لا يبدو أن الوكالة اليهودية العالمية والمنظمات الصهيونية التابعة لها وكذا الدولة العبرية المغتصبة لأرض فلسطين منذ عام 1948 لديهم قيد أنملة فى التراجع أو التخلى عن مخطط بناء الدولة المزعومة " إسرائيل الكبرى " من نهر النيل وحتى نهر الفرات. فى وقت نتساهل نحن معهم والبعض يحتضنهم معتقداً أنهم مالوا للسلام وجنحو له والحقيقة غير ذلك .ففى هذه الأيام تتفجر أبعاد جديدة لشق المخطط الصهيوني المقرر تطبيقه فى الطرف التركى بكشف مدير سابق بهيئة المساحة ووثائق الملكية التركية معلومات عن قيام يهود بشراء أراضى زراعية وعقارات فى منطقة جنوب تركيا بطرق ملتوية لتجاوز القانون المحدد إمتلاك الأجانب لنسبة 5 فى الألف فقط من مساحة المحافظة ويشترون ما هو أكثر من هذه النسبة بألاعيب ليست بجديدة عليهم .وطبقا للمعلومات التى أوردها المدير المتقاعد وكذا ما نشرتة الصحافة التركية والبيان الرسمى الصادر يوم 13/6/2006 من رهشان أجاويد عضو الحزب اليسارى الديمقراطى المعارض وزوجة رئيس الحكومة التركية السابق بولنت أجاويد يقوم الصهاينة بشراء أراضى فى المنطقة المحيطة بنهر الفرات عبر مشروعات إستصلاح الأراضى المسماة " جاب " وبطرق ملتوية وعبر أسماء مواطنين يحملون الجنسية التركية من المقيمين بجنوب تركيا.وحين أراد الحاخام اليهودى إسحاق هليفى رئيس الطائفة اليهودية بتركيا الرد على رهشان أجاويد فى بيانه الصحفى وتحديه لها بأن تظهر قائمة بأسماء إسرائيلين اشتروا تلك الأراضى، فإنه نطق بكلمة الحق دون أن يدرى وهى أن الذين اشتروا الأراضى حول نهر الفرات هم من المواطنين اليهود الأتراك مؤكدا أن لهم الحق فى التملك وشراء الأراضى والعقارات وفقا للدستور.وهذا يعنى ببساطة اعترافه أن هناك فعلا خطة لشراء تلك الأراضى بالذات – لا يوجد دليل على شراء أراضى فى مناطق تقع بغرب تركيا أو شمالها أو شرقها من طرف يهود تركيا – لأن تركيز الشراء وإن كان عبر القانون ينحصر فى منطقة جنوب تركيا أى نهر الفرات.من ثم لا يمكن أن يكون هذا الأمر صُدفة لأنه كما ذكرت سالفا لم يتكرر فى مناطق أخرى بعيدة عن حوض نهر الفرات بتركيا مما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك فى أن خطة الصهيونية العالمية فى إقامة دولة إسرائيل الكبرى ما بين النيل والفرات تسير على قدم وساق وبالقانون (!) ومن الأمور التى أثارت التيار الوطنى بتركيا فى سلسلة عمليات بيع الأراضى للأجانب – 166 مليون متر مربع بيعت بين عامى 1934-2005 طبقا لمعلومات هيئة المساحة التركية- وتتصدى لها جريدتا ميللى غازته وأورطا دوغو أن إحدى الشركات الإسرائيلية الجنسية - ليست ليهود تركيا - طلبت حق الإنتفاع وإستخدام أراضى حدودية متاخمة مع سوريا لمدة 49 سنة مقابل قيامها بنزع الألغام المزروعة فيها منذ نصف قرن وتريد تركيا تنظيفها لكى تعود للزراعة بعد إنتهاء الخلاف التركى- السورى وإبرام مذكرة تفاهم أمنى عام 1998 بأضنا جنوب تركيا.وهنا أيضاً ملاحظة جديرة بلفت الأنظار ووجع القلوب وهى أن الأراضى المُلغمة تقع جنوب تركيا وحول حوض نهر الفرات أيضاً وتتكالب شركات إسرائيلية مباشرة أو إسرائيلية بلون ورائحة أوروبية للفوز بعقد تمشيط وتنظيف هذه الأراضى الزراعية البالغة مساحتها 3 مليون هكتار بطول 510 كم .