إقبال على امتحانات القبول بمعاهد القراءات بمنطقة الإسماعيلية الأزهرية (صور)    "حكماء المسلمين" و"الفاتيكان" يبحثان تعزيز التعاون المشترك في نشر قيم السلام    نائب محافظ الدقهلية يجتمع بأعضاء اللجنة العليا لمواجهة حرق قش الأرز    فودافون تتيح المكالمات من وإلى لبنان بالمجان    مصادر: كينيا تبحث الحصول على قرض بقيمة 1.5 مليار دولار من أبوظبي    بلينكن يحذر من مخاطر التصعيد في الشرق الأوسط    وزير خارجية الأردن يلتقي عددا من نظرائه على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة    مبابي ينافس لامين يامال على جائزة لاعب شهر سبتمبر في الليجا    قرار عاجل من كاف ل الأهلي والزمالك قبل 48 ساعة من نهائي السوبر الإفريقي    شاب يقتل حدادا بعد ضبطه بصحبة شقيقته داخل المنزل بأوسيم    فتح باب استقبال الأفلام للمشاركة بالدورة ال26 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة    قبل عرضه في السينمات.. طرح البوسترات المنفردة لفيلم بنسيون دلال (صور)    وزير الصحة: ضخ 133 مليون عبوة أدوية طبية ل364 مستحضرا دوائيا    وزير الصحة: ضخ 133 مليون عبوة دواء إضافية بالسوق منذ بداية أغسطس    مصدر من مودرن سبورت يكشف ل في الجول: فسخ تعاقد مروان محسن والوادي    رئيس جامعة عين شمس يشهد توزيع شهادات دورات لغة الإشارة المصرية    على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.. وزير الخارجية يشارك في فعالية رفيعة المستوى حول المياه    وثيقة سياسة ملكية الدولة.. مدبولي: هدفنا تعظيم الأصول والعروض غير المناسبة لا نقبلها    إزالة 5 حالات بناء مخالف بقنا    انطلاق الملتقى الثامن عشر لشباب المحافظات الحدودية بمسرح فوزي بأسوان    كلامها حلو.. هشام عباس يكشف تفاصيل ألبومه الجديد وموعد طرحه    خالد الجندى: عمليات التجميل والتحول الجنسى فعل شيطانى للحرب على بنيان الله    انطلاق دورة التعامل اللائق مع رواد المسجد لعمال المساجد    علي جمعة يكشف عن مبشرات ميلاد النبي: رضاعته وفرح أبولهب بمولده    ترحيب واسع بدعم الرئيس السيسي لتوصيات الحوار الوطني.. تعزيز لحقوق الإنسان والإصلاح القانوني في مصر    رئيس جامعة القاهرة يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسD تعزيز علاقات التعاون    موعد بدء العام الدراسي الجديد للجامعات 2024-2025.. والخريطة الزمنية للعام المقبل    بلينكن يؤكد أهمية احتواء التصعيد بين إسرائيل وحزب الله اللبناني    وليد فواز يكشف سبب خوفه من دوره في مسلسل «برغم القانون».. قللت وزني    «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تعمل على عزل بلدات وقرى الجنوب اللبناني    وزير التموين يجتمع مع رئيس البريد وممثلي شركة فيزا العالمية لبحث أوجه التعاون المشترك    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور؟    