اتصل بى أحد أصدقائى المقيمين فى أمريكا ،وهو أستاذ جامعى متخصص فى الإدارة والتخطيط الاستراتيجى، ودار بينى وبينه حديث طويل حول أحداث الفتن الطائفية التى بدأ تكثر فى مصر ،والتى يتابعها من الخارج ، حيث لاحظ أنها تتكرر بنفس السيناريو ونفس الخطة ،وتبدأ بالإعلان عن أن سيدة مسيحية –حبذا لو كانت زوجة لأحد القساوسة – قد اعتنقت الإسلام ،وما أن علم زوجها أو أهلها بذلك حتى أسلموها للكنيسة ، كما حدث مع وفاء قسطنطين وميرى عبد الله وكاميليا شحاته ، وتنطلق الإشاعات عما يجرى لها داخل الكنيسة، فيحاول المسلمون التوجه إلى الكنيسة لإنقاذها فيقع الصدام بين الجانبين المسيحى والمسلم .نفس السيناريو بحذافيره ، وقال لى صديق أنه متأكد على سبيل القطع واليقين أن كل هذه الأحداث مُخطط لها سلفا من خارج مصر،و تُنفق على تنفيذها مبالغ طائلة ، ويجب الحذر . رحت أفكر فى هذا الأمر فوجدت أن ما قاله صديقى مطابق للواقع الذى نراه.. صدام بين الجانبين يسقط فيه قتلى وجرحى من كليهما ، لجان تقصى حقائق ..غضب شعبى إلخ.... نثير هنا سؤالين :السؤال الأول من خطط لهذه الأحداث ( وليس من نفذه فذلك يخضع للتحقيقات ) ،والثانى من المستفيد . وكانت مصر قد شهدت مواجهات طائفية بين مسلمين ومسيحيين بمنطقة امبابة بالجيزة بعد سريان شائعة حول احتجاز فتاة قبطية قيل انها اسلمت باحدى الكنائس، ما ادى الى حرق كنيسة ومقتل 12 شخصا واصابة 240 اخرين، وتجددت الاشتباكات بمناطق اخرى إليكم ماقاله بعض المسؤولين المصريين عن حادث امبابة : * قال اللواء منصور العيسوي، وزير الداخلية أن حقيقة الواقعة تتمثل في ارتباط شاب مسلم من منطقة ساحل سليم بأسيوط بفتاة تدعى «عبير» منذ 6 أشهر، وأنه تزوجها وكان يقيم معها في مدينة بنها، وأنها هربت منه ثم تلقى اتصالاً هاتفياً يوم 3 مايو الجاري، أفاد أن زوجته محتجزة داخل أحد المباني في منطقة إمبابة خلف كنيسة ماري مينا بالمنيرة الغربية، مما دفعه للاتصال بالجماعات السلفية وحاولوا اقتحام مبنى الكنيسة. * تعهد السيد وزير العدل المصري المستشار محمد عبد العزيز الجندي، بملاحقة كل من حرض على الاعتداء على كنيستي مارمينا والعذراء بمنطقة إمبابة وتقديمهم للنيابة العسكرية، تمهيدا لمحاكمتهم أمام القضاء العسكري. وحذر الجندى من تنظيم أي تجمهر أو تظاهر يتسبب فى تعطيل العمل بالمنشآت الحكومية أو سير وسائل النقل أو شل حركة المرور بصورة متعمدة، مؤكدا أنه لم يعد هناك سبيل للتفاوض بعد أن أصبح استقرار البلاد على المحك، وباتت الوحدة الوطنية فى خطر. جاءت تصريحات وزير العدل المصري بعد أن تم إلقاء القبض على العقل المدبر الذى خلق شرارة التصادم الأولى بين المسلمين والمسيحيين بإمبابة، و 14 آخرين ممن شاركوا فى أحداث الفتنة المؤسفة لينضموا إلى قائمة المحالين للنيابة العسكرية والبالغ عددهم 190 متهما. *خلصت لجنة تقصي الحقائق في أحداث امبابة، التي شكلها "المجلس القومي لحقوق الإنسان" إلى أن تلك الأحداث جاءت نتيجة سياسات النظام السابق، الذي يتحمل المسئولية عن المناخ الطائفي على مدار أربعة عقود، والذي لا تزال آثاره وتفاعلاته لا تزال مستمرة حتى اليوم، ملقيًا أيضًا بالمسئولية على محاولات قوى النظام السابق لإفشال الثورة عبر إثارة كل أشكال الصراعات والصدامات بالمجتمع المصري وبين طوائفه وقواه. * ومن ناحية أخرى فقد صدر بيان من الدعوة السلفية حول أحداث إمبابة استنكرت فيه "الدعوة السلفية" الأحداث الدامية التي وقعت ب"إمبابة" مِن سفكٍ للدماء المعصومة، واستعمال للأسلحة النارية، وغيرها، حذِّرت مِن دفع البلاد إلى هاوية الفتنة، وأكدت على أهمية التعايش السلمي بين المسلمين والأقباط الشركاء في الوطن.