هل قدر مصر ان تحارب معارك الآخرين؟.. ويدفع ابناؤها ثمن هذه الحروب؟ ثم ينفض غبار الحروب فلا يلتفت احد من المتحاربين ليكفكف دموع المصريين، ويضمد جراحهم التي نزفت دماؤها في معارك.. لا ناقة لهم فيها ولا جمل! كان قدر مصر ان تكون رمال صحرائها ساحة لأشرس معارك الحرب العالمية الثانية بين الحلفاء والمحور، وحسب طرق القتال في بداية الاربعينيات فقد زرع المتحاربون عشرات الملايين من الالغام، منها 21 مليوناً و800 الف لغم في الصحراء الغربية، وتضم منطقة العلمين وظهيرها الصحراوي وحدها حوالي 17.7 مليون لغم، وهذه الارقام تجعل مصر وحدها «تحتضن» قرابة %20 من اجمالي الالغام المتبقية على وجه الكرة الارضية!! المشكلة لم تكن تحتل اولوية قصوى خلال العقود التي تلت انتهاء الحرب العالمية، فمصر انشغلت في ثورة 23 يوليو 1952، ثم حرب 1967 وحرب الاستنزاف، وحرب 1973، ثم ما تلا ذلك من احداث حتى ثورة يناير 2011، وان كانت بعض الجهات الرسمية قد طرحت الموضوع في المحافل الدولية، وكذلك بعض الجماعات غير الحكومية التي حملت لواء مطالبة الدول التي زرعت الالغام بان تشارك في «حصادها»!.. لكن كل هذه الجهود كانت تلقى في الغالب اذاناً صماء عندما يصل الامر الى «الدعم المالي» خاصة وان تكلفة ازالة الالغام تقدر بحوالي 250 مليون دولار، وكان الجهد الملحوظ لازالة هذه الالغام يحسب للقوات المسلحة التي نجح رجالها في ازالة حوالي 3 ملايين لغم. اما دول العالم «المتحضر» التي زرعت «حدائق الشيطان» هذه.. وترفض تحمل مسؤولية حصادها بعد انقشاع غبار المعارك فهي: ألمانيا وايطاليا وانجلترا، واقصى ما قدمته ألمانيا هو عرض المساعدة الفنية في ازالة الالغام، وعلى الرغم من ان الجمعية العامة للامم المتحدة ايدت مطالب مصر في الحصول على تعويضات مالية ومساعدات فنية من الدول التي زرعت الالغام في اراضيها، الا ان شيئا من هذا «التأييد» لم يتحول الى عمل ايجابي ملموس. وبعد النجاح المبهر لثورة 25 يناير، لماذا لا تعيد حكومة د.شرف، تساندها منظمات المجتمع المدني الدعوة لتطهير مصر من الغام «المحور والحلفاء»، واعادة استغلال «حدائق الشيطان» في عملية تنمية واسعة تعيد منطقة الظهير الصحراوي للساحل الشمالي لتصبح سلة غذاء مصر، وتوفر احتياجات المصريين من القمح والعديد من المحاصيل التي اثبتت دراسات معهد البحوث الزراعية امكانية زراعتها في هذه المنطقة التي تتميز بتوافر المياه الجوفية، وقربها من البحر الذي يمكن استخدام مياهه بعد تحليتها في ري بعض انواع القمح، اضافة الى اعتدال الجو طوال العام. ناهيك عن اعتراض «حدائق الشيطان» هذه لمشاريع تنموية ضخمة مثل ممر التنمية، ومنخفض القطارة، واستكشافات النفط والغاز والمعادن في هذه البقعة الحيوية من ارض الكنانة. حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء، وكفاهم الله شر انفجار ألغام الحروب، وألغام البشر! حسام فتحي [email protected] twitter@hossamfathy66 زَرَعتْ نَخْله النِّهَارْدِهْ، وَانَا مَحْنِي وسِنِّي كِبِيرْ مَعَ إِنّي صَابْنِي المَرَضْ، ومْكَحْكَحْ وَلاَ اقدَرْ اسِيرْ وِ دَعيتْ يَارَبْ بَلحْهَا يضّاعِفْ ويكْفِي الكونْ وِ الكُلْ مِنْ بَعْدِي يَاكلْ، وخيرْهَا يِفْضَلْ كِتِيرْ د.توفيق ماضي «ازرع نخله»