الأرصاد تكشف حالة الطقس في مصر غدا الخميس 26 سبتمبر 2024    وزارة العمل: تدريب مجاني لتأهيل الشباب في أسيوط    محافظ أسوان ونائب وزير الإسكان يتفقدان خزان أبو الريش العلوي بسعة 4 آلاف مكعب من محطة جبل شيشة    حصيلة 24 ساعة فقط.. ضبط 13614 قضية سرقة تيار كهربائى    شغل ومكافآت وفلوس كتير.. 4 أبراج فلكية محظوظة في بداية أكتوبر    بمشاركة أكثر من 40 دار نشر.. افتتاح النسخة الأولى من معرض نقابة الصحفيين للكتاب    تنظيف وتعقيم مسجد وضريح السيد البدوي استعدادًا للمولد (صور)    وزير الدفاع: التحديات الإقليمية تفرض علينا أن نكون على أهبة الاستعداد    وزير النقل اللبناني: لا توجد مشكلات لوجيستية بمطار بيروت.. وملتزمون بقوانين الطيران العالمية    مدرب السد القطري: مباراة الغرافة ستكون صعبة للغاية    النائب محمد الرشيدي: جرائم الاحتلال الإسرائيلي في لبنان تشعل فتيل الصراع بالمنطقة    13 مليون جنيه إجمالي إيرادات فيلم عاشق بدور العرض السينمائي    إجراء 267 ألف تدخل طبي في مستشفيات التأمين الصحي الشامل    بالصور- تطعيم 63.6% من تلاميذ مدارس الوادي الجديد ضد السحائي    «صحة المنوفية»: إدارة المتوطنة قدمت خدماتها ل20 ألفا و417 مواطنًا في مجالات الفحص والمكافحة    عملت وشم فشلت في إزالته هل صلاتي باطلة؟.. رد حاسم من داعية (فيديو)    الصين تطلق صاروخًا باليستيًا عابرا للقارات يحمل رأسا حربيا وهميا    تتخطى مليار دولار.. شركة تابعة للسويدي إليكتريك تشارك في إنشاء محطة توليد كهرباء بالسعودية    إمام عاشور يكشف مفاتيح الفوز على الزمالك ودور اللاعبين الكبار في تألقه    حارس ليفربول: 5 أمور تحسنت في مستوى محمد صلاح تحت قيادة آرني سلوت    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    إصابة 7 أشخاص فى مشاجرة بين عائلتين بقنا    عقب تداول «فيديو».. سقوط لصوص أغطية بالوعات الصرف بالمنصورة    كواليس الخلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب حزب الله    تشكيل ليفربول المتوقع.. 7 تغييرات.. وموقف صلاح أمام وست هام    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قشة "الراجحي" التي كادت أن تقصم ظَهْر البعير في تونس

"كلما استتبّ الأمن، قام البعض بافتعال أزمات وهمِية"، هذا ما يعتقِده الوزير الأول التونسي الباجي قايد السبسي، الذي شنّ هجوما مضادّا على وزير الداخلية السابق فرحات الرّاجحي، متَّهما إياه بكونه "غير مسؤول وكاذب".
غير أن إعلان حالة الطوارئ بالعاصمة التونسية وكذلك الحوار الصحفي، الذي نقلته القنوات التلفزيونية الثلاث مساء يوم الأحد الماضي (8 مايو 2011)، لم يطمئِنا جميع التونسيين الذين اختلفت ردودهم، وذلك في ظل أجواء مشحونة، بعد أن تجدّدت المواجهات بين قِوى الأمن والجيش من جهة، ومجموعات من المنحرفين واللّصوص الذين استغلّوا الفرصة للقيام بعمليات نهْب وتخريب منظَّمة بعديد من الأحياء السكنية.
حديث عن "قصة حكومة الظل"
سياسيا، وبعد أن تحسَّن الوضع الأمني خلال الأسابيع الأخيرة، كان الجميع ينتظر أن تتوصل الهيئة العُليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي مع الحكومة، إلى حلٍّ وفاقي حول الفصل 15 من القانون الإنتخابي، المتعلِّق بحرمان مسؤولي الحزب الحاكم سابقا من حق الترشح إلى انتخابات المجلس التأسيسي، إلى جانب تحقيق التوافُق حول تركيبة الهيئة المستقلة للإنتخابات التي سيعهد إليها بالإشراف الكامل على الإقتراع.
فجأة، ظهر السيد الراجحي في حوار مصوَّر نشر على موقع فيسبوك، ليؤكِّد أخبارا راجَت في الفترة الأخيرة، مفادُها وجود "حكومة ظِل" يقودها رجل الأعمال السابق كمال لطيف، الذي لعِب دورا هاما في دعم الجنرال بن علي خلال الفترة الأولى من حكمه، قبل أن يختلف معه بسبب زواجه من ليلى الطرابلسي.
