بدأ الأمريكيون يلاعبون الرئيس.. ما نشرته "الجارديان" عن ثروة عائلته، كان من الواضح أنه جاء بتسريبات مقصودة من الإدارة الأمريكية.. وكأنها رسالة تطالبه بأن يسمع الكلام ولا يعاند.. وإلا!! وإذا كان ثمة نصيحة مخلصة لمبارك.. فهي أن يقبل بفكرة "الخروج الكريم"، وأن يرضى بالاقامة في مصر ما تبقى له من عمر، ولكن بصفته رئيسا سابقا.. إذ من الواضح أن هناك رغبة "مستترة" في فتح ملف ثرواته.. وهي نية بالغة الخطورة تعني نقل الملف إلى دائرة الملاحقات القضائية، حال تم تنحيته بالقوة. من هنا ربما تبدأ الأزمة في ولوج صعوبات أكبر.. فمن ذا الذي يمنع الشباب الثائر حينئذ من رفع سقف مطالبه وتجاوز شرط "التنحية" إلى ما هو أسوأ بكثير حال ألح الإعلام الغربي على فتح هذا الملف، على نحو أكثر جسارة.. كلما غالى الرئيس في عناده المعروف؟! حتى اللحظة.. تظل مطالب ثورة 25 يناير، مشروعة ومعقولة بما فيها "استقالة" الرئيس.. ولا داعي في أن نُسرف في تقدير تاريخه المهني باعتباره "حصانة" له في أن يبقى رئيسا إلى آخر يوم في ولايته.. بوصفها خيارا وحيدا يكفل لمبارك ترك المنصب بشكل كريم.. فمبارك نفسه هو الذي حبس الفريق سعد الدين الشاذلي.. وهو القائد الأعلى كعبا من حيث التاريخ العسكري.. فسيرة الأخير المهنية لم تمنع مبارك من اعتقال الرجل فور وصوله إلى مصر وإيداعه السجن الحربي! صحيح أن الفرصة أمام الرئيس لكي يخرج من السلطة بشكل "كريم" كما يريد، لا تزال قائمة، غير أن قواعد اللعبة كلها قد تتغير حال استمرت التسريبات الغربية الخاصة بثروة عائلته بشكل قد يلفت نظر حركة 25 يناير ويستفزها، ويضغط في اتجاه لا ترى حياله إلا ان تعيد النظر في قائمة مطالبها وأولياتها ورفع سقفها بشكل قد يغلق فكرة "الخروج الكريم" إلى الأبد. عناد الرئيس.. قد لا يعقد الأزمة أكثر ويجعلها مرواحة عند جدل "الخروج الآمن" وحسب.. وإنما قد ينقلها إلى مرحلة أخرى تيسر على الثوار الضغط بسهولة وبلا مشقة عليه فيما تضيق الخناق على الرئيس وتجعله يندم على ضياع تلك الفرصة.. إذ سيكون حينئذ محاصرا بكثير من الملفات التي قد لا تسمح له بأن يطلب "الشفاعة" بتاريخه العسكري والسياسي. [email protected]