وكما ذكرت سالفا فقد أكد رئيس الطائفة اليهودية بتركيا على حقيقة عمليات الشراء ولم ينكرها ، فقط قال أنهم مواطنون أتراك يهود لهم الحق فى الشراء مثل كل الأتراك بموجب الدستور والقانون.لا أنكر قلقى الشديد مثل إخوانى الأتراك المنزعجين من عمليات بيع الأراضى بجنوب تركيا وإنتقال ملكيتها لأيدى اليهود الصهاينة لذا كتبت هذه المقالة للتنبيه والتحذير لكى تأخذ مصر والأردن وسوريا الحيطة لأن المخطط لازالت خريطتة معلقة على باب الكنيست الإسرائيلى .إن إمتلاك اليهودى العقارات والأراضى فى بلاد المسلمين هو حق عندما يكون مواطنا ولاؤه الأول والأخير لوطنه الذى ولد وعاش وتربى وتعلم فيه ويكون له ما للمسلمين وعليه ما عليهم.لكن يجب أن تختلف النظرة والموقف تماماً بالنسبة للصهاينة المؤمنين بدولة إسرائيل الكبرى وقبلتهم هى حائط المبكى بالقدس الشريف المحتل.ولعل متابعة بسيطة لمواقف أغلبية اليهود الذين تركوا آذربايجان- على سبيل المثال وليس الحصر - وذهبوا لجنة إسرائيل وإنخراطهم فى جيش الإحتلال وقتالهم للعرب والمسلمين بفلسطين رغم أنهم عاشوا بين مسلمى آذربايجان لقرون طويلة بكل حرية وأمان وصفاء وحسن نيّة المسلمين لعل فيه دليل دامغ على ما تكنه العناصر اليهودية المتصهينة من عداء خفى للأمة الإسلامية يعيشون بيننا وقلوبهم عند حديقة البهائية بتل أبيب.الشىء الغريب أن يهود آذربايجان يعترفون بصفاء وإحترام وتقدير المسلمين لهم ولم يدّعوا وقوع تفرقة أو تحقير وما يشبه من إدعاءات تروجها الوكالة اليهودية والصهيونية العالمية خلال عيشتهم بآذربايجان ويذهبون لباكو العاصمة الآذرية ولشاطىء بحر الخزر بين الحين والأخر يزورون الأصدقاء القدامى من المسلمين الذين فتحوا لهم قلوبهم مجددا وهم لا يدرون أن اليهود الآذريين المهاجرين للدولة العبرية أيديهم ملوثة بدماء إخوانهم المسلمين فى فلسطين وسوريا ولبنان ومصر والعراق بإنخراطهم فى جيش الإحتلال والمعتقد أن نفس الأمر يتكرر مع اليهود المهاجرين من مصر والمغرب والعراق واليمن كلهم قاتلوا فى صفوف جيش الإحتلال وخرّبوا مدننا ودمروا ثرواتنا بفرض حرب ظالمة علينا. من منطلق هذه الحقائق المُرة لا يجب بيع الأراضى للصهيانة فى البلاد الإسلامية وتبدو تركيا مستهدفة فى هذه المرحلة لأن بها منبع نهر الفرات وهو الحد الشمالى للدولة المزعومة.وإنى أؤيد تحذيرات رهشان أجاويد بشأن بيع الأراضى لليهود الصهاينة وخطورتها على مستقبل جغرافية تركيا وأتحفظ على إدعاءها " أن مسلمى فلسطين باعوا أراضيهم لليهود واليوم يبكون عليها " لأن هذه أكذوبة صهيونية والدليل تكرار نفس الشىء اليوم على أرض تركيا شراء الأرض بصفة مواطن وفى ظل القانون بينما المشترى الحقيقى هو الوكالة اليهودية والصهيونية العالمية وهذا ما حدث فى فلسطين قبل 1948 وربما يحدث فى أى مكان أخر البيع والشراء بين المواطنين دون النظر للهوية العرقية والدينية.فهل تعى تركيا والبلاد الإسلامية الأخرى الأمر وتفهم اللعبة الجديدة القديمة المستمرة التى يلعبها الخبثاء أم سنلقى بأنفسنا فى البحر دون أن ندرى؟ كاتب وصحافي مصري يقيم بتركيا [email protected]