قللت مصادر قضائية من أهمية المساعي التي يبذلها وزير العدل المستشار محمود أبو الليل لتقريب وجهات النظر بين نادي القضاة ومجلس القضاء الأعلى ، مشيرة إلى أن هناك اتجاها عاما بين القضاة يرفض مبادرة أبو الليل التي تدعو نادي القضاة للتنازل عن مطلب انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاة ، على أن تقوم الحكومة بتعيينهم ، مقابل موافقة الحكومة على جميع بنود قانون السلطة القضائية الذي أعده نادي القضاة . واعتبرت المصادر أن مسألة تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى تعد تفريغا لقانون السلطة القضائية من مضمونه وتكريسا لسيطرة الحكومة على المجلس. وأرجعت المصادر تحرك أبو الليل وطرحه لهذه المبادرة إلى وقوفه بين شقي الرحى فهو يرفض تأييد النادي حتى لا يتسبب هذا في غضب النظام عليه وإقالته من منصبه في أول تغيير وزاري ، كما أن أبو الليل يتفق مع نادي القضاة في كل مطالبه ، وكذلك لا يسره أبدا أن تصل العلاقة بين النادي ومجلس القضاء الأعلى إلى طريق مسدود . وأوضحت المصادر أن فشل مبادرة أبو الليل سوف يخصم من رصيده لدى القيادة السياسية ، في الوقت الذي تعرضت فيه صلاحيات وزارته للتآكل بعد تعيين الدكتور مفيد شهاب وزيرا للشئون البرلمانية والقانونية وتولي وزارته مهمة إعداد القوانين الجديدة ، وحرمان وزارة العدل من دورها التشريعي. ونفت المصادر وجود أي اختلاف بين القضاة حول الإسراع بطرح مشروع السلطة القضائية على مجلس الشعب أو تأجيل هذا الأمر إلى العام القادم مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى ، وهو ما يعتبره الفريق المنادي بالتأجيل فرصة ذهبية للضغط على النظام ، مؤكدة أن الجمعية العمومية وهي المعبرة عن جموع القضاة قد طالبت بالإسراع بطرح هذه القانون على البرلمان في الدورة الحالية. في سياق متصل ، توقعت المصادر أن تتصاعد حدة الصراع بين الحكومة ونادي القضاة بعد أن نما إلى علم النادي سعى الحكومة لإلغاء بعض المزايا التي يتمتع بها القضاة ، مثل تصاريح السفر المجانية في القطارات والأتوبيسات المكيفة وإلغاء مشروع حاسب لكل قاضي. ويزيد من حالة التوتر بين الطرفين ، بحسب المصادر ، توجيه الحكومة لتهديد رؤساء الهيئات القضائية بمساءلتهم إذا لم يقوموا بعقاب أي قاضي يواصل هجومه على السياسات الحكومية وهو ما يحول القضاة إلى تلاميذ في مدرسة الحكومة وهو أمر يرفضه القضاة جملة وتفصيلا. من جانبه ، أكد المستشار هشام البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض ل"المصريون " أن القضاة لن يدخلوا في أي مساومات مع مجلس القضاة الأعلى أو وزارة العدل ، مشددا على أن القضاة لن يتنازلوا قيد أنملة عن استقلالهم من خلال مشروع قانون السلطة القضائية ، وأنهم سيرفضون رفضاً باتاً المساس باستقلالية القضاة وهم متمسكون بكل البنود التي وضعتها اللجنة التي شكلها النادي لهذا الغرض. وأشار البسطويسي إلى أنه لن يمثل أمام قاضي التحقيق إلا إذا أطلع على أوراق التحقيق وهو الحق الذي كفله له قانون الإجراءات الجنائية لافتا إلى أن قاضي التحقيق خالف باستدعائه للقضاة المحالين للتحقيق قرار الجمعية العمومية لنادي القضاة التي انعقدت يوم الجمعة قبل الماضية. من جهته ، شدد المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض على أن القضاة متمسكون بأن يكون اختيار أعضاء مجلس القضاء الأعلى بالانتخاب حتى يكون معبرا عن رغبة جموع القضاء بخلاف أن يكون هذا المجلس معين من قبل وزارة العدل وهي جهة تنفيذية مما يجعل المجلس تابع للحكومة ويتجاهل مطالب القضاء بالاستقلال ، موضحا أن أي تنازل عن جعل هذا المجلس بالانتخاب يضرب استقلالية القضاة في مقتل. وتابع مكي أن مطالب جموع القضاة بانتخاب مجلس القضاء الأعلى ليس بدعة وإنما كان نظاما معمولا به قبل مذبحة القضاة الشهيرة عام 1969 ، مشددا على أن الجمعية العمومية للقضاة جاءت معبرة عن القضاة في هذه المطالب وطالبت بسرعة إقرار مشروع القانون. وأشار نائب رئيس محكمة النقض إلى أن من حق القضاة الرد على ما جاء في أوراق التحقيق من خلال الاكتفاء بمذكرة ترد على ما جاء في هذه الأوراق.