دعا مثقفون وسياسيون إلى إجراء محاكمة "علنية" للرئيس السابق حسني مبارك ورموز النظام السابق المتهمين في قضايا الفساد والتحريض على قتل المتظاهرين، على أن يتم بث تلك المحاكمة على شاشات التلفزيون المصري "مباشرة"، في الوقت الذي يُحظر فيه على وسائل الإعلام التقاط أي صور للمتهمين أثناء المحاكمة، بينما لم تظهر صور للرئيس المخلوع منذ الإطاحة به في 11 فبراير الماضي. وتبنى المطالبة بذلك الدكتور يحيي القزاز، القيادي البارز بحركة "كفاية"، لأن الأصل في المحاكمة "العلانية"، ولأن مبارك ورموز نظامه ليسوا بأفضل من أي مواطن مصري ومحاكمتهم بالقانون واجبة، لكنه في الوقت ذاته طالب بأن تكون المحاكمة في مكان مغلق حرصًا على سلامتهم، وأن يتم نقل محاكمتهم عبر الفضائيات على الهواء مباشرة أسوة بمحاكمة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ونظامه. وكشف القزاز ل "المصريون" أن عددًا كبيرًا من القضاة أيدوا تلك الفكرة، خاصة مسألة المحاكمة "العلانية"، لكن البعض منهم تخوف من أن يكون بها شق استعراضي عند مخاطبة الجمهور، إلا أن البعض الآخر اقتراح أن يكون هناك التزام بقضايا الدفاع، وإذا ما حدث استعراض فتستطيع المحكمة أن تحجب الصوت، مؤكدا أن هذا المقترح يحظى بتأييد كبير من الشباب على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وبرر القزاز إطلاق هذه الفكرة لأسباب عدة، من بينها أن "الأصل في المحاكمة هي العلانية"، إلي جانب الانفلات الأمني الذي تعاني منه البلاد، وعدم وجود قوات أمن كافية لتأمين محاكمة مبارك ورموز نظامه الفاسد، مشيرًا إلى أن هناك همسًا يدور حول قيادات شاركت الرئيس السابق صفقات الأسلحة وتريد أن تخفي هذا من خلال عدم تقديمه للمحاكمة، وإذا حدث ذلك لا تكون المحاكمة علانية، حتى لا يفتضح أمرها. وأوضح أنه أخذ رأي المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض حول تلك المسألة فأكد له أن الأصل في المحاكمة هي العلانية وهو حق أصيل وهذا يخضع للقاضي ولا علاقة لمجلس القضاء الأعلى بإصدار قرارات لهذا النوع وإن أصدر قرارًا بمنع بث تلك المحاكمة تليفزيونيا أو عكس هذا فهو غير ملزم للقاضي، لكنه أبدى تخوفه من أن يكون هناك ميل للاستعراض من جانب هيئة الدفاع على حساب الموضوعية. وطالب المجلس العسكري أن يستجيب لمطلب الجماهير بإجراء "محاكمة علانية" لمبارك ورموز نظامه يتم بثها تليفزيونيا، خاصة في ظل الظرف الاستثنائي، وحتى تتأكد الثقة المتناهية في القوات المسلحة وفي قيادتها وتبرأ ذمتهم من أية شكوك قد يثيرها البعض. لكن المحامي مختار نوح استبعد أن يحضر الرئيس السابق تلك المحاكمات، وتوقع أن يكون رده على المحكمة" "أحكمي باللي يعجبك"، لأنه سوف يعترض علي أي صورة من صور المحاكمات. مع ذلك أيد نوح فكرة البث المباشر للمحاكمة ووصفها بأنها جيدة وذكية ومدروسة وستلقي قبولاً، مفضلا أن يكون الإعلان عن قرار الإحالة بصورة علانية أمام الجماهير حتى إذا ما أراد الرأي العام أن يضيف شهودًا إلى الوقائع فإنهم يتقدمون بأسمائهم إلي النيابة أو إلى المحكمة المختصة كي تسمح بهذا. وقال إنه شخصيًا يريد الإدلاء بشهادة في جريمة القتل العمد للمواطن عبد الحارث مدني، بوصفه شاهد إثبات، لأنه كان شاهدًا على ذلك واطلع على التقرير الطبي الذي يؤكد تعرضه للتعذيب لكن رئيس الجمهورية ووزير الداخلية أمرا بحفظ التحقيقات في القضية والإفراج عنه ومن معه من المسجونين حتى يتم حفظ القضية. وتساءل نوح عما إذا كانت النيابة ستنظر هذه القضية أم لا؟ وهل ستحاسبه على 600 شخص قتلوا بأوامر من الرئيس السابق شخصيًا، لأن وزير الداخلية ما كان ليقدر أن يقتل أحدًا بالتعذيب إلا بتفويض من رئيس الجمهورية، لذا فلابد للنيابة العامة من باب الشفافية أن تعلن ما هو قرار الإحالة التي ستحاسب عليه الرئيس السابق: هل هو مجرد واقعة بعينها أم يشمل الجرائم الجنائية على مدار فترة حكمه التي امتدت لنحو 30 عامًا، لكون تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم. وأكد نوح أن الوحيد الذي له حرية تحديد واتخاذ قرار بث المحاكمة بشكل مباشر وعلني هو القاضي المختص بالقضية، فهو من يحدد كيفية إدارة المحاكمة والجلسة، وأي تدخل من أي جهة يؤثر على نزاهة القاضي وعلى حياده، موضحًا: لذلك فليس لأحد أن يقترح مثل هذا الاقتراح إلا علي رئيس الدائرة المختص، ولا يجب اقتراحه على المجلس العسكري أو رئيس الوزراء.