خلال رحلتي من القاهرة الى بلدتي على حدود محافظة الشرقية مرورا ببنها وميت غمر والمنصورة ودكرنس وبني عبيد رأيت بوسترات ومطبوعات وملصقات تتجاوز اعدادها الالاف للمشير عبدالفتاح السيسي الذي اصبح ظاهرة مثيرة للجدل والقلق في نفس الوقت، فما صدقت هذا الكم من النفاق والدعاية المغلفة بروح الابتزاز والمصلحة والانتقام، صورا تحمل في طياتها روحا ثأرية من بعض هذا الشعب الذي ما عانى من الانقسام كما يعانيه اليوم. كافة الشعارات المرفوعة والبوسترات المعلقة تتوسل لسيادة الفريق – اقصد المشير – بالترشح للانتخابات الرئاسية، تناشدة ان مصر بدونه ستغرق، فهو المخلص والزعيم والقائد ورسول الله الى أرضه كما يحب أن يلقبه الهلالي، ومع ذلك لازال الرجل يفكر، مابين الخوف من مسئولية المنصب الجديد، وبين ترقب ماتحمله الايام المقبلة من غدر، يحيا المشير حالة من الحيرة والتردد في أن يلبي نداء الشعب. اتفقنا او اختلفنا أصبح السيسي رمزا جماهيريا لاينكره عاقل، بل أصبح لدى قطاع عريض من الشعب المخلص لهم والمنقذ من الهلاك، فهو من خلص الدولة من الغزو الاخواني، وحررها من الاستعمار الذي ربما تجاوز مئات السنين كما تردد على السنة البعض. لكن هناك ملاحظة غريبة وهي أن هناك ضغط شديد يمارس على السيسي لقبول منصب الرئيس، وهناك الحاح غير مبرر لاجباره على الترشح، حتى ان بعض المنافقين المقربين له هدده شخصيا في حال عدم ترشحه سيقاضيه لانه لم يلبي نداء الشعب، هل وصل بنا الحال الى هذا العهر والنفاق والتطبيل؟ هل وصلنا الى هذه الدرجة من السفه؟ ارى في قرارة نفسي أن السيسي بلا شك متردد في قبول المنصب، فهو كوزير للدفاع محصن ضد أي عزل او اقاله، وسيظل متربعا على عرش الملايين من انصاره باعتباره المخلص الذي لو تقلد زمام الامور لصعد بنا الى السماء وأمسكنا النجوم بأيدينا، لكنه لو قبل المنصب وتسلم الدولة وهي مهلهلة المفاصل كما نراها الان فربما لايستطيع أن يقدم شيئا لهذا الشعب، وغدا آجلا أم عاجلا ستنقضي شماعة مكافحة الارهاب ويأتي الشعب ليبحث عن قوت يومه، عن كرامته، عن حريته، عن ديمقراطيته، فهل يستطيع السيسي وقتها ان يلبي للشعب مايريد أم سيكتفي بخطاباته العاطفية التي تتحرك لها افئدة الملايين من محبيه؟ أعتقد أن أنصار السيسي يسيرون في مدار اغتيال الرجل في حال إرغامه على الترشح، فهو ان لم يكن لديه قناعة من الداخل انه قادر على ادارة المرحلة وانما ترشح ارضاء للجماهير فهم في تلك الحالة يغتالون الرجل، الذي لن يصمد طويلا أمام هذا الالحاح الذي يحرك الصخر.. سيادة المشير..أنصارك يورطوك بنفاقهم وزمرهم وعزفهم المنفرد، قرر انت بنفسك، إن لم ترى في نفسك القدرة فلا تورط نفسك، ولا تستمع لاصوات من حولك من المنافقين والمبطلين فهؤلاء يطبلون لكل زمان ومكان، مصر أكبر من الجميع، مصر لاتتسول ولاتتوسل لاحد......كفانا نفاقا ايها المزمرون...كفانا عهرا ايها العاهرون...فمصر ستبقي وستظل فوق كل كبير...