تباينت ردود أفعال عدد من الخبراء العسكريين حول مطالب المتظاهرين فيما سمى ب«جمعة الغضب الثانية»، وإن كانوا اتفقوا على «حق الجميع فى التعبير عن الرأى». اللواء ممدوح شاهين، نائب وزير الدفاع للشئون القانونية وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قال إن المطالب التى رفعها المتظاهرون أمس الأول «أغلبها مطالب قديمة ومكررة وغير منطقية»، مشيرا إلى أن المظاهرات «لم تكن حاشدة». ولفت شاهين فى تصريحات خاصة إلى أن الشعب المصرى «قال نعم فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية يوم 19 مارس الماضى بنسبة 77% ليس فقط على مواد الاستفتاء ولكن أيضا على أداء المجلس العسكرى فى إدارة البلاد، خصوصا أن النتيجة خرجت بأغلبية ساحقة بمعدل 14 مليون مصرى مقابل 4 ملايين فقط قالوا لا فى الاستفتاء، وبالتالى فإن مطالبات البعض بعمل مجلس رئاسى أو دستور جديد قبل الانتخابات البرلمانية هى افتئات على نتيجة الاستفتاء على حساب رأى الأغلبية من قبل الأقلية، ولو أردنا ديمقراطية فعلينا الالتزام بما تسفر عنه الممارسات الديمقراطية كنتيجة الاستفتاء الأخير»، وطالب شاهين وسائل الإعلام ب«مراعاة مصلحة البلد والدقة فى النقل» وأضاف: «النقد البناء أيضا مكفول ولكن ليس النقد الجارح». وحول المطالب التى رفعت فى الميدان، أوضح: «هناك مطالب انتهت أصلا.. واحد بينادى بيقول عايزين مجلس رئاسى، مجلس رئاسى فين، والشعب من خلال الاستفتاء منح شرعية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، مافيش حاجة اسمها مجلس رئاسى وقرابة 80% قالوا نعم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة». وحول مطلب تسريع المحاكمات، أعرب اللواء شاهين عن تخوفه من أن يتسبب ذلك فى «ظلم للمتهمين»، وطالب بترك القضاء يأخذ مجراه، مشيرا إلى أنه «لابد أن يعمل الجميع على تحقيق العدالة الناجزة، لكن بعض الأصوات تطالب فقط بتحقيق الإنجاز دون الاهتمام بتحقيق العدالة»، وبخصوص «البطء الملحوظ فى محاكمة رموز النظام السابق وعلى رأسهم الرئيس المخلوع حسنى مبارك مقابل سرعة محاكمة البلطجية أمام القضاء العسكرى» بحسب المتظاهرين، قال شاهين «هناك فرق فى نوعية القضايا التى ينظرها القضاء العسكرى عن تلك التى ينظرها القضاء المدنى، فقضايا البلطجة تتوافر فيها جميع الأدلة خصوصا أن المتهم يتم ضبطه من قبل الشرطة العسكرية متلبسا وبالتالى فلا مجال للبطء، لكن قضايا غسل الأموال وقتل المتظاهرين تدخل فيها تحقيقات النيابة وأدلة الثبوت ومناقشة الشهود وسماع طلبات الدفاع حتى تتحقق العدالة، وبالتالى لابد أن أعطى المتهم فرصة للدفاع عن نفسه، وتلك القضايا لابد أن تستغرق وقتا بصرف النظر عما إذا تم نظرها أمام القضاء العسكرى أو القضاء المدنى، كما أن المحاكمات تسير بسرعة ملحوظة رغم كل ما سبق». وأكد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة «لا يتحرك وفقا للضغوط عليه وكل القرارات التى تصدر وإن تصادفت مع أى مظاهرات أو تطورات أخرى، فهى لا تعنى ارتباطها بتلك التظاهرات، ولكنه تصادف فى التوقيت، فكل قرار يأخذه المجلس فى وقته وفقا لما يراه بعد دراسة الأمور». اللواء حمدى بخيت، الخبير الاستراتيجى العسكرى، اعتبر ما حدث يوم الجمعة «أمرا منطقيا» مرجعا ذلك إلى أن «الثوار كانوا يتوقعون سرعة فى اتخاذ القرارات التى تتفق مع توجهات الثورة». وأضاف: «القائمون