أشعل بيان التأييد الذي أصدره ممدوح نخلة مدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان لمساعي رئيس منظمة أقباط المهجر عدلي أبادير لتدويل قضية الأقباط في مصر وعرضها على الأممالمتحدة القلق والغضب في الأوساط القبطية سواء أكانت دينية أو علمانية ، خاصة وأن نخلة اعتبر التدويل بمثابة الخطوة البداية لحل مشاكل الأقباط . وكشفت مصادر عن أن بيان نخلة قد واجه توبيخا شديدا من القيادات الدينية القبطية ، وأن البابا شنودة أبدى غضبه من تأييد نخلة لمساعي أبادير ، ووبخه على هذا التصرف غير المقبول ، باعتبار أن البيان قد يستغل من الكثيرين لوصم الأقباط بالخيانة والعمالة وتبني أجندات خارجية لانتزاع تنازلات من النظام. واعتبرت العديد من المصادر القبطية هذا البيان غير موفق وجاء في توقيت سيء سياسيا ودينيا لخدمة أعداء مصر الذين لا يهمهم من قريب أو بعيد مصلحة الأقباط بقدر أنهم يعتبرون هذا الملف بمثابة حصان طروادة للإضرار بالأمن والاستقرار في مصر. وحذرت المصادر من أنه في حال استمرار هذه الدعاوى لتدويل ملف الأقباط في مصر فإن تكرار السيناريو العراقي وارد ، وأن الأقباط سيكونون أول من يكتوي بنيرانه ، وأن التجارب أثبتت أن التدخل الدولي دائما ما أثر بالسلب على مصالح الأقباط في مصر. من جانبه ، أكد المفكر القبطي جمال أسعد عبد الملاك أن تدويل مشكلة الأقباط بهذا الشكل سيصعب من حلها خاصة وأن الضغوط والأوامر الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن تتجاوب لها الحكومات والأنظمة العربية خوفا من الإدارة الأمريكية ولكن الغالبية المسلمة من المواطنين ستنظر إلى هذه الضغوط على أنها موجهة إليها وتستهدف النيل من استقلالها الوطني وسينظرون إلى الأقباط باعتبارهم سببا في هذا التدخل وبالتالي يمكن أن يترتب على ذلك ممارسات طائفية وقد يمثل ذلك كارثة تاريخية على الطرفين. ورأى أسعد أن مشاكل الأقباط في مصر لا يمكن أن تحل بعيدا عن التشكيلة المصرية ولابد وأن يتم ذلك من خلال أطراف المشكلة الثلاث ، وهم الأقباط والمسلمون والحكومة ، وعلى أرضية وطنية فهذه المشاكل تراكمت عبر موروثات تاريخية اجتماعية وسياسية ولا يمكن لقرار سياسي دولي أن يحلها على حد قوله. وأشار أسعد إلى أن أقباط المهجر يستغلون الأوضاع السياسية والمناخ السائد في الشرق الأوسط ، من مشاكل العراق ودارفور ولبنان ، لطرح قضية الأقباط بشكل سياسي في سياق فرض الأجندة التي تسعى الإدارة الأمريكية فرضها على منطقة الشرق الأوسط ، مؤكدا أن هذا المخطط لن يكتب له النجاح لأن الاستعمار البريطاني للدول العربية سبق وأن استغل قضايا الأقليات لصالح أجندته السياسية ولكنه فشل في ذلك وهو ما تسعى إليه الإدارة الأمريكية في الوقت الحالي. من جانبه ، رفض هاني لبيب الباحث القبطي ما فعله أبادير مشيرا إلى أهمية حل مشاكل الأقباط في السياق الاجتماعي والسياسي المصري فهي ليست قضية دولية فالأقباط جزء من النسيج الوطني العام ويختلفون عن الأقليات الموجودة في الأقطار والدول العربية الأخرى فهم ليسوا أكرادا أو أمازيغ. وشدد لبيب على أن أقباط المهجر الذين يطرحون هذا الملف يتعاملون معه من خلال المنظومة التي تحكم الولاياتالمتحدة والدول الغربية الأخرى ويتجاهلون الظروف السياسية والاجتماعية المصرية التي تحيط بالأقباط ، مشددا على أن أقباط المهجر الذين يطرحون هذا الملف لم يقدموا أي أطروحات أو مقترحات جادة لحل هذه المشكلات وإنما يفعلون ذلك بهدف إحداث فرقعة إعلامية ليس إلا. في المقابل ، أكد المستشار نجيب جبرائيل الناشط القبطي ورئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان أنه يتفق مع عدلي أبادير في الهدف وهو حل مشاكل الأقباط ولكنه أختلف معه في الوسيلة وهي طرح المشكلة دوليا ، رافضا بشدة التدخل في شئون مصر جملة وتفصيلا. وأضاف جبرائيل قبل أن نلوم أبادير على طرح الملف الدولي بالأممالمتحدة يجب أن نلوم أو نحاسب من دفعوا بهذا الملف إلى المنظمة الدولية وهم بالطبع الذين وقفوا وراء أحداث الكشح أولا وتصعيد أزمة محرم بك ، وهم من يقفون وراء منع إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة ويقفون وراء وجود الخط الهمايوني الجاسم على صدور الأقباط منذ 15 سنة والذين وقفوا وراء أحداث العياط والعديسات. لكنه شدد على أن حل هذه المشاكل لابد وأن يأتي في إطار وطني من خلال حلول جذرية وليست مسكنة أو ترقيعه. وعلى خلاف ما سبق ، قلل الدكتور محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام من أهمية ما فعله أبادير ، مشيرا إلى أنها مجرد شكوى إلى إحدى اللجان التمهيدية العاملة في مجال حقوق الإنسان والتي تهتم بانتهاكات حقوق الأقليات ولن يتم طرحها على الجمعية العمومية مثلا لأنها ليست أزمة محددة مثل مشكلة دارفور. وشدد سعيد إلى أن هذه اللجنة ستطالب مصر بتقديم مذكرة تفسيرية وتوضيحات حول هذه الشكوى وهذا يحدث منذ 15 عاما حيث دأب بعض أقباط المهجر على تقديم مثل هذه الشكاوى.