أحيانا تقف مذهولا أمام سلوكيات بعض مؤسسات الدولة ، والحزب الحاكم أيضا ، وهي سلوكيات تشف عن فقدان اللياقة في أبسط معاييرها ، درجة الجليطة تكون أحيانا فوق طاقة الإنسان على الاحتمال ، وحتى لا أطيل على القارئ أدخل في شاهد الموضوع مباشرة ، في مدينة الزقازيق كانت واقعة التزوير الفاضحة التي حدثت ضد مرشح جماعة الإخوان الدكتور محمد مرسي ، وهو المتحدث باسم كتلة الإخوان في البرلمان السابق ، الدائرة الأولى في الزقازيق بكاملها كانت تعرف أن نجاح محمد مرسي هو تحصيل حاصل ، فحضوره وجماهيريته طاغية ، وبالفعل في الجولة الأولى حصل على أكثر من 26 ألف صوت ، وحصل منافسه مرشح الوطني خالد زردق على أكثر قليلا من خمسة آلاف صوت ، وجرت الإعادة بين الاثنين والناس مجمعة على أن محمد مرسي فاز بالمقعد إلا أن بركات التزوير حلت فإذا بخالد زردق يفوز بمقعد الدائرة ، كيف ، هذا هو السر الفرعوني القديم ، خالد زردق ضابط سابق بجهاز مباحث أمن الدولة ، وقد خرج من الخدمة بعد أن طلب منه الاستقالة ، لحادثة شهيرة لا داعي لتفصيل أمرها الآن ، وربما عدنا إليها يوما ما ، المهم أن مقعد محمد مرسي كان أحد المقاعد الثلاثة التي تقرر تزويرها بالقوة وأيا كانت النتائج ، ومهما كان حجم الفضيحة ، والمقعدان الآخران كانا مقعد محمد جمال حشمت في دمنهور ، ومقعد خالد أبو إسماعيل في الدقي ، مكمن الجليطة في سلوك الحزب الحاكم أنه لم يجد من بين خلق الله في البرلمان من يكون وكيلا للجنة الشؤون الدينية سوى الضابط خالد زردق ، تخيلوا ، طيب ابحثوا عن لجنة أخرى غير المختصة بالدين ، لماذا تمنح لجنة الشؤون الدينية لمقعد يعرف الجميع أنه أتى بالتزوير ، هل انعدمت اللياقة ، هل وصلت الجليطة إلى هذا الحد ، وكانت النتيجة بالأمس أن حول وكيل اللجنة الدينية ساحة البرلمان إلى مشتمة ، والمثير أن أعضاء البرلمان عندما لجأوا إلى الدكتور فتحي سرور من أجل أن يوقف المهزلة ، قال أمام الجميع : نعم ، ولكن أنتم أيضا لا تحاولون استفزاز الأعضاء ! ، يعني بوضوح أن تحريك الضابط خالد زردق كان مقصودا ، وبمعنى آخر ، فإن جليطة الحزب الحاكم كانت مقصودة ومرتبة ومبيتة النية ، والحقيقة أن ما تم في الانتخابات الأخيرة من فجور في التزوير لا سابق له قد انعكس على حالة البرلمان الحالي ، فهناك حالة من انفلات الأعصاب والسلوكيات وغياب الاحترام والهيبة للمجلس ، لأن من رأى ما حدث وكيف نجح البعض رغم أنف الشعب الذي اختار غيرهم ، وكيف ترتب أوضاع المجلس المنوط به تشريع القوانين ، يعرف أن هذه حكومة : عينها مكسورة ، وأعتقد أن هذا أحد أهم أسباب الانفلات في المجلس الجديد ، وليس كما يقال أن الشاذلي كان حازما عن عز ، والله أعلم ! [email protected]