ما ان أعلن عمر سليمان تنحي الرئيس مبارك عن الحكم حتى عمت الفرحة أنحاء القاهرة ومصر أجمع، ورغم أنني لست مصرياً إلّا أن عظم الفرحة أبى إلّا أن يشمل بتفيضه الجميع، فامتلأت الميادين والشوارع بالشيب والشباب رجالاً ونساء يهتفون بفرح غامر وهم يقطفون ثمار ثورة أشعلها الشباب منذ ثمانية عشر يوم فأسقطت حكم رجل جثم على صدورهم لثلاثة عقود. خرجت أجوب الشوارع والميادين لأشارك أخواني في العروبة والدين مشاعرهم فعادت بي الذاكرة عشرين عاماً الى الوراء بل إثنتين وعشرين وبالتحديد إلى يوم إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية في 8/8/1988 والذي أطلق عليه العراقيون يوم الأيام. حيث خرج العراق منتصراً، وربما هناك من يعترض على كلمة أنتصر؛ لكنني أصر على ذلك بإعتبار أن العراق كان قد صمد لثمان سنوات أمام أشرس الهجمات من قبل خامس جيش في العالم آن ذاك وإستطاع أن يقف سداً منيعاً يحمي البوابة الشرقية للوطن العربي ضد المخطط المجوسي المبطن بالثورة الإيرانية التي إنخدع بها مفكرون ومثقفون وأحزاب وهيئآت إسلامية وعربية، وقد أخذ الكثير منهم يعي هذه الحقيقة اليوم. أحسست وأنا أسير بين الجموع كم هي الأمة بحاجة الى أن تتنفس الصعداء وتنعم بأيام من الفرحة الحقيقية ، فرحة لا كتلك التي نراها عند فوز المنتخبات ولا حتى في الأعراس والأعياد، فرحة رأى فيها الأخوة العرب في كل بلد أنها فرحتهم وأنهم قادرون على أن ينقلوا هذا الفرح لديارهم ، فكلهم اليوم يتسائل عن ميدان ويوم تحريره. تحية إجلال وإكبار للشباب الذين كسروا قيد الخوف الذي جثم على قلوب الشعوب العربية وأيقضوا فيهم جذوة الإنتفاض ضد الظلم والفساد، واعلنوا أن لا مكان للدولة البوليسية في ديارنا بعد اليوم، ولا سكوت عن سرقة خيرات ومقدرات الأوطان من الآن فصاعدا ، فقد آن الأوان للشعب أن ينعم بالأمن الحقيقي، وآن الأوان أن يشبع المواطن من خير بلاده، وآن الأوان لليل أن ينجلي وللقيد أن ينكسر. كاتب واعلامي عراقي