على إدارة شئون البلاد ممثلين فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة أخذوا على عاتقهم أن تسير الأمور طبقا للدستور والقانون حتى تكون صورة الثورة جيدة على المستوى العالمى، ولكى يكسبوا الثورة شرعية قوية ومكانة كبيرة وهو الأسلوب الذى يأخذ وقتا طويلا لتحقيق المطالب الثورية بخلاف الأسلوب الذى يتبع الحسابات بالقوانين الثورية وهى نقطة تحسب للثورة ولمصر، بالإضافة إلى أن الحكومة الموجودة ليست بالكفاءة فى الأداء فيما يتعلق بقدرتها على مواكبة سرعة مطالب الثورة». وتابع: «الوزراء جميعهم فى حالة من عدم الاستقرار بسبب الفساد السابق والتدهور الحالى وبالتالى كل الأيادى كانت مرتعشة». وقال اللواء بخيت: «أنصح بأن يستمر الناس فى مطالبهم لأن مفيش حاجة اسمها نص ثورة أو ربع ثورة، لكن على أن يعبر عن المطالب بما لا يؤثر على الأمن ولا على الاستقرار، وبطريقة تضع الاقتصاد المصرى فى إطار يستطيع منه أن ينطلق من جديد». وشدد الخبير العسكرى على أن ما حدث يوم الجمعة الماضى «لا علاقة له بالتصويت على الاستفتاء على التعديلات الدستورية، لسبيين: الأول أن المتظاهرين كانوا يريدون نشر الاستقرار والأمن، والثانى أن من يحلمون بعمل مجلس رئاسى لا يعلمون حيثياته، ولا يستطيعون الإجابة عن العديد من الأسئلة ومنها: من يمثلهم فى هذا المجلس، وهل يصح أن نضع سلفيا وإخوانا مسلمين فى مجلس رئاسى؟». وشدد على أن مثل هذا المجلس «يحتاج أشخاصا متآلفين ومنسجمين»، وتساءل: «الناس الذين أنتجتهم الثورة هل يحققون الانسجام فى المجلس الرئاسى؟». اللواء عبدالمنعم كاطو، المستشار بإدارة الشئون المعنوية والخبير العسكرى، قال إن ما يطلق عليه إعلاميا (يوم جمعة الغضب)، حقق «فشلا ذريعا، بل إنه أيقظ الأغلبية الصامتة فى مصر والضمير المصرى الذى يخاف على البلد بمن فيهم شباب الثورة». وقال قاطو: «من الواضح أن الذين قاموا، أمس الأول، بمظاهرات فى ميدان التحرير، هم مدفوعون من قبل قوى سياسية معينة تهدف إلى فرض إرداتها على الأغلبية، فأهداف ثورة 25 يناير كانت العدالة والحرية والديمقراطية أما هؤلاء الذين نظموا المظاهرة ويريدون إلغاء تلك الأهداف». وأشار إلى أن «هناك رغبة من قبل هؤلاء فى تغيير مسار الثورة، فالمطالب التى نادى بها هؤلاء، كان من بينها محاكمة الرئيس السابق مبارك، وأنا أتساءل: كيف ندخل فى حكم متسرع وفى الوقت نفسه نطالب بتطبيق العدالة؟، فلابد أن تأخذ العدالة مجراها فى كل شىء ونطبق سيادة القانون». وعبر كاطو عن مخاوفه من «محاولات تشويه صورة مصر بعد الثورة، وذلك من خلال محاولات التشكيك فى كل عمل»، داعيا إلى ضرورة «قراءة التاريخ والتعلم منه»، مشيرا إلى ثورة 1919 «حينما دمر أبناء الثورة ثورتهم». واعتبر اللواء عبدالمنعم سعيد (جمعة الغضب) بأنها كانت «يوما عاديا جدا بعكس ما كان متصورا من حدوث مشكلات»، مشيرا فى الوقت ذاته إلى أنه «من حق الشعب التعبير عن مطالبه ولكن على المسئولين أن يروا ما يمكن تحقيقه وما لا يمكن تحقيقه فى ظل الظروف الحالية التى تمر بها البلاد». وقال: «هناك مجموعة محددة هى التى تطالب بمجلس رئاسى ولكن الأغلبية تطالب بوجود المجلس، وما تراه الأغلبية هو الأنسب فى ظل الوقت الحالى لأنه فى حالة وجود مجلس رئاسى ستصبح هناك خلافات عند أخذ قرار فى أحد الأمور نظرا لتعدد أعضائه واختلافهم ونحن نريد أن نمر بالمرحلة الحالية دون خلاف».