تشهد هذه الأيام حرب شعواء أشعلها العلمانيون والليبراليون واشترك معهم فيها كل من له مصلحة في تشويه صورة الإسلاميين بشكل عام ، والسلفيين على وجه الخصوص ، ولا عجب من ذلك فقد اعتاد الإسلاميون على ذلك في عهد النظام البائد ، وكان التضييق الذي شهدته السنوات الماضية على الإسلاميين حتى أصبحوا منعزلين داخل مساجدهم وحلقاتهم ، وصوروا للناس أن هؤلاء من زمن قديم يريدون عودتنا إلى القرون الوسطى وما قبلها لنركب الخيل ونحارب بالسيوف . كان ذلك فيما مضى ، اما بعد ان نجحت ثورة الخامس والعشرين من يناير وكان السلفيون جزء منها فرادى وجماعات ، وانقطع اللجام الذي ألجمهم به النظام البائد انطلق السلفيون في مسيرة العمل السياسي ، حينها ازداد قلق العلمانيين والليبرالين من هذا الخطر الذي يهدد أفكارهم التي لا يتعدى قبولها أوساطهم الضيقة وعقولهم المنغلقة عن فهم واقعهم ، إلا أن عقولهم منفتحة على الغرب ، تؤيد وجهتم دونما مراجعة ، فلما رأوا سيول الاسلاميين تجتاح الساحة وتدمر أفكارهم ، استعملو فزاعة الاسلاميين التي استعملها النظام البائد لتخويف الغرب من تطبيق الديمقراطية في البلدان العربية لأن وصول الاسلاميين للحكم في هذه البلاد يقلق الغرب خوفاً على المصالح الغربية في البلدان العربية . فالهجوم على الاسلاميين في هذه الأيام وخاصة السلفيين صار - موضة - وحرفة وفن له أهله ، فرجلان يقطع أحدهما أذن الآخر يكون السلفيون سبب ذلك ويطبقون الشريعة في تارك الصلاة بقطع الأذن ، وكنيسة تُحرق يكون السلفيون من أحرقوها ، ورجل يقتل آخر يتهم فيها السلفيون ، وأيضا هم السلفيون من يهدمون الأضرحة والمساجد ، والجديد أن السلفيون أيضا هم من احرقوا كنيسة أمبابة ، وصار السلفيون هم - الحيطة المايلة - لكل حدث وحديث وكأنهم كفار قريش وليسوا جزء من الشعب المصري الذي يحب بلده ويسعى جاهداً كغيره من شرفاء الوطن لتعمير هذا البلد على أسس وقواعد تبني وطنا حضارياً متقدماً تكون السيادة فيه للدستور والقانون الذي أقره الشعب ،ولا عجب من ذلك الهجوم فهي العادة لدى هؤلاء الذين لا يثقون في توجهاتهم وأفكارهم أنها قد تكسب أرضاً بذاتها ولكنها تكسب وتستفيد من تشويه الآخر وفقط ، لكن العجب من صمت السلفيين . والسؤال الذي يدور بداخلي وأعتقد الكثيرين مثلي ، لماذا لا يكون للسلفيين تنظيم يتحدث عنهم ، فهم قوة كبيرة لا يستهان بها ، وفكر له اصوله وثوابته ولكن ينقصه التنظيم بين مشايخ وأبناء هذا الفكر ومجلس يتحدث عنهم وعن توجهاتهم ، فهذه الفُرقة لا يستفيد منها إلا أعداء الإسلام وأهله . هذه الاحداث والتهم التي تنصب فوق رأس السلفيين تحتاج إلى توافق بين أبناء الدعوة ليقفوا صفاً واحداً ويعلنوا موقفهم من هذه الأحداث ، فجدار الأمن الذي حبسهم داخل المساجد وحلقات العلم قد انهار ، ومضى من الوقت الكثير ولا نرى تقدماً في هذا الموقف ، لماذا لا يكونوا جمعية تضم كل السلفيين وجميع المشايخ على قيادة واحدة تكون هي المرجعية ويتفق عليها الجميع وتكون كل التحركات صادرة من جهة واحدة وليس أكثر لينتظم العمل ويكون الموقف من الأحداث للسلفيين واضحاً تمثله جهة واحدة كما هو الحال في جماعة الأخوان المسلميين . عصر الفرقة قد انتهي ، ومن يريد أن يمارس العمل السياسي ولديه نظرة للأصلاح فليتقدم إلى الناس وليظهر ما لديه ، ولكن ليس وحده ، السلفيين قطاع كبير ولكنه على الساحة غير متواجد ، والفُرقة ضعف حتى وإن كثر العدد ، فالفرقة بين أبناء الفكر الواحد تقتله ، لا بد أن يجتمع السلفيون ليس على مجلس رئاسي في محافظة بعينها ، ولكن على مؤسسة تضم ابناء الفكر جميعهم ، حتى وان تم الاتفاق فيه على بعض المبادئ واختلفوا على أخرى ، فنقاط الاتفاق تتوسع بعد التجمع . الله عز وجل قال في كتابه ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) وأولى بذلك السلفيين الذين جمعهم كتاب الله وسنة رسوله ، لماذا إذاً لا يجتمع مشايخهم على طاولة واحدة يكون لهم تنظيم وادارة تطرح رؤاهم مجتمعة على الناس ، ويكون لهم يد في الدفاع عن دينهم ومنهجهم بإظهار الحقائق وطرحها على العامة .