لن أدعي الحكمة بأثر رجعي، فيعلم الله أن ملخص ما قلته لصديقي د وليد عبدالفضيل يوم 23 يناير، أي قبل قيام الثورة في مصر بيومين، أن دور الجيش التونسي بعدما رفض إطلاق النار علي المتظاهرين كان هو عامل الحسم في هروب زين العابدين بن علي ونجاح الثورة التونسية، وأردفت بأن التغيير في مصر لن يتم إلا إذا إنحاز الجيش المصري للشعب، إذا أراد أن يحذو حذو الشعب التونسي، وهذا ما حدث بعد بضعة أيام، وكأني كنت أقرأ الواقع من كتاب مفتوح، حيث قامت الثورة، ووقف الجيش المصري إلي جوار الشعب وثورته. لا أحد ينكر الدور العظيم الذي قام بها الجيش المصري، وما زال يقوم به في مواصلة إنجاح ثورة الشعب المصري حتي الآن، وسيظل يمارس هذا الدور الرائع حتي يسلم السلطة للرئيس القادم، وصدقت المقولة التي لخصت الثورة في عبارة عبقرية وهي " ثورة بدأ شرارتها الشباب وشارك فيها الشعب المصري وحفظها الجيش المصري" وحينما رأيت اللقاء الذي دار بين ثلاثة من قادة المجلس العسكري ومني الشاذلي بعد تنحي الرئيس المخلوع بأيام قلائل إستبشرت خيرا من سعة صدورهم، وردهم علي كل الاسئلة بصراحة مطلقة وبلا مداهنة أو مواربة وفي كثير منها بلا دهاء سياسي ولكن بثقة في النفس وبصدق في التوجه، لثقتهم في قدراتهم وحرصهم علي الصالح العام، ونحن نستمد ثقتنا فيهم من ثقتنا في الله سبحانه وتعالي وفي صدق نياتهم وتوجههم، فهم منا ونحن منهم. قال تعالي في كتابه العزيز " يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين" الحجرات 17، تملكتني الدهشة حين سمعت أحد قادة المجلس العسكري وهو يتحدث علي الهاتف منذ عدة أيام مضت لاحد برامج التوك ونحن نجل ونقدر دور المجلس العسكري كما ذكرت، ولكن ما يوجه من نقد أو إختلاف في وجهات النظر إلى أداء المجلس العسكرى في بعض القرارات لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يعتبر نقدا للجيش المصرى العظيم أو لقادته أو تقليلا من شأنه، و نقد الأداء السياسى والقرارت التي تمس مصالح الشعب للمجلس العسكري أمرا ليس ممنوعا أو محظورا طالما كان مستندا إلى أرضية وطنية وملتزما بآداب الحوار وصدق النوايا، ونحن نثق فى الجيش ونقدره ونفتخر بدوره السابق والحالي والقادم، لكن هذه الثقة مستمدة من تعهد المجلس العسكري بتحقيق مطالب الثورة وتلبية طموح وأحلام غالبية الشعب الذي ذاق كافة صنوف القهر والذل علي يد النظام السابق، أعترف بأن هناك مبالغة من البعض فى النقد والطموح ، لكن يجب أن تتذكروا أن المجلس العسكري يؤدى دورا مدنيا وسياسيا لا يتطلب السمع والطاعة والاقرار بما تتخذونه من قرارات، وكأن هذه القرارت لا يأتها العوار من بين يديها او من خلفها، بل القرارات تتطلب الحوار والنقاش والاختلاف والنقد في بعض الاحيان. شتان الفارق بين الجيش المصري الوطني وجيش القذافي في ليبيا والمكون من أبنائه ومجموعة من المرتزقة، ومع كامل إحترامي للاشقاء الليبيين فالبون شاسعا بيننا وبينهم، ولا محل للاعراب من تلميحك يا سيدي بأن الشعب المصري " يبوس يديه وش وضهر" لان الجيش المصري لم يصنع بنا مثل ما يصنعه الجيش الليبي الآن بالشعب الليبي. أعلم أن الضغوط عليكم عظيمة والمسئولية جسيمة، وأعلم انكم تعلمون ما لا نعلمه، وبأن الصورة المكتملة امامكم ليست كما نراها نحن، فكل منا يري جزاء بسيطا من الصورة وعليه جزء ضئيل من المسئوليات والتبعات، وتبعات حكم وطن اكبر وأخطر من التنظير السياسي، ولكن حنانيك يا سيدي، وليحكم مصر من يختاره الشعب المصري سواء كان صوفيا أو سلفيا، فالشعب هو الذي يتحمل تبعات إختياره. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية [email protected]