كشفت وثائق جديدة على مكتب النائب العام المستشار عبد المجيد محمود تقدم بها المحامي عبد الفتاح مصطفى عن قضايا فساد سياسي ارتكبها النظام السابق ليس ضد معارضيه من مرشحي "الإخوان المسلمين" والمعارضة والمستقلين بل طالت أعضاء الحزب "الوطني" المنحل. وقد يكون الأمر لمجرد أن تحريات مباحث أمن الدولة تشير إلى أن هذا العضو صديق لأحد نواب المعارضة، كما كشف الوثائق أن الحزب "الوطني" وقياداته اشتركوا مع جهاز مباحث أمن الدولة المنحل في التنكيل بأي مرشح يحاول منافسة مرشح الحزب بإعلان الحرب عليه وتلفيق قضايا ضده. ومن بين هؤلاء الذين تم التنكيل بهم النائب السابق عماد الجلدة الذي أجبر على الاستقالة من مجلس الشعب بسبب ورقة تحريات من مباحث أمن الدولة أفادت أنه على علاقة صداقة بالدكتور أيمن نور زعيم حزب "الغد" الذي خاض انتخابات رئاسة الجمهورية في عام 2005 أمام الرئيس المخلوع حسني مبارك، فما كان من الحزب "الوطني" وقياداته سوى الخلاص منه حتى يكون عبرة للجميع. ومنذ عام 2007 وحتى الآن لا يزال القضاء ينظر قضية الجلدة الذي اتهم في قضية رشوة بوزارة البترول. وذرت المستندات أن جهاز "أمن الدولة" قام بتلفيق هذه القضية التي تزال تنظرها محكمة النقض للمرة الثالثة. وأظهرت المستندات أن إسماعيل زكريا عبد اللطيف المتهم الثاني في قضية توكيلات حزب "الغد" المتهم فيها الدكتور أيمن نور عقد مؤتمرا صحفيا قال فيه إن مباحث أمن الدولة جندته في أبريل 2004 وزرعته في مكتب زعيم حزب الغد" حتى يكون مصدرًا لها في تلفيق الاتهام إلى نور. وأضاف أن مباحث أمن الدولة سألته عما إذا كان عماد الجلدة ورامي لكح يقومان بتمويل أيمن نور من عدمه، وأنه عندما أجاب بالنفي رد عليه ضابط "أمن الدولة" بأن مصادره الأخرى أكدت صحة ذلك وأنها بصدد تجهيز قضية رشوة لعماد الجلدة، وأنها قامت بزرع مصدر لها لديه للإيقاع به. وقال زكريا إنه كان يتعذر عليه تعديل أقواله قبل ذلك بعد أن تقدم المتهم الثالث أمين إسماعيل في قضية أيمن نور بطلب للنائب العام لتعديل أقواله في 1/9/2007 إلا أنه تم "قتله" في السجن بعد خمسة أيام في 7/9/2007، وقال إنه كان يخشى أن يلقى مصيره داخل السجن. وبعد أن عقد زكريا المؤتمر الصحفي الذي كشف فيه عن تورط النظام السابق في الزج بخصومه بقضايا ملفقة، تقدم بطلب إلى النائب العام برقم 6535 لسنة 2011 بلاغات سطر فيه حجم التلفيق الذي أصاب عماد الجلدة من النظام السابق، كما سطر شهادة أخرى بذلك في المحضر رقم 4692 لسنة 2011 إداري قسم النزهة. وأكدت الأوراق المقدمة للنائب العام أن قيادات الحزب "الوطني" المنحل بحكم المحكمة الإدارية العليا اتخذت موقفا عدوانيا من بعض نواب الحزب "الوطني" الداعمين والممولين والمؤيدين للدكتور أيمن نور بإقصائهم عن العمل السياسي وتلفيق قضايا لهم وشل أعمالهم وتشريدهم، حتى لا تقوم لهم أي قامة أثناء انتخابات الرئاسة التي كانت ستجرى في عام 2011 والتي كان جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع يعتزم الترشح لها. وكشف المحامي عن وقائع أخرى للنظام السابق في الوثائق المقدمة للنائب العام، ومن بينها طلب المهندس أحمد عز أمين تنظيم الحزب "الوطني" وعضو لجنة السياسات ورئيس لجنة الخطة والموازنة السابق أثناء الانتخابات التكميلية لمجلس الشعب بدائرة شبراخيت بحث مدى تلفيق اتهامات لوالد عماد الجلدة للحيلولة بينه وبين شغل المقعد، وذلك طبقا لوثيقة "أمن الدولة". وأوضح المحامي أن وثيقة أمن الدولة محررة في 7/7/2007 والمقيدة برقم 175 لسنة 2007 "سري للغاية" الصادرة من مباحث أمن الدولة فرع البحيرة الصادرة إلى اللواء مساعد أول وزير الداخلية رئيس جهاز مباحث أمن الدولة والإدارة العامة للنشاط الداخلي مجموعة التنظيمات قسم أحزاب والتي تتضمن أنه إلحاقا لكتاب الفرع للجهاز رقم 6467/2007 في 30/6/2007 بشأن الانتخابات التكميلية لعضوية مجلس الشعب عن الدائرة الخامسة ومقرها مركز شرطة شبراخيت مقعد العمال والتي خلت باستقالة عماد الجلدة واتجاه والده السعيد يوسف الجلدة للترشيح وكذا اللواء بالمعاش على سماح بلبح وآخرين.. نفيد أنه بتاريخ 3/7/2007 فتح باب الترشيح وقبول الطلبات بمقر مديرية أمن البحيرة وحتى يوم 6/7/2007 لم يتقدم أحد انتظار للوقوف على اسم مرشح الحزب "الوطني" لتلك الانتخابات وأنه في صباح 7/7/2007 حضر إلى مقر لجنة