وفي الواقع، لم تظهر قصة "حكومة الظل" مؤخّرا، وإنما تداولتها الألسُن منذ حكومتيْ محمد الغنوشي الأولى والثانية، حيث كثُر الحديث يومها عن الوزير الأول السابق الهادي البكوش، الذي قيل بأنه يُدير شؤون البلاد من وراء الستار. وتعكِس هذه الأخبار والفرَضِيات، أزمة الثقة في الجهاز الحكومي ومحاولة البعض تفسير حالة التردّد في حسْم بعض الملفات أو التردّد في اتخاذ بعض القرارات (مثل محاكمة رموز المرحلة الماضية ومحاسبة المسؤولين من رجال الأمن على قتل عدد من التونسيين)، بالقول بأن الحكومة لا تزال مقيَّدة ومُحاصَرة بهذه الأطراف التي لا تزال تتمتّع – حسب اعتقاد هؤلاء – بنفوذ واسع داخل أجهزة الدولة التونسية.
ورغم نفي قايد السبسي القاطع، فقد استمر الحديث عن ذلك، حيث أكّد رئيس الهيئة التأسيسية لحركة النهضة علي العريض في بعض التصريحات وجود حكومة ظل "تُسيِّر البلاد إلى المجهول".
القنبلة التي فجّرت المشهد
كما اتَّهم الراجحي الوزير الأول بالكذب وذكر أن هذا الأخير تعرّض خلال المحادثات الرسمية التي أجراها مع المسؤوليين الجزائريين، إلى الإستفادة من خِبرتهم لقطع الطريق أمام إمكانية فوْز حركة النهضة في الانتخابات القادمة، وأنه في صورة وصول هذه الأخيرة إلى السلطة، فإن الجيش – حسب اعتقاده - سيقوم بانقلاب عسكري وأن الجنرال رشيد عمّار، القائد الأعلى للقوات المسلحة، قد زار دولة الإمارات وربّما التقى هناك بالرئيس السابق بن علي. وكانت تلك القنبلة التي فجَّرت المشهد وكادت تُعيده إلى نقطة الصفر.
وفي الحقيقة، لامس وزير الداخلية السابق بقوله هذا، مسألتين تتميَّزان بحساسية عالية خلال هذه الفترة الدقيقة. تتعلق المسألة الأولى بحركة النهضة، التي تثير - منذ عودتها إلى الساحة السياسية وحصولها على التأشيرة القانونية - مخاوف أطراف عديدة، داخلية وخارجية، وذلك بالرغم من استمرار قيادتها في توجيه رسائل مُطمْئِنة عبْر التصريحات الهادئة والمواقف السياسية المعتدلة. وكلما اقترب موعد الانتخابات، إلا وازداد الشّحن السياسي والأيديولوجي ضد "النهضة"، خوفا من حصولها على نصيب الأسد في المجلس التأسيسي القادم، الذي لن يتولى فقط صياغة الدستور الجديد، وإنما أيضا تعيين الحكومة القادمة واختيار الرئيس الجديد.
وبالرغم من أن هذه الفَرَضية مُستبعَدة لاعتبارات عديدة، إلا أنها تُعتَبر من بين المسائل الغامضة التي لا تزال تُربِك المرحلة الإنتقالية وتدفَع بالكثيرين إلى ملازمة الحَذَر وعدم الوقوف على الحياد، بل إن البعض قد يلجأ إلى العنف من أجل إيقاف قطار النهضة أو إخراجه عن مساره، لهذا السبب بالذات، بنى السيد الراجحي فرَضِيته السابقة، التي تفاعلت معها بعض الأوساط ولم تستبعد وقوعها، في حين أن التحليل المنطِقي الهادئ، يجعل من المستبعَد جدا أن يفكِّر رئيس حكومة، مثل الباجي قايد السبسي، في الاستعانة بالنظام الجزائري لسحب البساط من حركة النهضة، لهذا اعتبر الشيخ عبد الفتاح مورو أن تصريحات الراجحي "تكشف عن إرادة لإبعاد الإسلاميين".
أما المسألة الثانية، التي أوقعت هذا الرجل في مأزق حادّ، فهي تخُصّ الجيش الذي يحظى بتعاطف التونسيين، نظرا لملازمته الحياد قبل الثورة وبعدها. غير أن ذلك لم يمنَع الكثيرين من عدم استبعاد احتمال لجوء الجيش إلى استلام السلطة، خاصة إذا فشل السياسيون في تطبيع الأوضاع وتحقيق الإنتقال الديمقراطي بشكل سِلمي وناجح، بل هناك من يؤمن بضرورة أن يُقدم الجيش على هذه الخطوة في حالات ثلاث: أن تعُمّ الفوضى أو تتمكن قوى العهد السابق من استعادة دورها أو في صورة وصول الإسلاميين إلى الحكم، ولهذا كان مُهِمّا أن تؤكد قيادة الجيش من جديد على التزامها بالنظام الجمهوري.
