تظاهر عشرات الآلاف من النشطاء السياسيين في ميدان التحرير أمس الجمعة استجابة لدعوة إلى ما سمى "جمعة الغضب" حيث قدرت مصادر إعلامية مثل قناتي الجزيرة وقناة العربية وشهود عيان ومراسلي المصريون أن ما يتراوح بين أربعين إلى خمسين ألف مواطن شاركوا في مظاهرة ميدان التحرير ، وهو عدد أقل بكثير مما كان يأمل فيه منظموا التظاهرة . وقد بدا تأثير غياب نسبة كبيرة من الإخوان المسلمين والتيار السلفي عن المظاهرة على عملية الحشد مما عكس حالة من العصبية في كلمات بعض المتحدثين في الميدان ، حيث تعرضوا بالنقد والتشهير العنيف للإخوان والإسلاميين ، واعتبروا أن المظاهرة ناجحة رغم مقاطعة الإخوان والتيار الإسلامي لها . ولوحظ أن الاهتمامات اختلفت بين المشاركين في المظاهرة ، وأن المشاركين كانوا يحملون مطالب مختلفة عن بعضهم البعض ، وكان القاسم المشترك بين الحضور الدعوة إلى سرعة محاكمة الرئيس السابق مبارك وأركان نظامه ، و تطهير البلاد من رموز الفساد والتعجيل بالمحاكمات العلنية وإقالة رؤساء الجامعات والمحافظين من النظام السابق وإصدار قرارات سريعة تساعد على حل مشكلة البطالة ورغيف العيش ، بينما ركز آخرون مطالبهم على عزل وزراء حكومة شرف الجديدة المحسوبين على النظام السابق وفي مقدمتهم الدكتور يحيى الجمل الذي ظهرت صورته في بعض اللافتات بجوار مبارك وأسرته . بينما لوحظ أن مجموعات فئوية قصدت الميدان لعرض قضاياها الخاصة ومشكلاتها مثل بعض موظفي هيئة قناة السويس الذين نقلوا اعتصامهم من الإسماعيلية إلى الميدان مطالبين بإقالة رئيس الهيئة الفريق أحمد فاضل . ودعا متظاهرو التحرير إلى ضرورة محاكمة المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات لقيامه بإخفاء تقارير فساد الرئيس السابق وأعوانه وكذلك منعه للرقابة على رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية ومجلس الوزراء وعدم قيامه بإبلاغ النائب العام بأى تقارير فساد على مدى 12 عاما طوال فترة رئاسته للجهاز حسب قولهم. وكانت مجموعة من المشاركين في المظاهرة قد تحدثت عن الدعوة إلى مجلس رئاسي مدني وتأجيل الانتخابات البرلمانية وإعداد دستور جديد قبل انتخابات البرلمان ، إلا أن غالبية الحضور لم يبد اهتماما بتلك الدعوة . على جانب آخر ، تظاهر الآلاف من المواطنين أمام ساحة الحسين وجامع الأزهر الشريف احتجاجا على مظاهرات (جمعة الغضب الثانية) التي شهدها ميدان التحرير . وأكد المتظاهرون أن تلك المظاهرات تؤدى الى توقف عجلة العمل والانتاج فى تلك الفترة الدقيقة والحساسة من مستقبل البلاد، وتعمل على إشاعة الفوضى فى الوقت الذى تحتاج فيه الثورة الى الاستقرار، مطالبين بإتاحة الفرصة لحكومة الدكتور عصام شرف والمجلس العسكرى لتنفيذ مطالب الثورة ودفع مصر لطريق الديمقراطية ووضعها على خريطة الدول المتقدمة. ورفض المتظاهرون التشكيك فى قدرة المجلس العسكرى على قيادة المرحلة الانتقالية، مشيرين الى أن الجيش الذى حمى الثورة منذ مهدها وقام بتأمين نجاحها هو الوحيد القادر على إدارة دفة الحكم فى البلاد فى تلك المرحلة الصعبة التى يمر بها الوطن وسط محاولات فلول النظام السابق لإجهاض الثورة. وأكدوا رفضهم التام لتجاوز الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذى جرى فى 19 مارس الماضى وأفضى الى إجراء الانتخابات البرامانية ثم إنشاء أو انتخاب لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، وذلك بعد مطالبة بعض القوى السياسية المؤيدة والداعية لمظاهرات (جمعة الغضب الثانية) بوضع دستور جديد للبلاد وإرجاء الانتخابات البرلمانية الى ما بعد الانتهاء من وضع الدستور الجديد. كما طالب المتظاهرون المجلس العكسرى والنائب العام بالإسراع فى وتيرة محاكمة رموز النظام السابق