- واستنكرت "الدعوة السلفية" موقف "الإعلام المغرض" الذي يزجُّ باسم "السلفية"، و"السلفيين" في مشاكل ليست مِن صنعهم، ولا توجيههم، ولا منهجهم في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والاجتهاد في نفع المجتمع، والحضِّ على سلامة أفراده.- وقالت أنها تؤكد مِن جديد على خطورة الاستقواء بالخارج، وجريمة المطالبة بالتدخل الأجنبي في شئون مصر؛ فأبناء مصر قادرون على حل مشاكلهم بأنفسهم، وحماية جميع أبناء البلاد على اختلاف أديانهم.- وتؤكد أن العلاج لمثل هذه المشاكل إنما هو في بسط سلطة الدولة على جميع الأماكن والأفراد، وألا يكون أحد فوق المساءلة القضائية على ما يُرتكب مِن مخالفات، وضرورة التخلص مِن ممارسات "النظام السابق" الذي أشعل نار الفتنة بتسليم مواطنين مصريين لجهات ليس لها حق احتجازهم.- وطالبت مجددًا بضرورة جمع الأسلحة -خاصة النارية- مِن جميع مَن ليست له صفة شرعية في حملها، وضرورة تفتيش المساجد والكنائس والمؤسسات؛ للبحث عن الأسلحة ومصادرتها؛ لمنع ارتكاب الجرائم الدموية،وطالبت بمحاكمة عاجلة سريعة للمشتركين في سفك الدماء بغير حق، وإنزال العقوبة الرادعة بمَن تثبت إدانته.- وناشدت جميع الاتجاهات أن تحافظ على سلطة الدولة، وعدم محاولة أخذ ما يرونه حق لهم بأنفسهم؛ لأن ذلك يؤدي إلى الفوضى، ونحذِّر كذلك مِن أي تصرف دون الرجوع لأهل العلم.اللهم احفظ مصر آمنة مطمئنة رخاء وسائر بلاد المسلمين. ************ والآن هيا لنرى مايقوله المسؤولون الإسرائيليون لنرى هل تورطت اسرائيل وما زالت تتورط فيما نراه من مصادمات بين المسلمين والمسيحين في مصر؟: هذا السؤال يجيب عليه الجنرال"عاموس يادلين "رئيس الاستخبارات العسكرية بتل ابيب خطاب توديعه لمنصبه وتسليمه لخليفته" أفيف كوخافي "في رئاسة المخابرات الحربية الاسرائيلية فى نوفمبر الماضى ،فهذا الخطاب يعد شهادة حية و دليل قاطع على وقوف تل ابيب وراء ما يحدث في مصر الآن واعتبارها المستفيد الوحيد مما يجرى بين المصريين بل ويؤكد على مخطط تل أبيب في تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى في مصر "ليعجز أى نظام يأتى بعد حسنى مبارك فى معالجة الانقسام والتخلف بالبلاد" وإليكم نص الجزء الخاص بمصر من الخطاب : "لقد أنفقت إسرائيل ملايين الدولارات لإثارة التوترات الطائفية بين الأقباط والمسلمين في مصر وقد نجحت في ذلك . إن سلاح الفتنة الطائفية في مصر وإثارة القلاقل في السودان كلها من صنع تل أبيب ،مصر هى الملعب الأكبر لنشاطات جهاز المخابرات الحربية الإسرائيلي و العمل فى مصر تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979 وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع القاهرة .لقد أحدثنا إختراقات سياسية وأمنية واقتصادية وعسكرية فى أكثر من موقع ونجحنا فى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى والاجتماعى لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً و منقسمة إلى أكثر من شطر فى سبيل تعميق حالة الإهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية ، لكى يعجز أى نظام يأتى بعد حسنى مبارك فى معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشى فى مصر." أما السيد موشي يعلون الإسرائيلي نائب رئيس الوزراء و وزير الشئون الإستراتيجية فقد شن من عدة أيام هجوما على مصر بسبب ما أسماه سياسة التقارب التي تتبعها القاهرة مع حركة المقاومة الإسلامية حماس ورعايتها لاتفاق المصالحة بينها وبين حركة فتح والذي تم توقيعه مؤخرا بين الحركتين الفلسطينيين.