ما يحدث من فئات كثيرة مظلومة ساخطة على النظام في مصر طوال سنوات طويلة لا يمكن تصديقه، هذه الفئات المعدومة التي أذلها النظام عبر سنوات الجور والظلم والطغيان جاءتها الفرصة لتأخذ حقوقها، ليس بيدها ولكن بيد أبنائها، ومن جلس في بيته والشباب يريدون الإصلاح، وبدلا من أن يتركوهم لتصلح البلاد نجدهم يحبطونهم. منذ سنوات وأقول لمن بجانبي نحن في انتظار ثورة الجياع، ولكن أظن أنهم تعودوا على الجوع والفتات، ولم يكتفوا الآن بذلك ولكنهم يريدون أن يعودونا على التعود على الجوع والمهانة والذل والخضوع، هم أضاعوا حقوقهم وها هم يريدون أن نضيع حقوقنا وحقوق أولادنا، آباءنا سلموا المقدرات لعصابات رجال الأعمال، ويريدوننا ألا نعدها لأولادنا، الشباب يضيع ولا مستقبل له ويبحث عن مستقبل أولاده، والآباء يريدون أن يضيع أيضاً مستقبل الأولاد. قام الشباب بعمل جميل، والآن يريد المستفيدين من النظام الالتفاف عليه، كلنا يعرف ما حدث في البلاد من فساد، رجال أعمال أخذوا الأراضي بالملاليم وقيمتها بالمليارات، مصانع وشركات بيعت بعشر ثمنها، فساد ورشاوى في كل مكان، تم ضم كل عمداء الكليات ورؤساء الأقسام وعمداء ومسئولي المعاهد ومسئولي المستشفيات وكافة الجهات الحكومية للجنة السياسات، لا يترقى أحد إلا إن لم ينضم للحزب، الشرطة عاثت في الأرض فساداً، فهل تنتظرون ممن عاشوا على السرقة والرشاوى وتضخمت ثرواتهم أن يكتفوا بمرتباتهم مثلنا؟. ما يجري الآن ضحك على الذقون وتعالوا معنا نقرأ ما قاله مبارك: مبارك قال أنه لن يترشح مرة أخرى وسيعدل المادتين 76 و77 من الدستور، وهذا جميل، ولكن وآه من ولكن... ماذا عن قانون الطوارئ هل حمى مصر؟، ماذا عن المادة 88 من الدستور المسئولة عن إدارة العملية الانتخابية والتي تبعد القضاء عن إدارة العملية الانتخابية وتتركها للشرطة؟، ماذا عن مجلس الشعب الذي يتحدثون فيه عن 172 كرسي مطعون عليهم وتم إضافة 64 كرسي للمرأة كلهم لعضوات الحزب الوطني، نفرض أن ال 172 كرسي ذهبوا للمعارضة والأغلبية ما زالت لرجال الوطني وعملائهم ورجال الأعمال؟، الانتخابات نفسها مطعون فيها قبل أن تبدأ بأحكام نهائية، بمعنى أن العملية الانتخابية نفسها هناك أحكام بعدم إقامتها، وهو ما يعني أن المجلس باطل بكل مقاعده، فهل قرأنا ما سيحدث؟. سيقوم المجلس بإعادة الانتخابات في 172 مقعداً، ويتم ترقيع المادتين 76 و77 مرة أخرى، وتتم انتخابات تحت إدارة الشرطة التي ستتولى تزويرها مرة أخرى لصالح مرشح يختاره الحزب الوطني مطلوب أن يأتي ليحافظ على مكتسبات رجال الأعمال، وسيأتي ليحكم فترتين كما قال مبارك، وبعدها وكما حدث من نساء مجلس الشعب عام 1980 عندما طالبوا بتعديل دستور 1971 الذي كان ينص على أن الرئيس يحكم لفترتين فقط ليتم تمديد فترة حكم الرئيس القادم مرة أخرى بحجة أن الشعب يطالبه بذلك وقام البعض حين ذلك بتسمية هذا التعديل "قانون الهوانم"، بالضبط كما قال مبارك في انتخابات 2001 أنها آخر مرة وفاجئنا في 2005 أنه سيترشح بناء على طلب الشعب، هل تضمنون سيناريو غير ذلك؟. البلد تم بيعها لرجال الأعمال، وتمت خصخصة الشركات الرابحة وأصبحت الدولة بلا موارد، فهل لا تريدون إعادة الأراضي التي سرقها رجال الأعمال بتراب الفلوس؟