غموض سياسي
على إثر تصريحات الراجحي، تمّت الدعوة عبْر الفيسبوك إلى تنظيم مسيرة احتجاجية بقلب العاصمة التونسية يوم الجمعة 8 مايو 2011، لم تشارك فيها الأحزاب السياسية التي لازمت في غالبها الحذر.
ورغم طابعها السِّلمي في البداية، إلا أنه سرعان ما توتَّرت الأجواء وقام بعض رجال الأمن بارتكاب تجاوُزات خطيرة، ذهب ضحيتها عدد من الصحفيين خلال ممارستهم لمِهنتهم. واستباقا لِما يمكن أن يحصُل في بعض الضواحي، اتّخذ قرار تفعيل حالة منع الجولان ليلا بالعاصمة. وفي بلاغ صادر عنها، اعتبرت وزارة الدفاع أن "هذه الأقاويل المُغرضة ليست بالأمر الهين وتشكل خطورة قصوى على ثورة الشعب التونسي وعلى أمن البلاد حاضرا ومستقبلا"، وأشارت إلى أن هذه التصريحات "تستوجب التعمق في خفاياها ومراميها والكشف عن خلفياتها ولا يكون ذلك إلا من طرف القضاء الذي سيأخذ مجراه الطبيعي في نطاق استقلاليته الكاملة"، مؤكدة في الوقت نفسه تمسّك المؤسسة العسكرية بالنظام الجمهوري، وهو ما قد يؤدي لاحقا إلى رفع الحصانة عنه من قِبل المجلس الأعلى للقضاء.
واختلفت مواقف الأطراف السياسية من كل ذلك، وخيّم مرة أخرى على البلاد الغموض السياسي، مما زاد في حِدة المخاوف لدى التونسيين. وبذلك اكتملت عناصر الأزمة السياسية.
من جهة أخرى، في زيارته الأخيرة إلى تونس، أكّد المحامي والسياسي الفرنسي المعروف روبير بادنتير، أن من مصلحة التونسيين تقليص فترة الانتقال الديمقراطي إلى الحد الأدنى الممكن، وهو بذلك يشير إلى أهمية تجاوز أزمة الشرعية، التي غالبا ما تعقب الثورات. فلا توجد اليوم في تونس مؤسسات شرعية منتخَبة، وهو ما غذّى الصراع بين مختلف الأطراف وفتح المجال أمام محاولات استضعاف الدولة.
عياض بن عاشور، رئيس لجنة الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في تونس ()
نُخبة تريد أن تحكم وجمهور يبحث عن دليل
ومن هنا، جاء حِرص الكثيرين على تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي في موعِدها المحدد (24 يوليو القادم)، رغم ضيق المجال الزمني، وذلك حِرصا على إخراج البلاد من حالة عدم الشرعية. لكن التصريح الذي أدلى به مؤخرا عياض بن عاشور، رئيس الهيئة العليا، قد فتح المجال أمام إمكانية تأجيل موعد الإنتخابات إلى شهر أكتوبر أو نوفمبر القادمين، وهو ما لمح إليه أيضا الوزير الأول، رغم إعلانه أيضا بأن الحكومة متمسِّكة بإنهاء مهامِّها في نفس التاريخ المشار إليه أعلاه.
بقطع النظر عن تأخير موعد 24 يوليو من عدمه، فالمؤكّد أن الانتقال الديمقراطي في تونس لا تزال تواجهه تحديات حقيقية وصعبة. فالنخبة السياسية، وإن حقَّقت بعض التقدّم ونجحت في تجاوز بعض العقبات وتمكَّنت إلى حدٍّ ما من تأطير الحِوار بين مكوِّناتها الرئيسية، إلا أنها أخفقت من جهة أخرى في بناء أجواء الثقة داخل صفوفها، وبينها وبين الحكومة أو بينها وبين المواطنين، وهو ما تعكسه بوضوح عمليات سَبْر الآراء، التي بدأت تنظّم في تونس لأول مرة، والتي كشفت عن عُمق المسافة بين نُخبة تريد أن تحكم وجمهور يبحث عن دليل يثق فيه ويكشف له الطريق.
المصدر: سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.