وحذر يعلون مصر من تلك السياسية مضيفا أن تل ابيب لديها "وسائلها" للتعبير عن استيائها وسخطها وانزعاجها مما تفعله القاهرة ،دون ان يوضح طبيعة تلك الوسائل !! أما عن دور الرئيس المخلوع حسنى مبارك فى أحداث امبابة ، فبالإضافة إلى ماهو معلوم للقارئ عن علاقته الوطيدة بإسرائيل وأنه صهيوني مُعادي لكل ماهو عربي، فإن صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية كتبت فى تقرير لها بعنوان "هل مبارك صهيونيا؟" أن الرأى العام فى إسرائيل يرى لأن وصف الرئيس المصري المخلوع بالصهيوني هو إهانة لبلادهم، لأنه لم يقدم ما كانوا يرغبون فيه من وراء معاهدة السلام!! ولكن الصحيفة دفاعا عنه راحت تسرد مزايا التحالف مع مبارك "الصهيوني" وأنه كان يذهب إلى أي زعيم عربي نيابة عن إسرائيل لعقد الاتفاق الذي تريده إسرائيل، ولاسيما مع الفلسطينيين، وكانت العلاقات المصرية الإسرائيلية تصب في وعاء واحد، وكانت إسرائيل تستخدم مبارك لخدمة قضاياها، فقد كان -بحسب الصحيفة- أفضل حليف يمكن الحصول عليه،حتى أن الحكومة الإسرائيلية اعتبرت تخلى أمريكا عن حسنى مبارك عقب ثورة 25 يناير بمثابة خيانة "للدولة اليهودية " وكان مبارك - بحسب الصحيفة - يشاطر الأمريكيين والإسرائيليين وجهات النظر المعادية لإيران، وتعاون معهم في الجهود الرامية لعزل ومعاقبة النظام، كذلك شاركهم رأيهم في حماس وجماعة الإخوان المسلمين، وانضم إلى الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة لإضعاف الجماعات "الإرهابية" ، وبدأ بناء حاجز أمني على طول الحدود بين غزة وسيناء لمنع عمليات التهريب، وأوقفت الحكومة المصرية الجديدة بناءه وفتحت الحدود. وواصلت الصحيفة سيرد الخدمات التي قدمها مبارك لإسرائيل واستحق عليها لقب "صهيوني" حيث قالت أنه توسط لإحلال السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل ويساعد على إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط، الذي أسرته حماس، كما قال إنه يشاطر احتقار إسرائيل لياسر عرفات، رغم إعلانه في بعض الأحيان تأييده للعمليات الإرهابية القديمة. والخلاصة ،فإن الذى فعلها فى امبابة وغيرها ليس السلفيون كما يحلوا لأجهزة الإعلام المصرية أن تسئ إليهم ،مع أن الأصل فى جميع المسلمين أنهم سلفيون،بل إنهم الصهاينة فى تل أبيب ،والصهيونى حسنى مبارك كما جاء بتقرير لجنة تقصي الحقائق كما حول أحداث امبابة كما سلف القول. و تصريحات الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" مائير داغان و السيد موشي يعلون تؤكد أن المخطط الصهيوني الذي يستهدف وحدة مصر لن يتوقف. وعلى الرغم من زوال حسنى مبارك ونظامه ،إلا أن المستفيدين منه وعملاء العدو الغرب الصليبى الصهيونى مازالوا موجودين ويسعون فى مصر فسادا، و يريدون الإبقاء على ما يسمى بالفتن الطائفية سعيا إلى حرب أهلية ،و لا يريدون وحدة وطنية أو سلام اجتماعى فى مصر لحاجة فى أنفسهم. هل تعرفون من هم وماهى أهدافهم؟ كاتب المقال مساعد وزير الداخلية سابقا . [email protected]