، هل نظام حاكم استمر 30 عاماً يستطيع أن يصلح في تسعة شهور؟، أي فرصة يأخذها مبارك مرة أخرى؟. يا سادة، اسمعوا من يتحدث من النظام الحاكم أمثال الإعلام المصري ومسئوليه وصحفييه لتعرفوا أنه لا أمل في ظل وجود مبارك، لو اعترفوا بأن هناك خطأ، لو اعترفوا بأن النظام أخطأ، الآن بعد أن حاولوا أن يتوازنوا رجعوا من جديد لسب الجميع، كلهم مستفيدين، كلهم يعرفون أنهم لن يبقوا في أماكنهم لو رحل مبارك. هل نسينا الاعتصامات لثلاثة سنوات عند مجلس الشعب والتي ضربها النظام بالعصي والشرطة، هل نسيتم العمال الذين تركوا شركاتهم التي بيعت وأصبحوا بلا موارد، وبعد خروجهم قام يوسف بطرس غالي بتخفيض المعاشات بمقدار النصف ابتداء من 11 يونيو 2009، هل نسيتم المرضى الذين لا يجدون علاجا ومجلس اللصوص يأخذ الأموال المخصصة للعلاج بالخارج في جيوب لصوصه؟، هل نسيتم... هل نسيتم... هل نسيتم؟، إن كان البعض نسى فاليصمت فالكل يعاني من نظام سلطوي طاغي. أتركوا الشباب يكملوا ما بدءوه، لتأتي حكومة انتقالية أيا كان من فيها ليلغي الطوارئ ويتم انتخاب جمعية تأسيسية لعمل دستور للبلاد تجرى على أساسه انتخابات حرة نزيهة تتلوها انتخابات رئاسية نظيفة، أرجوكم إن لم تكونوا معهم فلا تحبطوهم، النظام الآن يريد تجويعنا في الشارع لنطلب استمرار مبارك فلا تعطوه الفرصة، الآن ستبدأ المخابز في الإغلاق لعدم وجود دقيق، ولن يوجد غاز وممكن يتم قطع الكهرباء وكل هذا سيتم الإعلان أنه بسبب ميدان التحرير، هذا نظام دموي لن نفلح معه لو استمر أسبوعاً آخر. أما ما نسمعه من الكائنات الفضائية التي تخرج علينا وتقول أن من في ميدان التحرير حتى لو بالملايين لا يمثلون الشعب المصري البالغ عدده 86 مليون فأقول لهم: بفرض أنه عندما تحدث أي انتخابات ويذهب للتصويت اثنين مليون من 15 مليون وطبقاً للقانون انتخابات صحيحة قانونا، هؤلاء الاثنين مليون عندما ينتخبون مجلس شعب إذن المجلس شرعي ولا مجال لباقي الخمسة عشر مليونا للاعتراض، وليس لهم الحق في أن يقولوا أن المجلس لا يمثلنا، من جلس في بيته ليس من حقه أن يقول أن من في ميدان التحرير لا يمثله، هؤلاء هم مصر ومن جلس في بيته ليس من حقه أن يقول أنهم لا يمثلوني لان الموقف موقف، رأيك في لأي اتجاه؟، لو معارض لهم انزل الشارع وقل باحترام كما فعلوا أنك ضد توجههم، إذن من في الشارع يمثل الشعب. لو أن نظام مبارك صادق لما دخل البلطجية من أمس لضرب المتظاهرين، نفس السياسة القديمة مرة أخرى، أليست هذه رسالة غبية من النظام أن ريما ستظل كما هي تعود لسيرتها القديمة وستزور الانتخابات القادمة بنفس البلطجية كما حدث من نفس النظام؟. لو كانوا صادقين لتركوا الشباب كما هم للحوار كما قال مبارك في بيانه أمس عندما قال أن الحوار لا زال مفتوحاً مع قوى المعارضة المختلفة، لكنه لم يكن كلاماً صادقاً، فلا زال مبارك يخدعنا كما خدعنا كثيراً. هذا النظام لو خرج سليماً فلن تقوم لنا قائمة قبل ثلاثين عاماً أخرى، ودرس الفيس بوك سيتعلموه ويعرفوا كيف يواجهونه، ولن يستطيع أحد أن يفتح فمه بعد ذلك... أفيقوا النظام الآن يطلق بلطجيته على المتظاهرين، هذا هو مبارك يظهر وجهه الحقيقي مرة أخرى... فهل نحن منتبهون؟.