وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أعلن في مطلع يونيو أن حركة طالبان أطلقت سراح الجندي الأميركي بو برغدال, بعدما احتجزته خمس سنوات، في إطار صفقة بوساطة قطرية استمرت أشهرا, وتضمنت أيضا الإفراج عن خمسة معتقلين من الحركة سيسلمون إلى قطر بعد إطلاقهم من سجن جوانتانامو. وقال أوباما في تصريحات بالبيت الأبيض بحضور بوب وجامي برغدال والدي الجندي المفرج عنه :"إن الشعب الأميركي سعيد اليوم, لأننا سنستقبل برغدال في وطنه بعد احتجازه رهينة لسنوات". وأضاف "الإدارة الأميركية ملتزمة بإنهاء الحرب في أفغانستان وإغلاق معتقل جوانتانامو، ولكننا قدمنا أيضا التزاما صارما بإعادة أسرى الحرب إلى الوطن". وفيما وجه أوباما الشكر لحكومة قطر لمساعدتها في الصفقة, قال مسئول دفاعي أميركي لوكالة "رويترز" إن معتقلي طالبان الخمسة, الذين تقرر الإفراج عنهم في إطار الصفقة, التي أدت إلى الإفراج عن الجندي الأميركي، غادروا معسكر جوانتانامو على متن طائرة عسكرية أميركية, في طريقهم إلى قطر. وأضاف المسئول, الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه, أن "هؤلاء المعتقلين الخمسة سينقلون إلى حجز قطري, وسيخضعون لقيود على تحركاتهم وأنشطتهم". وبدوره, هنأ زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر الشعب الأفغاني وعائلات الأسرى وأقاربهم بعملية الإفراج عن خمسة أعضاء في الحركة, كما قدم الشكر لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني لمساهمته في إنجاح العملية. وفي رسالة له, حصلت قناة "الجزيرة" على نسخة منها, قال الملا عمر :"إنه بفضل بركة التضحيات المنقطعة النظير للمجاهدين، وبفضل قوتهم على الأرض, تم الإفراج عن كبار القادة في طالبان من جوانتانامو". واعتبر أيضا أن إطلاق سراح القادة الخمسة "بشرى تحرير واستقلال البلد بأكمله"، وعبر عن أمله في إطلاق سراح كل الأفغان "الذين سجنوا في سبيل تحرير الوطن وخدمة الدين". وتستضيف الدوحة محادثات سلام بين الإدارة الأميركية وحركة طالبان، وقال مسئولون أميركيون إن المرحلة النهائية من المفاوضات, بدأت منذ أواخر مايو الماضي. وأعلن أوباما أواخر مايو الإبقاء على 9800 جندي في أفغانستان, سيتولى معظمهم تدريب القوات الأفغانية، وذلك بعد انتهاء العمليات القتالية التي يقودها حلف شمال الأطلسي بنهاية 2014 . وحسب أوباما, سيغادر آخر الجنود الأمريكيين أفغانستان بنهاية العام 2016، ولن تتبقى سوى أعداد قليلة منهم في المقار الدبلوماسية الأميركية هناك. وفيما انتقد أعضاء في الكونجرس الأميركي, الصفقة مع "طالبان", ذكرت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية أن عرض السير الذاتية المخيفة لسجناء طالبان الخمسة المفرج عنهم, يظهر أن أميركا كانت مضطرة لإطلاق سراحهم, لتأمين عودة الجندي الأميركي. وأشارت الصحيفة في تقرير لها في 3 يونيو إلى أن السجناء الخمسة كانوا دعائم لنظام طالبان القديم حتى سقوطه في عام 2001 , وكانوا جميعا مصنفين حتى عام 2008 بأنهم "خطر كبير" ما زال يهدد "الولاياتالمتحدة ومصالحها والحلفاء". وبحسب وثائق "ويكيليس" المسربة أيضا, فإنهم كانوا ذوي "قيمة استخبارية عالية". أما عن أولهم وهو خير الله خيرخوا فقد ساعد - حسب ما نشرته الصحيفة - في تأسيس طالبان عام 1994 ثم عيّن حاكما لولاية هرات ووزيرا للداخلية، ويشير ملفه إلى أنه كان مرتبطا مباشرة بزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن وزعيم طالبان الملا عمر. والثاني الملا نور الله نوري قاد قوات طالبان أثناء الغزو الأميركي عام 2001، وفي عام 2008 , اعتقد المسؤولون الأميركيون أنه "ظل شخصية هامة لأنصار طالبان". أما الثالث الملا محمد فضل, فإن الملفات تشير إلى أنه كان من المرجح أن يلتحق بطالبان ثانية ويستأنف "أعمالا عدوانية ضد أميركا وقوات التحالف", إذا ما أطلق سراحه. ورابعهم عبد الله واثق الذي كان نائبا لوزير استخبارات طالبان ذات مرة وكان شخصية هامة في تحالف الحركة مع القاعدة. وخامسهم محمد نبي عمري كان قائدا طالبانيا وخدم في وحدة مشتركة مع القاعدة لمقاومة الغزو الأميركي وملفه بالحكومة الأميركية يشير إلى أنه "حافظ على مخابئ الأسلحة وسهل تهريب المقاتلين والأسلحة". وختمت الصحيفة البريطانية بأن إطلاق سرح هؤلاء الخمسة كان بمثابة "قرار موجع" لأوباما، وقد لقي بالفعل معارضة شديدة من بعض الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي, الذين حذروا بأن تبادل السجناء "قد تكون له عواقب وخيمة على بقية قوات بلادهم بأفغانستان, وكل الأميركيين, لأن الأعداء الإرهابيين لديهم الآن حافز قوي لأسر الأميركيين". ورغم أن البيت الأبيض أعلن أن صفقة التبادل يمكن أن تفتح الباب لمناقشات أوسع بين الأفغان بعد انسحاب قوات الناتو, إلا أن كثيرين يرون أنها تعكس قوة "طالبان" على الأرض, وبل وقد تكون مقدمة لدور سياسي هام , ستلعبه الحركة مستقبلا, إن لم تعد إلى السلطة مجددا