وتقديمهم للعدالة فى أسرع وقت ممكن ومصادرة جميع أموالهم لصالح الشعب، وكذلك محاكمة جميع المسئولين عن قتل شهداء الثورة. واسترجاع كل أموال الشعب المنهوبة، ومحاكمة كل من شارك أو ساهم أو تواطأ في نهب ثروات البلاد، والإشراف القضائى والحقوقى الكامل على جهاز الأمن الوطنى الذى تم استحداثه بوزارة الداخلية فى مارس الماضى كبديل لجهاز مباحث أمن الدولة المنحل، وإلغاء إحالة المدنين إلى قضاء عسكرى وإعادة محاكمة كل المحكوم عليهم بأحكام عسكرية وتحويلهم إلى المحاكم المدنية. وفي الاسكندرية تجمع المواطنين أمام مسجد القائد ابراهيم عقب صلاة الجمعة، وتنوعت المطالب حول ضرورة وضع دستور اولا قبل الانتخابات، واخري تطالب بحل المشكلات الامنية ، واعادة هيكلة الاجور، الى سرعة صرف تعويضات للمصابين والعلاج على نفقة الدولة. وكان الاف المواطنين قد توافدوا منذ الصباح على ميدان التحرير للمشاركة فيما أطلق عليه ب(جمعة الغضب الثانية) والتى دعت اليها العديد من القوى والتيارات السياسية المختلفة من أجل تحقيق ما أسموه بتصحيح مسار الثورة. وفي هذا السياق هاجم د. مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد عمر مكرم خلال خطبته فى ميدان التحرير اليوم الجمعة الدعوات التي يقودها الإعلام الحكومي لمنع التظاهرات وانتقاد عودة الثوار إلى ميدان التحرير مرة أخري قائلا: "أدخلوا الشعب السجون لكي تمنعوا التظاهرات". قال :إن" الثوار كانوا علي حافة الاستشهاد من أجل تحرير مصر من القتلة والفاسدين ولن نسمح لأحد ان يمنعنا من استكمال ثورتنا ضدهم واذا ارادوا حرماننا من حقنا فى التظاهر فليحسبونا". وأوضح شاهين أن الثوار كانوا يطالبون بإقامة محاكم ثورية وإحضار جميع الفاسدين إلى ميدان التحرير ومازلنا قادرين على اقامة المحاكم الثورية وان ننصب المشانق لإعدام القتلة لكننا اخترنا منذ اللحظة الأولي أن تكون المحاكم مدنية لتعبر عن أخلاق الشعب". وتابع:" ان الشعب لن ينسي دماء الشهداء ولن نعفو او نتصالح مع قاتليهم وان التاريخ والله عز وجل سيحاسبنا فى حالة التسامح او التهاون مع هؤلاء القتلة". واضاف:" كنا مشاريع شهداء خرجنا فى الميدان لننادي بالحرية والعزة واسترداد اموال الوطن و ثورة 25 يناير مازالت مستمرة "، مستنكرا "اجراء الحكومة حوار وطني وإحضار عدد من الفاسدين ورموز النظام السابق الذين عبثوا بالوطن ولماذا نتحاور معهم وطالما اننا مازلنا نعمل بعقلية ماقبل 25يناير لتركنا الوزراء فى اماكنهم وكنا جلسنا فى بيوتنا مؤكدا اننا جربنا هؤلاء الفاسدين لعشرات السنين وكانت النتيجة السرقة والقتل والنهب ". وتحول الخطيب الي واقعة تحويل مدرس زفتي الي الجنايات، قائلا: "إن مدرسا قام بضرب التلاميذ بالمسطرة تم تحويله فورا الي الجنايات لماذا يتباطؤن مع قتلة اولادنا ولم يعاملوهم بالمثل" قائلا: "يالهذا العبث قتلوا اولادنا ويريدوننا نتصالح معهم". واشار شاهين الى "ان الميدان يجب ألا يرفع اي راية حزبية وسيظل تحت راية مصر وستبقى راية مصر عالية خفاقة إلي ابد التاريخ ولن نسمح لمن يحاولون الفتنة بيينا وبين المجلس العكسري لن نسمح لهم القوات المسلحة خرجت لحماية ثورتنا ولكن عتابنا إليها عتاب الاخ لأخيه وهو ألا يصدروا مستقبليا اي قرارات دون الرجوع للشعب ". وفي ختام الخطبة طالب شاهين بالاطاحة برؤساء الجامعات قائلا: "لماذا الاصرار علي هؤلاء الاشاوس الذين يدور حولهم الدوائر والشبهات ". كما ناشد شاهين القوات المسلحة بان تعمل على تفرقة كبار المسئولين المتواجدين فى سجن طرة، مؤكدا انهم يقيمون قاعة مؤتمرات من هناك للثورة المضادة ولن يكونوا رحماء بالشعب فى حالة انتصارهم، كما طالب رجال الشرطة بأن تعمل علي استغلال فرصة المصالحة مع الشعب وان تنزل لحماية المواطنين .