أكد الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية، أن مبادرات الأزهر لاحتواء أحداث العنف بن المسلمين والأقباط بإمبابة، التي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح نجحت في إطفاء الحريق لكنها لم تحل الأزمة من جذورها، داعيًا الجميع إلى التكاتف والبحث عن أسباب الاحتقان الطائفي للعمل على معالجتها من جذورها. وأعرب في رده على سؤال خلال مؤتمر صحفي بدار الإفتاء أمس عن رفضه لاحتجاز المسلمات داخل الكنيسة، وقال إنه لابد من سيادة القانون الذي يسمح بحرية العقيدة ويجرم احتجاز الأشخاص بدون وجه حق. وطالب بضرورة التصدي لمثل هذه الأمور وإعلاء سيادة القانون حتى يتم القضاء على الاحتقان الطائفي الموجود داخل المجتمع المصري، محذرا من خطورة تكرار ما حدث في إمبابة على مستقبل مصر في عهدها الجديد. وقال إن مصر أصبحت بالفعل أمة في خطر، داعيا الجميع إلى باتخاذ كافة الإجراءات الحاسمة بحماية البلاد والعباد من المخطط "الشيطاني" الذي من الممكن أن يغرق الوطن في حرب أهلية لا يعلم نهايتها إلا الله. لكنه شدد على أن شعب مصر العظيم لن يسمح لأحد أن يغرق وحدته أو يشق صفوفه، ودعا إلى وجوب الوقوف في وجه هذه الفوضى بكل ما أوتينا من قوة. وأضاف: إننا جميعا أمام تحد كبير ويجب الضرب بيد القانون على كل من يعبث بأمن الوطن، معتبرا أن السبيل إلى ذلك هو التنفيذ الفوري لكافة القوانين الرادعة لكل من تسول له نفسه القيام بهذه الجرائم التي تهدف ضرب أمن واستقرار مصر. وشدد على الروابط المشتركة بين جناحي الوطن، قائلا إن المسلمين والأقباط في مركب واحد وفي خطر داهم ولابد من اتخاذ كافة الإجراءات الرادعة لوقف هذه الفوضى وتوفير كافة وسائل الدعم والاحتياجات لقوات الشرطة، لكي تقوم بدورها على أكمل وجه والتنفيذ الفوري والحازم للقوانين التي تجرّم الاعتداء على دور العبادة وعلى أمن المواطنين درءًا للفتنة الطائفية. وطالب المفتي السلطات المختصة والمجلس العسكري والحكومة باتخاذ الإجراءات التي تعيد الأمن والطمأنينة للمواطنين، بما في ذلك القبض على المحرضين والمشاركين في هذه الأحداث المؤسفة. وفي إشارة إلى المظاهرات التي نظمتها المنتقبات أمام دار الإفتاء على مدار الأيام الماضية، أكد المفتي أنها لم تكن ضده لكنها ضد قرار القضاء الذي رفض ارتداء النقاب داخل قاعات الامتحان، وأشار إلى أنه ليس المسئول عن فتوى النقاب لأن من أصدرها مجمع البحوث الإسلامية وليست فتوى خاصة. من جانب آخر، أكد جمعة أن مبادرته "كلمة سواء" التي تهدف لوأد فتنة الاختلاف والتفرق بين أبناء الوطن الواحد وسعيا لتوحيدهم لاقت صدى وترحيبا من جميع الفصائل والتيارات الإسلامية المختلفة في وجهات النظر أو مناهج التناول. وقال إن الجميع وافقوا على الجلوس سويا للحوار، وبحث وتدارس القضايا التي ستنهض بأمتنا ومواطنينا والوصول إلى المشتركات والخروج على الناس ببرنامج واضح، واتفاق قريب بتقديم الوعي قبل السعي، وبالبعد عن نقاط الخلاف التي لا تعني أو تهم عموم الناس. وشدد على أن المرحلة الحالية تحتاج إلى ضرورة الاتفاق على تطبيق فتاوى علماء الأمة الذين أجمعوا على أن كل من يتبع أحد هذه المذاهب المعتمدة من أهل السنة والجماعة هو مسلم لا يجوز تكفيره ويحرم دمه وعرضه وماله، وأنه لا يجوز تكفير أو تفسيق أصحاب العقيدة الأشعرية ومن يمارس التصوف الحقيقي، ولا أصحاب الفكر السلفي الصحيح، كما لا يجوز تكفير أو تفسيق أي فئة أخرى من المسلمين تؤمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وأركان الإيمان وتحترم أركان الإسلام ولا تنكر المعلوم عن الدين بالضرورة. وطالب المفتي بأن يكون الأساس والمبدأ قبل وأثناء وبعد اللقاءات والجلسات هو حب الله وحب الوطن وحب الجار والبحث والسعي الحثيث عن المشترك بين المؤمنين، باعتباره الأساس الفكري المتفق عليه، والذي يمكن في إطاره أن نفض مجالسنا دون تكفير أو تفسيق وبقلوب تقدم حب الله وحب الوطن والجار وبآذان تستمع وتبحث عن المشترك لكي نتعارف حتى نتآلف ونعمل فيما اتفقنا عليه ونتجاوز ما اختلفنا فيه.