ها قد أذن شعبان أن يرحل، ونقترب من واحة رمضان الظليلة،فعلى العاقل وممن يترقب مواسم الخير وأوقات القبول وميادين السباق أن لا يغفل عنها وينتبه،وليكن له من مرور السنين عبرة وليتذكر قوله سبحانه:(وهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ والنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) وقوله تعالى"وتلك الأيام نداولها بين الناس" وقول النبي صلى الله عليه وسلم"إن لله في أيام دهره لنفحات،ألا فتَعَرَّضُوا لها". لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو حِسًّا مرهفًا، فما أن يهل هلال شهر رجب حتى يقول "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبَلِّغنا رمضان"وكان صلى الله عليه وسلم أكثر صيامه بعد الفريضة صيام شهر شعبان، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:"ما رأيت رسول الله استكمل صيام شهرٍ قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا من شعبان"،ولما سُئل عن ذلك قال: ذاك شهرٌ يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان"ويقول "إنه شهر تُرْفَعُ فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، وأُحِبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائم". - ومضمار المنافسة الحقيقي إخوتي فيما يبقى"والآخرة خيرٌ وابقي"فإذا نافسكَ الناس على الدنيا فلا عليك بهم ودعها لهم فستأتيك طالما أنها في يديك وليست في قلبك !وإن نَافسَكَ الناسُ عَلى الآخِرة.فكُن أنت أسبقهم ،،ورد في الأثر"إن الله يعطى الدنيا لمن يحب و من لا يحب و لا يعطى الآخرة إلا لمن أَحَب" ولقد سئل رسول الله من أحدهم يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس" ولعلَّ من أهم الأسباب التي تجعل المسلم يتقن العبادة في رمضان ويكثفها هي بالاستعداد له، فمن قَلَّ صيامه وقيامه طيلة العام يُسْتَحَبّ له أن يستعدّ لرمضان بالتدريب على النَّوافل قُبيله، حتى إذا دخل شهر الفريضة وجد نفسه على أُهْبة الاستعداد وفي شوقٍ لأداء العبادات، مهما صعب القيام بها لظروف الطقس أو لطول النهار فقد ورد في الأثر"صُمْ يومًا شديد الحرِّ ليوم النشور". - ولي وقفه فقط عن حالنا مع القرآن في هذه المقالة، لا شك أن الأعمال في رمضان كثيرة من صلاة وقيام وصدقه وصله أرحام وصفاء للسريرة والتصالح ونبذ الخلافات بيننا، لكي يدخل علينا رمضان ونحن أصفياء القلوب ونفوز بنظر الله إلينا ورحمته وغفرانه. - إخوتي قال تعالى"شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان" فشهر رمضان هو شهر القرآن حيث ينكب الناس فيه حول القرآن .هذا يريد أن يختمه 7مرات وهذا 3مرات وهكذا،ومما لا شك فيه أنه خير، لكن الخوف من الرتابة حيث يتكرر ذلك كل عام ولكن لنسأل أين الأثر؟ نظل سنين عديدة نختم القرآن فأين الثمرة الحقيقية لهذه الختمة ؟؟أين أثر القرآن في القلوب؟؟أين زيادة الإيمان ؟سؤال نطرحه يقول الحسن البصري"تحسس قلبك عند ثلاث "في الصلاة وعند تلاوة القرآن والذكر "وإلا فاعلم أن الباب مغلق" كما يقول الإمامُ البخاري:" لا يجدُ طعمَه إلا من آمن به " . - حيي بنا أن نغير من طريقتنا ومن رتابة البحث عن من قرأ أكثر ويكون البحث عن من تدبر وفهم!! كثير منا ممن يفتح مصحفه وفي نفس الوقت مشغول برنات جواله وكثير منا هدفه متى ينتهي من عدد الأجزاء ولم يفهم.ويعطي فضل وقته للقرآن ولا يخصص وقتا ولو ساعة بعد الفجر وساعة بعد الضحى وساعة بعد العصر وفي خلوة بالمسجد أو بالبيت فهل لنا أن نحبس أنفسنا في وقت محدد لتتحرك قلوبنا بالقرآن، لعل في هذا الوقت تتنزل علينا السكينة وتغشانا الرحمة وتحفنا الملائكة، وهل نبذل الجهد في قطع العلائق ولا نكون ممن يفتح مصحفه ويمسك جواله ويلتفت يمينا ويسارا ويقطع قراءته بالحديث مع هذا وذاك فكل ما جاءته رسالة فتحها وقرأها وكل ما جاءته دردشة نظر إليها ورد عليها "ما لكم لا ترجون لله وقارا" قال تعالى "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" فهل سنتدبر كلام الله أم نتدبر كلام أصحابنا نعوذ بالله أن نكون من هؤلاء. - لقد بقي أيام بل سويعات على رمضان فهل سنعطي القرآن حقه من الوقت لكي تنتفع قلوبنا به ؟؟ سؤال نضعه أمامنا لعلنا نبدأ البداية الصحيحة مع الله ومن صحت بدايته صحت نهايته . فرمضان سوق يربح فيه من يربح ويخسر فيه من يخسر،والخسارة هنا ليست ككل خسارة "خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له" فهل لنا أن نطبق قول الله تعالى{ خذ الكتاب بقوة }وليس بهذا الإهمال الذي نعيشه. أتى رمضان مزرعة العباد لتطهير القلوب من الفساد ....فأد حقوقه قولا وعملا..لزادك فاغتنمه يوم المعاد....فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادما يوم الحصاد. فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادما يوم الحصاد. فاللهم بلغنا صيام رمضان وقيامه وتعظيم شعائره ولا نكون ممن هجروا قرآنه قرآءة وتلاوة وعملا بمحكمه واجعلنا فيه من عتقائك من النار برحمتك يا ارحم الراحمين.
- باحث وعضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.