دخلت قوة من الجيش لأول مرة منذ اندلاع مظاهرات الغضب التي تجتاح مصر منذ 25 يناير الماضي مبنى مجلسي الشعب والشورى ظهر أمس بأفراد كبيرة، تدعمهم السيارات المدرعة حيث تم وضع متاريس، لحماية المجلسين من ثورة الشباب المتصاعدة التي تحاصره من جميع الاتجاهات، فيما احتشد آلاف المحتجين لليوم الثاني أمام مبنى البرلمان، مرددين الهتافات المطالبة بإسقاط حكم الرئيس حسني مبارك. ورفع المتظاهرون لافتة على أحد أبواب المجلس، كتبت عليها عبارة "مغلق حتى إسقاط النظام"، في إشارة إلى القرار بتعليق جلسات البرلمان لحين البت في الطعون المقدمة والتي تشمل نحو 159 دائرة انتخابية، كما رفعوا لافتة أخرى حملت عبارة "أمس ميدان التحرير واليوم مجلس الشعب وغدا......."، في إشارة فيما يبدو إلى قصر الرئاسة الذي يهدد المحتجون بأنهم قد يتوجهون اليه لمطالبة مبارك بالتنحي. وهتف المتظاهرون "يا شهيد ارتاح ارتاح وإحنا نواصل الكفاح"، و"باطل.. باطل"، في إشارة إلى تزوير انتخابات مجلسي الشعب والشورى، و"يا جمال قول لأبوك الشعب المصري بيكرهوك"، كما رددوا شعارات تطالب بالقصاص من اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية السابق وخضوعه لمحاكمة علنية، بعد مقتل المئات وإصابة الآلاف جراء إطلاق النار على المتظاهرين. وتحولت جميع الشوارع المؤدية إلى مجلسي الشعب والشورى ومبنى مجلس الوزراء ووزارة الداخلية ومقر مباحث أمن الدولة بلاظوغلي ووزاراتي العدل والمالية إلى ثكنات عسكرية لحماية هذه المؤسسات من غضب المتظاهرين الذين أحاطوا بها متمسكين بمطالبهم برحيل الرئيس مبارك. وترك الجيش المتظاهرين يتحركون بكل حرية، واقتصر دوره على تمركز الدبابات والمدرعات في شوارع مجلس الشعب والشيخ ريحان والقصر العيني وميدان لاظوغلي والشوارع المجاورة لهم. وتولت اللجان الشعبية مسئولية تأمين المتظاهرين وذلك من خلال التفتيش ومطالبة أي شخص يرغب في دخول شارع مجلس الشعب والمشاركة مع المتظاهرين بإبراز هويته. وحذر المتظاهرين المتظاهرون رفعوا علم مصر بطول 50 مترًا على الأقل، أعضاء مجلس الشعب من دخولهم ساحتي مجلسي الشعب والشورى، بعد ان طعنوا في شرعيتهم، ومنعوا النواب الراغبين في حضور اجتماع لجنة القوى العاملة الذي كان مقررًا أمس، كما منعوا دخول الصحفيين المنتمين للصحف القومية، بعد أن اتهموها بأنها لا تعبر عن مطالب المتظاهرين والآلام الشعب المصري، ووصفوا الصحفيين القوميين بأنهم لا يزالون أبواقًا للنظام الفاسد. وفي ضوء محاصرة المتظاهرين لمبنى البرلمان، تم تم إرجاء اجتماع لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب برئاسة حسين مجاور، الذي كان مقررا أن يناقش مشروع قانون العلاوة الخاصة، وذلك بسبب غياب النواب عن الاجتماع لرفض المتظاهرين السماح لهم بالدخول. وأعطيت تعليمات لجميع العاملين بالمجلس بالانصراف ومغادرة مبنى مجلسي الشعب والشورى وذلك في حوالي الحادية عشرة والنصف ظهر أمس، ذلك في الوقت الذي ترددت فيه أنباء عن منح جميع الموظفين والعاملين بالمجلسين إجازة مفتوحة في غضون الأيام القادمة. وافترش المتظاهرون شارع مجلس الشعب، وقرروا الاعتصام وذلك حتى يتم الاستجابة لمطالبهم، وعلى رأسها تنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم، واصطحبوا