الحكومة الحالية هي حكومة الحزب الوطني الذي لم يعد له وجود فعليا، حتى رئيسها الفريق أحمد شفيق عضو فيه، كما قال بلسانه عقب توليه هذا المنصب. لا يعقل أن يظل يحكمنا الحزب الذي أهان مصر وشعبها وسرقها وزور إرادتها وعرضها للتدمير والخراب، ثم يطلب منا أن نطمئن. قرأت تقريرا يؤكد أن وزير الصحة الحالي أحد المخططين والمنفذين لموقعة الجمل التي هاجم خلالها البلطجية ثوار ميدان التحرير بالبغال والحمير والجمال، فقد خصص باصات وسيارات اسعاف مستشفى قصر العيني لنقل البلطجية إلى الميدان. كيف نرتاح لحكومة فيها مثل هذا الوزير الذي اشترك في محاولة قتل الشباب، ويتحمل المسئولية مع غيره عن الأرواح التي زهقت في ذلك اليوم الأسود؟! التقرير يقول إن مخططي ومنفذي تلك الجريمة هم جمال مبارك وصفوت الشريف وابراهيم كامل ومحمد أبو العينين ووزير الصحة الحالي الذي لم يكن قد مضى سوى وقت قصير على تعيينه في منصبه. اتذكر شفيق في مؤتمره الصحفي معلقا على ما وقع بأنه فوجئ بالجمال والبغال والحمير تدخل ميدان التحرير، فكيف شخصيا يمكنه أن يأمن أن تغييرا سيحدث وكل الوزراء من مرؤوسيه ما عدا القليل جدا، ينتمون للحزب البائد؟! ليس خافيا أن الحزب برجال أعماله ونافذيه يخططون بقوة للعودة، والحيلولة دون مطاردة الفساد والفاسدين، والالتفاف على الثورة بالابطاء في التغيير. رجال الأعمال الكبار بالتنسيق مع صفوت الشريف وزكريا عزمي وابراهيم كامل يجهزون لسيطرة الحزب على مجلس الشعب القادم اعتمادا على المال والبلطجية، وبذلك يتمكنون من تشكيل الحكومة. الاسراع في تشكيل حكومة انتقالية من التكنوقراط مع استبعاد أحمد شفيق سيقطع عليهم الطريق أو سيضعف مخططهم، لأنهم لن يتمتعوا وقتئذ برعاية السلطة التنفيذية أو صمتها عما يحدث. الحكومة التي نتوقعها لن تتوان عن استرجاع المليارات المنهوبة، ولن تترك الهجمة التي يقودها أبناء الحزب البائد وأنصاره بالاتفاق مع البلطجية ضد ممتلكات الوطن من أراض زراعية وعقارات ومصانع، وتهريب الأموال إلى الخارج وحرق المستندات والوثائق مثلما يتم حاليا في وزارة الخارجية تحت اشراف أحمد أبو الغيط كما تقول بعض التسريبات. كثير من الملفات يجب فتحها ولن يفعل ذلك سوى حكومة مختلفة لا ينتمي أحد من وزرائها إلى النظام السابق، كملف عبارة "ممدوح اسماعيل" التي راح ضحيتها ألف مصري، وعلاقة زكريا عزمي بها، وملف خالد سعيد وإعادته للقضاء ومحاكمة القتلة الذين أفلتوا بسلطة وزير داخليتهم السابق حبيب العادلي، وأيضا ملف سيد بلال. إن ما يفعله قضاؤنا المستقل النزيه حاليا يثلج صدورنا ويجعل نطمئن بأن هذه السلطة ذات التاريخ الرائع لن تعطي فرصة لأحد للالتفاف على الثورة، ولكننا نتمنى في المقابل من المحامين والشرفاء بأن يسارعوا بتقديم بلاغات وما يحملونه من مستندات وأدلة للايقاع بالفاسدين وعدم تمكينهم من الهروب. أمس وجه النائب العام خطابا للبنك المركزي للتحفظ على أموال وأرصدة 27 من الشخصيات العامة ورجال الأعمال والمسئولين السابقين تمهيدا لحظر سفرهم، وفي مقدمتهم جمال مبارك وصهره مجدي راسخ، ونجيب ساويرس، وشقيقه سميح، وياسين منصور، وأنس الفقي، وحسن حمدي، ومحمود الخطيب، وسمير زاهر، وأحمد نظيف، ويوسف بطرس غالي، وسيد مشعل وزير الانتاج الحربي، وحاتم الجبلي وزير الصحة السابق، وطارق كامل وزير الاتصالات، وطارق نور خبير الاعلانات، ومجدي القبيصي محافظ البحر الأحمر، وأشرف الشريف نجل صفوت الشريف، وحسين سالم الذي هرب فعلا إلى سويسرا، وهو سمسار الغاز إلى اسرائيل، والجهة التي كان نظام مبارك يبيع لها الغاز بسعر دولار واحد ليبيعه لاسرائيل وإسبانيا بسعر دولارين ونصف كما كشف خبير البترول المعروف طارق حجي في الفضائية المصرية أول أمس. إلا أننا نرى أن اتخاذ اجراءات فورية بمنع سفر كل المسئولين ورجال الأعمال النافذين في هذه المرحلة سيحول دون هروبهم، فقد خرج من مصر فعلا كما نعرف رشيد محمد رشيد، وأيضا خرج على طائرتيهما الخاصتين نجيب وسميح ساويرس. [email protected]