سادت حالة من الانقسام والجدل بين الفقهاء والخبراء القانونيين مابين مؤيد ومعارض، للمادة 35 من مشروع قانون الانتخابات الرئاسية والتي أثارت حالة من الخلاف الجذري بين رجال الفقه والقانون، فالبعض اعتبرها مادة معيبة لكونها تخدم شخصية بعينها يحتمل أن يقتصر الترشح عليها فقط نتيجة للضغوط المادية والمعنوية على المرشحين المحتملين، مؤكدين أن هذه المادة وضعت كأرضية قانونية لتغطي مآرب مفضوحة للعيان، فيما اعتبرها البعض الآخر حلًا لمعالجة خلو المرشحين لهذا المنصب. وأعرب الدكتور رأفت فودة، أستاذ القانون الدستوري عن رفضه الشديد للمادة 35 لمخالفتها للدستور لأنها تجيز إجراء انتخاب رئيس الجمهورية في حالة عدم وجود مرشح واحد وهذا مخالف لنص المادة 143 من الدستور، لأن الترشح لانتخابات رئيس الجمهورية يجب أن يكون على اثنين من المرشحين على الأقل، حيث إن الانتخاب يقوم على الاختيار وهذا يتطلب تعددية في المرشحين على الأقل اثنين أو أكثر وبناء على ذلك يتم الاختيار بينهما. وأضاف أنه إذا اقتصر الترشح على شخص واحد ينبغي على اللجنة العليا المشرفة على انتخابات الرئاسة إعادة فتح باب الترشح، موضحًا أنه بغير ذلك يكون مبدأ انتخاب رئيس الدولة قد تم إهداره، والوارد في المادة 143 من الدستور والتي تنص على أنه يتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتى ولو تقدم للترشح مرشح واحد وانسحب باقي المرشحين أو تنازلوا تحت أي مسمى ولم يبق سوي مرشح واحد، في هذه الحالة يعلن فوز المرشح الحاصل علي أغلبية الأصوات، تعتبر مادة معيبة وصنعت خصيصًا لأشخاص بعينهم، علي حد تعبيره. وأكد فودة أنه في هذه الحالة تتحول عملية الانتخاب إلى استفتاء وهذا ما كان موجود في مصر قبل 2005 في دستور 71، ولكن الاستفتاء هنا مختلف في ماهيته وطبيعته في الانتخاب، واستدرك "قائلًا" إن الاستفتاء لا يكون على أشخاص عكس الانتخاب، ولكن الاستفتاء مقصور على موضوعات عملية موضوعية معينة وليس علي أشخاص يتم الاختيار بينهم، وبالتالي إذا مرت أو تم تمرير هذه المادة "35" في قانون الانتخابات الرئاسية تكون غير دستورية. وأشار إلى أنه في هذه الحالة تكون موضوعة لشخص واحد يحتمل أن يقتصر الترشح عليه فقط أو يتم تنصيبه نتيجة للضغوط المادية والمعنوية علي المرشحين المحتملين، ولذلك وضعت هذه المادة كأرضية قانونية لتغطي مآرب كل ما تم ذكره سالفًا، وهي بذلك تعد غير دستورية لأنها مادة مفضوحة ومكسوفة للعيان وليست من الديمقراطية والقانون في شيء. واستطرد "قائلًا: "إنه استمر رئيس الجمهورية يستفتي عليه في دستور 71 حتي 2005 وإدخال التعديلات الدستورية علي دستور 71، 76، وتحويل الاستفتاء إلي انتخاب، ولذلك تعد هذه المادة "تقهقر للخلف" عكس سهم الديمقراطية"، مشيرًا إلى أنه كان هناك عودة وردة دائمًا للخلف في عهد جمال عبد الناصر وأنور السادات، مطالبًا في الوقت ذاته رجال القضاء الشامخ بقسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة أن يعي تمامًا خطورة هذه المادة المعيبة دستوريًا. ووافقه الرأي المستشار أحمد كشك، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، مؤكدًا أن المادة 35 يشوبها عيوب جسيمة لتعارضها مع المادة الأولى من مشروع قانون الانتخابات الرئاسية والتي تنص على أنه يجب أن يكون اختيار رئيس الجمهورية عن طريق الانتخاب، وليس التنصيب أو الاستفتاء لأن ذلك يتعارض مع نص الدستور. وأضاف أن هذه المادة تسمح بوجود مرشح واحد فقط، وذلك مخالف لأحكام الدستور، حيث إن الانتخاب أو الاختيار يشترط أن يكون هناك أكثر من مرشح لخوض الانتخابات الرئاسية. في حين أكد المستشار حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن المادة 35 جاءت لمصلحة معينة، ولكن يجب أن يتم معالجة هذه الحالة من خلال اختيار المرشح لمنصب رئيس الجمهورية بالانتخاب المباشر بأغلبية شعبية ساحقة، وشرط أن يكون له شعبية ساحقة من الناخبين وليس الحزب، حيث إنه لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة رئاسته. وقال الجمل، إن هذه المادة والتي اعتبرها حلًا في حالة عدم وجود مرشح واحد فقط، وهذا من المنطق مستحيل طبعًا إلا إذا كان هناك مصلحة تسدعي ذلك يتم الضغط علي المرشحين المحتملين للانسحاب وترك المنصب لشخص بعينه، ولكن شريطة أن يكون الانتخاب بأغلبية 60 % وليس 50 % + 1، بحيث يتم الانتخاب بأغلبية ساحقة، وممنوع عليه أن يكون حزبيًا ويجب أن يكون له شعبية كبيرة من الناخبين. وأضاف أن اختصاصات رئيس الجمهورية القادم أقل من دستور الغرياني، لذلك يجب أن يكون له شعبية لا تقل عن 60 % من الأصوات لمساندته في مهام عمله. فيما رأى الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة، أن هذه المادة سليمة ولا غبار عليها، حيث إن هذه المادة تستخدم أو يتم الاستعانة بها في حالة وجود مرشح وحيد، في هذه الحالة يشترط للمرشح أن يحوز على أكثر من 50 % من الناخبين شريطة أن يكون المرشح له ثقل شعبي وهذا سيكون من خلال الاستفتاء وليس الانتخاب، مشيرًا إلى أن هذه المادة تشترط أن يكون للمرشح الوحيد أن يحصل على ثقل أغلبية الشعب بنسبة تفوق ال 50 % من أصوات الناخبين.