقصير الباعث علي اليأس والإحباط وفقدان الامل، المواطن قبل الحكومات، والوزير والخفير والرئيس والمرؤوس والتقي الورع والشقي والغني والفقير والرجل والمرأة والشاب والكهل والشيخ، كلنا في الذنب سواء. لا تنتظر الحل من رئيس أو من حكومة، فالحكومات لن تستطيع وحدها - إن أخلصت النوايا - حل مشكلاتنا الأكثر تعقيدا مما تتخيل، والباعث الوحيد علي الأمل المفقود يا سيدي هو أنت ثم أنت، أنت من سيغرس الأمل في النفوس ويصنع الفارق كي نصل إلي ما وصلت إليه الامم المتقدمة، فعار علي الأمة التي أنارت للبشرية مصابيح التقدم أن تستمر في ذيل الأمم بلا أمل. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.