في الوقت الذي يتحسس كثيرون داخل مصر وخارجها تجاه الانتخابات الرئاسية الحالية ، ويترصد كثيرون لعملية سيرها وبشكل خاص الشبهات التي يمكن أن تعلق بها في موضوع التزوير من عدمه ، نفاجأ باللجنة العليا للانتخابات تقرر بدعة جديدة تضع ألف علامة استفهام حول الانتخابات ، حيث قررت إسناد عملية طباعة بطاقات التصويت إلى مطابع الشرطة ،وليس للمطابع الأميرية ، كما هو المعتاد ، وكما جرى في كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة ، وكما هو الشأن في جميع إجراءات الحكومة المصرية والدولة المصرية ، لأنها المطابع المعتمدة ، ولم تقدم اللجنة العليا للانتخابات حتى الآن أي تفسير مقنع لهذه "البدعة" الجديدة ، باستثناء قولها أن مطابع الشرطة هي الوحيدة التي تطمئن اللجنة إلى قدرتها على طباعة خمسة وخمسين مليون بطاقة تصويت في الوقت المحدد بكفاءة عالية وبسرعة ، وهو كلام يطرح أسئلة أكثر مما يقدم إجابات ، فإذا كانت الدولة عاجزة عن إيجاد مطبعة تصلح لتجهيز أكثر الأوراق حساسية ، وهي أوراق التصويت على الانتخابات التي تصنع الشرعية وتشكل مؤسسات الرئاسة والحكومة والبرلمان ، فالسؤال الأولى هنا هو : هل كانت الدولة تجهل ذلك أم قصدت إليه تمهيدا لترتيبات خاصة ، هل فوجئت الدولة والحكومة الأجهزة المختلفة بأن مطابعها الأميرية فاشلة وضعيفة ولا تصلح للطباعة بالسرعة المطلوبة والجودة المطلوبة ، بحيث يحتاج الجميع إلى الشرطة من أجل القيام بهذه المهمة ، والحقيقة أن ما زاد الطين بلة في هذا الجانب ، وزاد من الشكوك الجدية ، أن اللجنة العليا للانتخابات قررت الانسحاب من الإشراف على عملية الطباعة ، بدعوى أن القضاة غير متخصصين بهذه العملية الفنية ، وهذا غريب جدا ، لأن اللجنة تستعين بخبراء في الرياضيات والكومبيوتر والبرمجة والإحصاء والاتصالات وقطاعات فنية أخرى عديدة لتسهيل عملها ، فلماذا عند هذه النقطة بالذات لا تريد الاستعانة بخبراء تحت اشرافها وإدارتها ووفق اختيارها ، لماذا سلمت مفاتيح "بطاقات التصويت" للشرطة تحديدا . جيد أن تثق اللجنة في انضباط الشرطة وحياديتها ونزاهتها ، ونحن مثلها وأكثر منها نثق في نزاهة الشرطة وحياديتها وديمقراطيتها ، ولكن الدستور والقانون والشعب أوكلوا إلى القضاء وليس إلى الشرطة الإشراف الكامل ، وضع عدة خطوط تحت وصف : الكامل ، على العملية الانتخابية ، ولو كانوا يريدون منح العملية أو جزءا منها للشرطة لفعلوا ، فلماذا تقرر اللجنة العليا للانتخابات الإخلال بواجبات وظيفتها ودورها ورسالتها وتتنازل طواعية عن الرقابة على عملية الطباعة ، إذا كانت عاجزة عن منحها للمطابع الأميرية المعتمدة ، وكيف يطمئن المرشح المنافس لمرشح "الدولة" ، ولنكن صرحاء ، وكيف يطمئن الناخبون إلى أن أصواتهم التي يضعونها في الصناديق لا يوجد ضعفها مسودة ومجهزة للوصول للصندوق بطرق عديدة . حتى الآن لم تنته التحقيقات في عمليات تسريب بطاقات اقتراع مزعومة من انتخابات مرسي وشفيق ، ولا نعلم شيئا عن مصير الاتهامات التي وجهت لصناديق بطاقات الاقتراع التي طبعت في مطابع الشرطة ، وما الذي انتهت إليه تحقيقات النيابة ، أم أنه لن تنتهي في الأمد المنظور ، والبعض طعن أيضا في البطاقات التي طبعت في المطابع الأميرية ، ولكنه لم يثبت أي شيء حقيقي فيها ، وكانت مطابع الشرطة قد طبعت بالفعل ملايين البطاقات التصويتية للانتخابات الجديدة ، إلا أنه تم إعدامها جميعا بعد أن تدخلت جهة ما لدى اللجنة العليا للانتخابات وطلبت إضافة صورة المرشح السيسي وصباحي إلى جوار الرمز الانتخابي خشية أن يقع لبس عند التصويت ، وهو اضطراب جديد ، إضافة لكونه هدرا للمال العام لا نعرف من الذي يتحمل فاتورته .