خرج الدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق عن صمته بعد 11 عامًا من إقالته، ليشيد بالثورة الشعبية التي أحدثت تغييرًا جذريًا في مصر، وأدت إلى الإطاحة بحكم الرئيس حسني مبارك. وأضاف في مقابلة مع برنامج "العاشرة مساء" على فضائية "دريم": "شعرت أني سأكون مقصرًا لو لم أخرج للكلام عن هذا الحدث العظيم، لأني رأيت شبابًا رائعًا لم أكن أتصور أنهم بهذا العقل الواعي والنضج السياسي، فهم حققوا ما كنا نحلم به منذ ثورة 52 أن تكون مصر دولة ديمقراطية تعرف مالها وما عليها، وأتمنى أن تثمر ثمار الثورة عن دولة ليست رئاسية بل جمهورية برلمانية". وتابع: "اليوم نحن أمام نظام سياسي جديد لم تتحدد ملامحه، وأطلب من الشباب الثوار أن يستريحوا لمدة شهر واحد حتى تستطيع القوات المسلحة تدبر الأمور وتحقيق المطالب". وكشف أنه كان على صلة ببعض المشاركين في المظاهرات من الشباب وقاموا بزيارته في منزله قبل الثورة بيومين وخلال أيام الثورة طلبوا منه الحضور لكنه رفض، وقال: سأكون خلفكم لأن هذه الثورة ثورتكم، فلا ينبغي أن استحوذ على نجاح ثورتكم، لكني سأظهر خلفكم ولتبقوا أنتم أمامنا جميعًا. وتحدث الجنزوري عن أسباب خروجه من الوزارة على استحياء بدون التطرق إلى التفاصيل، وقال: خرجت من الوزارة في قمة نجاح الحكومة التي كنت أنتمي لها ورغم الملفات الكثيرة التي كانت مازالت في حاجة لوجودي إلا أنه تم إقصائي، وقيل إن السبب هو أني لم أكن استأذن الرئيس مبارك في ما اتخذه من قرارات، ولأني لي شعبية كبيرة بين الناس ولم يتوقع أحد أن يتم استبعادي من رئاسة الوزارة. وتذكر بمرارة أنه بعد خروجه من الوزارة امتنع الوزراء المحبون والكارهون له عن الاتصال به، بينما قال إنه قرر ألا يتحدث للإعلام أو لأي جهة بل ولم يخرج للأماكن العامة أو حتى النوادي كي لا يلتف حوله الناس فيتعرض النظام لإحراج، لأن الكل سيسأل طالما هو محبوب من الناس لماذا تم إقصاؤه فرفعت هذا الحرج عن الدولة، وقررت عدم الخروج للأماكن العامة بقدر الإمكان طوال هذه السنوات. غير أنه قال إنه كان على اتصال بمكتب الرئيس فيما يخص بعض أمور الوزارة ومتعلقة بضرورة تدخلي في توضيح بعض التفاصيل الخاصة بها. وأعرب الجنزوري عن أمله في أن تصبح مصر جمهورية برلمانية وليست رئاسية "لأننا كرهنا نظام حكم الفرد الذي أخرنا لسنوات للوراء، ونتمنى وزراء على درجة كبيرة من الكفاءة والوعي السياسي". وطالب بإلغاء مجلس الشورى الذي تأسس في مطلع الثمانينات، قائلا "يكفينا في المرحلة القادمة مجلس الشعب فقط بدون مجلس الشورى الذي لم يكون له تأثير". ودعا إلى استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، بأن يكون التفتيش القضائي والنيابة العامة وتعين رؤساء المحاكم الإدارية من مجلس القضاء وليس وزير العدل وأن تخصص ميزانية للقضاء يحددها مجلس القضاء وليس وزارة المالية كي لا يسعى القاضي لوظائف أخرى بجانب مهمته كقاضي وبذلك يكون القضاء مستقلاً تمامًا. وتحدث الجنزوري عن الفساد المتفشي خلال السنوات العشر الأخيرة، وقال: تم إهمال أهم قطاع وهو الإنتاج على مستوى الزراعة والصناعة، وأصبحوا يستسهلون أمور مثل المضاربة في البورصة وتخصيص الأراضي وتسقيعها وبيعها بالأمر المباشر، وكل هذه جرائم لأنها تحقق مكسبا سريعا لبعض الأشخاص وليس فيها مجهود يأتي بخير للبلد وأبنائها وفيها أمور كثيرة من الحرام مثل الرشوة والسرقة. ووصف الجنزوري التي كان يرأسها بأنها كلنت معروفة بحكومة المشروعات الكبرى "لأننا علمنا مشروع شرق العوينات وتوشكى ومترو الأنفاق وترعة السلام"، واستدرك "لكن للأسف توقفت بعض هذه المشاريع، ومنها مشروع توشكى رغم أنه كان سيحل مشكلة كبيرة في زيادة الإنتاج الزراعي وكان سيغني مصر عن الاستيراد من الخارج إلا أنه توقف بعد أن صرف عليه في عهدي 6 مليارات، وأنا مستعد للمحاكمة لو كنا أخطأنا في توشكى ولكن بشرط أن يعاقب من أوقف هذا المشروع ولم يستكمله من بعدي". وعن أكثر القرارات التي اتخذها وتم إلغاؤها بعد إقصائه من الوزارة وحزن عليها قال ثلاث قرارات أولها: إحالة أي شخص يقوم بالبناء على الأراضي الزراعية للمحكمة العسكرية أي أن يسجن ثلاث سنوات هو والمحافظ الذي يتبعه، لأني رأيت أن اراضي مصر ثروة كبيرة. أما ثاني قرار تم إلغاؤه بعد تركه للوزارة وقال إنه حزن بسببه جدا "تخفيض العملة والحجة أن يجلبوا استثمارات، ومن يومها ونحن نعاني من ارتفاع أسعار السلع في مقابل الجنيه الذي قل قيمته". فيما أشار إلى أن ثالث قرار هو منع هدم الفلل في القاهرة "وبعد خروجي من الوزارة تم هدم 1400 فيلا وتحويلها لأبراج عالية ووحدات سكنية أصبحت خانقة للقاهرة". وهاجم الجنزوري سياسة وزير المالية السابق يوسف بطرس غالي، وقال "حينما أصبح وزير المالية خنق الناس بالضرائب مثل الضريبة العقارية". وتحدث الجنزوري عن وسائل كثيرة لترشيد الإنفاق، منها منع إعلانات العزاء التي تأتي من المال العام مثلما فعل أثناء منصبه كرئيس للوزراء وأيضًا ليس بالضرورة توزيع سيارات مرسيدس على المسئولين. وقال: لمدة 25 عاما لم أغير سيارتي وكانت قديمة، وأكد أن إهدار المال العام مصيبة لا تقل فداحة عن سرقة المال العام. وتحدث عن أخطاء الدولة في اتجاهها للخصخصة، وقال: أخطأنا حينما قمنا بالتأميم في عهد عبد الناصر وأيضاً أخطأنا حينما اتجهنا للخصخصة، لأن كليهما تم في عجالة وبدون ضمير وبالتالي فالدولة أخطأت حينما امتلكت وحينما باعت والخاسر المواطن المصري. واعترف الجنزوري بأن الدعم "لم يكن يصل لمستحقيه، وللأسف كان أكثر من سيء في طريقة تنفيذه فهو موجود في كل دول العالم بشكل عقلاني ولفئة معينة وليس كما هو عندنا".