أكد الباحث التونسي هيكل محفوظ أن التطورات التي عرفتها المنطقة العربية، والتي أدت إلى سقوط أنظمة كانت تمثل درعاً واقية ضد الإرهاب، وأن حصول ثورات شعبية تبشر بقدوم عصر ديمقراطي. وقال محفوظ "إن هذه المرحلة الديمقراطية الجديدة تمثل خطراً على الجماعات الإرهابية، التي كانت تستمد جزءاً من شرعيتها من مقاومة الأنظمة الاستبدادية، فالإرهاب لا يمكن أن يعيش ضمن مناخ ديمقراطي". وأضاف هيكل محفوظ وهو مختص في القانون العام بالجامعة التونسية ومستشار بمركز التنمية الديمقراطية للقوات المسلحة لإفريقيا والشرق الأوسط بجنيف، "أن خطر الإرهاب موجود ويعد من المخاطر التي تهدد الدول والشعوب، ويخطأ من يقول إن القدرة العملية للإرهاب قد تقلصت جراء المقاومة الشرسة التي قوبل بها من قبل الأنظمة القائمة أو التي كانت موجودة في تونس ومصر، برغم كونها قلصت نسبياً من خطورته". توجّه إرهابي لضرب المسار الديمقراطي وبيّن الأستاذ محفوظ "أن هناك إرادة وتوجهاً من الحركات الإرهابية لضرب المسار الديمقراطي الآخذ في التشكل، حتى يصبح لها مبرر للوجود والاستمرار، وأن عمليات مثل التي حصلت في منطقة الروحية أخيراً، كانت متوقعة، وهي ردة فعل الضعيف أمام قوة المد الديمقراطي الذي تشهده تونس والمنطقة العربية. وما حصل قد يشوش ويبعث على التشكيك في مسار الانتقال الديمقراطي، لكنها في الواقع لا تعدو أن تكون غير رقصة ديك مذبوح، فإرادة الشعوب في التحرر وإنجاز الانتقال نحو الديمقراطية هي التي ستنجح، فالمجتمعات هي التي ستنجح في دحر الإرهاب، بعد أن فشل الخيار الأمني الذي تبنته الأنظمة". ويجمع التونسيون حكومة ومعارضة على أن عدم حسم الصراع في ليبيا بسرعة، قد يهدد بتحويل المنطقة إلى ساحة وأرضية لأنشطة وتحركات الجماعات الإرهابية، وأساساً لتنظيم القاعدة، التي أصبح في مستطاعها الحصول على أسلحة متطورة يمكن استعمالها في تهديد الأمن القومي لدول شمال إفريقيا والشرق الأوسط. ما يجعل المنطقة مقدمة على "سيناريوهات كارثية"، على حد تعبير أحد الخبراء في الجماعات المتطرفة. خصوصاً أن تنظيم القاعدة يحوز على بنية تحتية في منطقة الصحراء، كما أنه يريد الانتقام لمقتل بن لادن. إن المشاهد التي تتناقلها الفضائيات من مختلف مناطق الصراع في ليبيا شرق وغرب البلاد، والمتمثلة في سقوط قطع أسلحة متنوعة في أيدي "عابري السبيل"، لا تبعث على الشعور بالأمان، وتفرض على المجتمع الدولي ضرورة التحرك وبسرعة لتجنب تكرار سيناريو أفغانستان والعراق والصومال.. فالحكمة تقتضي الاتعاظ من الدروس السابقة، في زمن ليس ببعيد. أول تجمع سلفي "جهادي" معلن في تونس عقدت جماعة أنصار الشريعة منذ أيام مؤتمراً شعبياً في أحد ضواحي العاصمة تونس، تحت شعار "اسمعوا منا ولا تسمعوا عنا"، وفقاً لما نقلته جريدة "الفجر" في عددها الصادر الجمعة 27-5-2011. ويعد هذا أول مؤتمر علني للتيار السلفي "الجهادي" في تونس. إضافة إلى تزايد حضور هذه الجماعة، الذي أصبح ملحوظاً في الشارع وفي المساجد، وأثناء بعض الأعمال الخيرية في الجنوب التونسي على خلفية تقديم المساعدات للهاربين من الحرب في ليبيا. ويأتي هذا البروز العلني والإعلامي أيام قليلة بعد حصول مواجهات وتبادل طلق ناري بين الأمن والجيش التونسي، وعناصر إرهابية في منطقة الروحية (محافظة سليانة شمال غربي العاصمة تونس). ما نجم عنه قتل عنصرين من الجيش التونسي أحدهما برتبة عقيد، كما تم قتل عنصرين إرهابيين، وحملت السلطات الأمنية ما وقع إلى تنظيم القاعدة. وتعد هذه العملية الأولى من نوعها منذ قيام الثورة التونسية، في 14 يناير 2011. وقد سبق لتنظيم القاعدة أن فجّر كنيس الغريبة بجربة سنة 2002، وأحداث منطقة سليمان في نهاية 2006 ومطلع 2007 بسليمان بمنطقة الوطن القبلي بشمال البلاد التونسية.