قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية، إنه من حق المصريين جميعًا مسلمين وأقباط أن يحيوا حياة آمنة، وإنه قد آن الأوان للعمل؛ سعيًا لتحقيق الخير لأمتنا، ومحو كلمة "الطائفية" من قاموس مفردات حياتنا كليًّا. وحذر من أن أعمال العنف الطائفي أمر يؤذي مصر كلها، وطالب بالوقوف صفًّا واحدًا في مواجهته، وأشار إلى أن مستقبل مصر القوية يعتمد على تعاون وتضافر جهود أبنائها جميعًا للعبور إلى بر الأمان. وقال في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأحد يتضمن رؤيته لكيفية الخروج من الأزمة الأخيرة بين المسلمين والأقباط في مصر، إن هذا النوع من العنف لا يمكن أن يكون ناتجًا عن فهم سليم للدين، وإنما هو علامة على لا أخلاقية لأناس ذوي قلوب قاسية وأنفس سقيمة ومنطق مُعوج. واعتبر أنه من المهم ومصر تطوي صفحة من صفحات تاريخها أن نتذكر دائما العوامل والأسباب التي جعلت من أمتنا أمة قوية فتية قادرة على إحداث التغيير. وقال إن على رأس تلك العوامل روح الوفاق الديني التي استمرت طيلة أربعة عشر قرنا من الزمان، "فينبغي ألاَّ نفرِّط في وحدتنا الوطنية أبدًا وأن نظل على ثوابتنا ومبادئنا وإلا خسرنا تراثًا غنيًّا من القيم كالتسامح والوحدة والالتحام الاجتماعي بل ربما فقدنا أنفسنا على أيدي قوى العنف والفوضى". ودعا إلى وجوب الوقوف في وجه هذه "البربرية بكل ما أوتينا من قوة"، مشددًا على أن هذا الوقت ليس وقت الشعارات، لكنه وقت صناع السلام؛ ليقوموا بدورهم في وضع حدّ لهذا العنف الطائفي، خاصة وأن المصريين قد سئموا من تعاطي المسكنات للتعافي من مرض الطائفية المزمن، ونحن في أمسِّ الحاجة- خصوصًا وأننا مقبلون على عهد جديد- إلى علاج ناجع لهذه المشكلة. وخلص جمعة إلى أن الحل والعلاج لمرض الطائفية المزمن يكمن في تفعيل معنى "المواطنة" والتي تساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات أمام القانون. وناشد وسائل الإعلام المصرية والعالمية بتحمُّل مسئولياتها، والمشاركة بكل فاعلية وإيجابية في بناء مصر "خالية من العنف"، كما ناشد التربويين مراجعة المناهج الدراسية والتأكد من خلوها مما يدعو للطائفية. وتمنى على جميع الأطراف الفاعلة سياسيًّا وإداريًّا وتنفيذيًّا العمل على تسهيل مشاركة المصريين جميعًا في بناء مصر الجديدة. في سياق منفصل، قررت دار الإفتاء في اجتماع موسع ضم رؤساء اللجان الشرعية والفقهية والبحثية والتقنية التابعة للدار البدء الفوري في تنفيذ برنامج متطور للتواصل الفعال مع جمهور المتعاملين مع دار الإفتاء من مصر والعالم وبعدد من اللغات. وأقر الاجتماع توفير الموارد المالية والبشرية والكوادر المؤهلة، وجميع السبل التي تضمن لدار الإفتاء حضورا قويا وفعالا على مواقعها الرسمية بشبكة اليوتيوب، وصفحاتها الرسمية بالفيس بوك، وشبكة التويتر من خلال موقعها الرسمي ( www.dar-alifta.org ). وأكد المفتي خلال الاجتماع أن دار الإفتاء حددت من خلال دراسة عميقة لشبكات التواصل الاجتماعي عددا من الأهداف الواضحة لاستكمال دور الدار الحيوي بين جموع المجتمعات الإسلامية خاصة الشباب وستقوم من خلال تلك المبادرة بفتح قناة جديدة للحوار والتوعية بشكل أكثر فاعلية وقال إن دار الإفتاء المصرية تابعت بدقة ما أحرزته هذه الوسائل من انجاز هائل غير وجه التواصل والحوار بين الأفراد، ولعل أكبر مثال على ذلك ثورة 25 يناير بمصر والتي لقبها بعض المحللين ب "ثورة الفيس بوك"، وذلك لكونها ثورة بدأت وتفجرت بداية من شبكة التواصل الاجتماعي الأكثر شهرة في العالم. بدوره، اعتبر الدكتور إبراهيم نجم المستشار الإعلامي لدار الإفتاء أن المبادرة الجديدة تأتي إيمانا من الدار بالدور الفعال الذي تقوم به وسائل الإعلام الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي، لذا قررت دار الإفتاء المصرية أن تدخل عالم وسائط الفيس بوك والتويتر واليوتيوب وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر شيوعًا. وقال إنها بذلك ستكون أول مؤسسة دينية تدخل عالم الوسائط الاجتماعية استمرارا وتأكيدا للتطوير الذي تشهده الدار في الأعوام الماضية وتسعى من خلاله لأن ترتقي في توفير الوعي الديني الصحيح وفتح قنوات جديدة للتواصل مع الأفراد. وأوضح نجم أنه سيتم إدماج تواجد دار الإفتاء على كل من تلك الشبكات بموقعها الرسمي وذلك حرصًا منها على توفير الوعي الديني بشكل سهل ومتوفر. وأشار إلى أن المركز الإعلامي بدار الإفتاء بدأ في الإعداد لهذه الخطوة في الأشهر القليلة الماضية لتأتي ثورة مصر مؤكدة علي ضرورة البدء في تطبيق هذه النظم الحديثة من أجل تواصل أكثر فعالية وحوار حقيقي مع الجمهور.