قبول طلبات الترشيح المحامي حمدي العقدة من مركز شبراخيت راغبا في تقديم أوراق ترشيح السعيد يوسف الجلدة، إلا أنه تم إفهامه بأن الأوراق ينقصها شهادة حيازة زراعية خاصة بزوجة الراغب في الترشيخ وقد قام بإحضارها. وأشارت الأوراق إلى قيام أحمد عز بالاتصال بفرع مباحث أمن الدولة بالبحيرة للاستعلام عن إمكانية منع السعيد الجلدة من الترشيح من خلال إجراءات أمنية، أسوة ببعض المحافظات الأخرى التي أمكن للحزب إعلان فوز مرشحه فيها بالتزكية، وتأكيده في اتصاله أن عدم تنفيذ ذلك سوف يؤدي إلى تغيير كافة الحسابات، في حين أبلغه مدير فرع الجهاز بالبحيرة أن مثل تلك القرارات تكون مركزية ولا يتم تنفيذها إلا بناء على تعليمات من قيادة الجهاز بالقاهرة. وأكد المحامي أن طلب عز من رئيس فرع مباحث أمن الدولة بالبحيرة عن إمكانية بحث منع ترشيح السعيد يوسف الجلدة والد عماد الجلدة من خلال إجراءات أمنية أمر يفيد أن المنع من الترشيح ليس له سند قانوني، وإنما سيتم تلفيق اتهامات له تحول دون الترشيح وهذا ما يدل على دأب أحمد عز وجهاز أمن الدولة في تلفيق الاتهامات إلى عماد الجلدة ووالده. واعتبر أن قول أحمد عز أسوة ببعض المحافظات تفيد أن تلفيق الاتهامات لم تكن مقصورة على عماد الجلدة ووالده فقط بل تشمل مصر بأكملها، وأن كلمة أسوة ببعض المحافظات تعني عمومية التلفيق بالنسبة لجميع المرشحين بالمحافظات والذي يرمي الحزب "الوطني" إلى ضرورة إقصائهم واستبعادهم من خوض المعركة الانتخابية. ورأت الأوراق المقدمة إلى النائب العام أن جملة سوف تؤدي إلى تغيير كافة الحسابات في حالة ترشح والد عماد الجلدة تعني تفيد أن هناك حسابات قديمة وأن إخلاء مقعد عماد الجلدة باستقالته من مجلس الشعب كان إحدى حلقات هذه الحسابات المقررة سلفا، وأن هذه الجملة التي ذكرها عز تهدف أيضا إلى إخلاء المقعد من عماد الجلدة بعد تحريات أمن الدولة السابقة بأنه كان أحد ممولي حملة أيمن نور أثناء الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2005 وجاء فيها الثاني في الترتيب بعد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأكد المحامي أنه من خلال تلك الوقائع والمستندات، فإن النظام السابق بأكمله كان يقوم على تلفيق القضايا لخصومه وأن النظام الفاسد وفلوله كانوا يسيطرون على أعضاء مجلس الشعب وأنه كان يجري التلفيق لأي مواطن يرغبون في إبعاده عن البرلمان من خلال تغول جهاز أمن الدولة السابق في الحياة السياسية والاجتماعية. وطالبت المذكرة المرفوعة إلى النائب العام بقبول التماس إعادة النظر في القضية المرفوعة ضد عماد الجلدة وذلك طبقا لنص المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الواقعة أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه. واستند المحامي أيضا إلى القاعدة القانونية والشرعية التي تقضي بأن دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة، فضلا عما قضت به محكمة النقض في أحكامها المتواترة بأن القرائن تعتبر أدلة غير مباشرة للقاضي أن يعتمد عليها وحدها في استخلاص ما تؤدي إليه وأيضا حكمها بأنه لا يلزم في القانون أن يكون الدليل مباشرا وقائما بذاته وأيضا حكمها بأنه لا يشترط في الدليل أن يكون استخلاص ثبوت الواقعة منه عن طريق الاستنتاج، وترتيب النتائج على المقدمات. كما استد إلى حكم محكمة النقض بأنه "أنه متى استقرت عقيدة المحكمة على رأي فلا يهم أن يكون ما استندت إليه في ذلك دليلا مباشرا أو غير مباشر ما دام الدليل مؤديا عقلا إلى ما رتبته المحكمة عليه فإن القانون لا يشترط في الدليل مهما كان نوعه أن يكون مباشرا أي شاهد بذاته عن الحقيقة المطلوب إثباتها بل يكفي أن تستخلص منه المحكمة تلك الحقيقة بعملية منطقية تجريها". واعتبر المحامي العام أن حالة التربص مكتملة الأركان من جانب النظام السابق وفلوله الذين يقبعون حاليا داخل سجن مزرعة طرة ضد عماد الجلدة ووالده والعديد من المرشحين الذين تم استبعادهم من قبل تلفيق اتهامات من قبل جهاز مباحث أمن الدولة السابق والذي تم حله ومعه أيضا الحزب "الوطني" الذي كان يقوده النظام السابق الذي أفسد الحياة السياسية من أجل احتكار الحياة السياسية والتحكم في مجلسي الشعب والشورى من خلال عمليات التزوير، تمهيدا لعملية توريث الحكم إلى جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك.