حتى يوم أمس، كانت قطر هي الدولة الوحيدة من دول الخليج الست التي لم تهنئ عبدالفتاح السيسي عقب إعلان فوزه بانتخابات الرئاسة الثلاثاء الماضي، كما لم يصدر عن أي مسؤول قطري أو وسيلة إعلام قطرية ما يؤكد أو ينفي مشاركة مسؤولين من الدوحة في احتفالات تنصيبه. وجاءت برقية التهنئة التي بعث بها تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر إلى السيسي، وكذا تهنئة عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية، لتكسر نوعًا ما الجمود الذي يعتري العلاقات بين الدوحة، والسلطة الحالية في مصر منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو الماضي. زاد على ذلك الحديث عن دور قطري محتمل في تحقيق المصالحة بين القيادة المصرية الجديدة والمعارضة التي تقودها جماعة "الإخوان المسلمين". إذ قال الدكتور طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية، والقيادي ب "التحالف الوطني لدعم الشرعية" في تصريحات صحفية، أن "قيادة قطر لمرحلة التفاوض والتصالح، خلال المرحلة المقبلة بين النظام الحالي والمعارضة، بات أمرًا محتملاً". ورحب "التحالف الوطني لدعم الشرعية" بالوساطة القطرية لإنهاء الأزمة، قائلاً إن "تهنئة قطر للرئيس السيسي قد تمهد لدور جديد فى تلك الأزمة". وقال نصر عبد السلام، نائب رئيس حزب "البناء والتنمية"، والقيادي بالتحالف، إن التحالف يرحب بتدخل تركيا أو قطر للمصالحة الوطنية وتجميع الفرقاء السياسيين، مشيرًا إلى أن مصر تعيش أزمة حقيقية ولن تحل أمنيًا، وأن الطريق الوحيد للخروج بمصر من الوضع الراهن هو الحل السياسي والمصالحة الشاملة. وقال إن "الدولة يجب أن تتخلى عن تعنتها وتعامل مع جميع المصريين بلا إقصاء". وأضاف أن تركياوقطر تستطيعان أن تجمعات بين المعارضة والسلطة على مائدة واحدة، نظرًا لثقة الإخوان بهاتين الدولتين وكثير من القياديين بالجماعة يعيشون على أراضيهما. وأكد أن المصالحة لها قواعدها وإطارها العام والذي يتوقف على رجوع الحقوق لأصحابها وعودة الشرعية وحقوق الشهداء والقصاص العاجل لكل من أراق الدماء، "غير إن المصالحة ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، بل إن الأمر يتوقف برمته على استعداد الطرف الآخر للنزول على هذه المصالحة، والرغبة الحقيقية في عودة مصر وحدة واحدة". وشدد في الوقت ذاته على أنه "لا تنازل عن الشرعية"، قائلاً إن "السيسي ليس رئيس الدولة وإن حفل تنصيبه ماهو إلا محاولة لشرعنة الانقلاب"، وتابع: "دستورهم بلا شرعية والمهزلة الانتخابية لو هيعتبروها شرعية إذًا مصر أصبحت برئيسين وليس رئيسًا واحدًا". وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن "المصالحة صعبة ولكنها ليست مستحيلة". وأكد أنها "ضرورية وتتوقف على مدى توفر الإرادة لتحقيقها لدى السيسي والإخوان"، مشددًا على ضرورة أن تستوعب كافة الأحزاب والقوى السياسية، إضافة إلى أن السلطة الحاكمة بحاجة بالفعل إلى المصالحة السياسية من أجل إصلاح الدولة. وشدد نافعة على ضرورة أن يدرك السيسي أنه لن يستطيع تحقيق أهدافه بدون مشاركة جميع الأطراف وفى مقدمتهم "الإخوان المسلمين" ومن يناصرونهم، وأنه مطالب بطرح رؤية سياسية للخروج من الأزمة. في المقابل، أكد على أهمية مراجعة جماعة "الإخوان" لمواقفها السابقة وتخليها عن توصيف ما جرى بأنه مجرد انقلاب عسكري والاعتراف بفقدها جزءًا كبيرًا من شعبيتها وطرح رؤية تتفق مع ما يطمح إليه الشعب من تقدم واستقرار.