في ميدان التحرير توجه الإعلامي مفيد فوزي لتسجيل برنامج يتحاور فيه مع عدد من المعتصمين حول أسباب اعتصامهم.. ووجه مفيد سؤالا لأحد المعتصمين الذين يطالبون بمحاكمة مبارك يتساءل فيه.. وماذا إذا لم يتم محاكمته؟ ولم ينتظر هذا المتظاهر طويلا للتفكير في الإجابة إذ سارع بتوجيه لكمة إلي مفيد؟ الذي سارع إلي الاختباء بأحد المقاهي خوفا من نهاية غير سعيدة في ميدان التحرير أو ميدان الشهداء.. والواقع أنه رغم استنكارنا للحوار باللكمات، وإيماننا بأهمية الحوار أيا كانت درجة الاتفاق أو الاختلاف، وآمالنا في ألا يتحول هذا الحوار إلي فوضي إلا أننا علي قناعة بأن توجه مفيد فوزي إلي ميدان التحرير جانبه الصواب، وكان مدعاة لاستقرار المتظاهرين حتى لو لم يكن هناك حوار. فليس مفيد فوزي هو الشخص الملائم لحوارات هذه المرحلة، والأجدر به أن يظل باقيا علي قناعته السابق مدافعا عنها بعيدا عن الثوار وعن مرحلة التحول الديموقراطي الحقيقي. فمفيد فوزي من أكبر مؤيدي الرئيس المخلوع حسني مبارك، والجمهور الذي ذهب يحاوره في ميدان التحرير يختلف كثيرا عن جمهور العهد السابق الذين كانوا يسعدون بالظهور التلفزيوني ويوافقون علي ما يمليه عليهم الأستاذ مفيد، فالجمهور الجديد نوعيه مختلفة تعامل معه علي أنه " محسوب " علي العهد البائد ومن رموزه أيضا، ولذا وجب عقابه وليس الحوار معه. وما حدث هو رسالة لكل رجالات العهد السابق بأنهم لن يستطيعوا اختراق صفوف الثوار ولن يستطيعوا القفز فوق أعناقهم ولن يكون لهم مكان في عصر جديد يجب أن يخلو من لغة النفاق والتزلف واللعب فوق كل الحبال، والتلون طبقا لتبعات ومتطلبات كل مرحلة. وهو ما يقودنا إلي الحديث عن عدد من رؤساء تحرير الصحف القومية الذين تمت الإطاحة بهم في تغييرات التطهير الأخيرة والذين لا زالوا علي إصرارهم وعنادهم في أن يستمروا في الكتابة يوميا بعد أن ارتدوا عباءة الثوار وراحوا يتحدثون عن مساوئ وعيوب النظام السابق ويسخرون منه أيضا. فهؤلاء الأشخاص بعنادهم وبانتهازيتهم المفرطة سيكونون سببا في أن تستمر مقاطعة الجماهير لبعض الصحف القومية وسيكون استمرارهم في الكتابة نوعا من التحدي للإرادة الشعبية التي أجمعت وطالبة بتغييرهم، ولن يكون فيما يكتبونه نوعا من حرية التعبير والرأي إذ أنه لم يعرف عنهم تمسكهم بأي مواقف أو أفكار ولا تبنيهم لوجهات نظر وسياسات وإلا لكان أشرف لهم وأكثر احتراما لو أنهم استمروا علي مواقفهم السابقة في الاستماتة في الدفاع عن النظام السابق...! إن حرية الرأي والتعبير مكفولة للعقلاء فقط، ولكن صاحب قلم شريف يعبر عن قناعته الذاتية حتى وإن اختلف الناس حولها وإنتقادوها، فهي في النهاية صادرة عن إرادة حرة وليست موجهة من أحد..وهؤلاء لم يكتبوا أو يتحدثوا من قبل إلا بما كان يملي عليهم فقط، ولذلك لم يكونوا من الأحرار قط..! [email protected]