معهم الخيام والبطاطين والمأكولات تأكيدا على استمرارهم في التظاهر حتى ينم الاستجابة لمطالبهم، رافعين شعارات تطالب الرئيس مبارك بسرعة التنحي والرحيل، ومعه عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية، وأحمد شفيق رئيس مجلس الوزراء، ورددوا هتافات "يسقط يسقط حسني مبارك"، "مجلس الشعب باطل والشورى باطل". وأصابت المتظاهرات مؤسسات الدولة بالشلل الكامل، خاصة مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى ووزارات الصحة والمالية والعدل، بعد أن حاصر المتظاهرون تلك المؤسسات حصارا كاملا، ووضع المتظاهرين مجموعات منهم أمام أبواب تلك المؤسسات التي خلت أمس من موظفيها بعد غلق أبوابها من الداخل والخارج وإغلاق كافة نوافذها. وتحرك المتظاهرون في حشد كبير استخدموا خلالها الأغاني الوطنية للمطربة، واستخدموا الميكروفونات والآلات الموسيقية في ترديد شعاراتهم "يا جمالوا يا جمالو ثار الشعب وشالوا"، "يا طيار يا طيار جبت منين 70 مليار دولار"، ووضع المتظاهرين لافتات كبيرة على مجلس الوزراء تحمل عبارة "ثورة حتى النصر.. الشعب هو الأصل"، وكتب على أسوار مجلس الوزراء ومجلس الشعب "باطل باطل". وكانت حالة من الشلل التام شهدتها هيئات وشركات ومصالح حكومية في خضم تظاهرات ووقفات احتجاجية للمطالبة بتحسين ظروف العمل ورفع الأجور وتثبيت العمالة المؤقتة بالتأمين الصحي ومستشفى الهلال الأحمر. وقطع أكثر من سبعمائة شاب الطريق صباح أمس في شارع شبرا، احتجاجا على رفض مكاتب خدمة المواطنين بأحياء روض الفرج والساحل ومسرة والزاوية والشرابية تسلم طلبات التوظيف، طبقا للتعليمات الصادرة من رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء ومحافظة القاهرة. وأصيب شارع شبرا بالشلل التام لمدة تتجاوز الساعة حتى تدخلت قوات الجيش وأجبرت الأحياء على تسلم طلبات التوظيف وهو ما أنهى الأزمة. وفي شارع رمسيس نظم المئات من موظفي الهيئة العامة للتأمين الصحي، مظاهرات صاخبة طالبت وزير الصحة بإصدار قرار بتثبيت عشرات الآلاف من العمالة المؤقتة والتي تعمل وفقا لنظام عقود منذ ما يقرب من 15 سنة. وتعهد العاملون بالتأمين الصحي بالاستمرار في احتجاجاتهم إلى أن يتم الاستجابة لمطالبهم ويصدر قرار من رئيس الوزراء بتثبيت الغالبية العظمى منها. وغير بعيد عن مقر هيئة التأمين الصحي، نظم الآلاف من الشركة المصرية للاتصالات وقفة احتجاجية نددوا خلالها بما وصفوها ب "سياسات التمييز" التي تمارس ضدهم وقِصر نسبة الحوافز لديهم على 100%، وهو ما لا يقارن بالمناصب القيادية التي تصل نسبة الحوافز فيها إلى 1000%، مطالبين وزير الاتصالات الدكتور طارق كامل بالاستماع لمطالبهم وبدء حوار معهم كشرط لتعليق الاحتجاجات. وفي جريدة "الجمهورية"، نظم العشرات من الصحفيين المؤقتين والعاملين في بعض أبواب الجريدة وقفة احتجاجية نددوا خلالها بسياسة إدارة "دار التحرير" ضدهم وطالبوا بإصدار قرارات بتعيينهم فورا، خاصة وأن العديد منهم أمضى سنوات طويلة دون أن يصدر قرار بتعيينهم. وعُلم أن قادة الاحتجاجات يعكفون على خطط للانتقال إلى مبنى الاذاعة والتلفزيون غدا الجمعة وهو اليوم الذي يعتزم فيه المتظاهرون القيام بمظاهرة مليونية في ختام ما أسمي ب "أسبوع الغضب".