عبرت قيادات بجماعة "الإخوان المسلمين" عن ترحيبها بالمظاهرة 25 يناير، التي ستأتي بمواكبة الاحتفال السنوي بعيد الشرطة، لكنها لم تحسم موقفها بالمشاركة في التظاهرة التي دعت إليها حركة "شباب 6 أبريل"، واعتبرت أن استلهام "ثورة الياسمين" التي أدت إلى الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي في تونس ونقل تجربتها إلى مصر لن يكون بالأثر المتوقع وستكون نتائجه ضعيفة. وأعرب الدكتور عصام العريان، عضو مكتب الإرشاد، المتحدث الإعلامي باسم جماعة "الإخوان المسلمين" عن تشجيعه لكافة القوى الوطنية في القيام بواجبها تجاه الوطن، وأن الجماعة لا تتأخر عن القيام بواجبها أيضا، وأضاف إنها أعلنت مرارا أن من حق كل القوى الوطنية أن تبادر وأن تعمل من أجل المصلحة الوطنية العامة وعلى الجميع أن يتجاوب كل حسب رؤيته. لكنه شدد في تصريح ل "المصريون" على أن الجماعة دائما ما تعلن أن أي فاعلية تبادر بها أي من القوى الوطنية فلابد أن تعطى الحرية لبقية القوى الأخرى في الاختيار، أما إذا كان ذلك بالتنسيق المشترك، فإنه يكون هناك اتفاق مسبق على اختيار الميعاد واختيار الزمان والمكان والأمور المتعلقة بالتظاهرة. واعتبر أن إقدام الموطنين علي الانتحار بإحراق أنفسهم دليل على أن هناك أزمة في المجتمع المصري، معتقدا أن الشعوب تحاول في ذلك الاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى، وإن كان التقليد والمحاكاة ليس في نفس قوة الفعل الأصلي، لكنه قد يؤدي إلى النتيجة المرجوة في أن يدرك الناس عمق الأزمة الموجودة، فكل شعب ينتج تجربته الخاصة أما المحاكاة والتقليد دائما يكونوا اضعف. بدوره، عبر الدكتور حمدي حسن المتحدث باسم الكتلة البرلمانية ل "الإخوان" بمجلس الشعب السابق عن تحيته لكل متظاهر يخرج بطرق سلمية يعبر عن رأيه ويطالب الحكومة بالعدول عن طريقتها "الهمجية وغير الحضارية في تعذيب المواطنين في أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز". واعتبر أن عيد الشرطة مناسبة جيدة للقيام بتلك المظاهرة، لأن "ذلك اليوم يذكرنا يوم أن كانت الشرطة بالفعل في خدمة الشعب، ويوم أن ضحت الشرطة في سبيل حرية الشعب"، مشيرا إلى أن الأوضاع اختلفت الآن، وبعد أن أصبح عدد القتلى وضحايا الشرطة هذه الأيام كثيرين يفوقون عدد ضحايا الإرهاب، وآخرهم الشاب سيد بلال الذي كان محتجزا على ذمة التحقيقات في قضية تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية. ورأى أن ما حدث في تونس هو "جرس إنذار لكل الرؤساء والزعماء الذين ينتهجون نهج الرئيس زين العابدين بن علي وهم كثر"، مطالبا النظام الحاكم في مصر "إن كان له رغبة وطنية حقيقية أن ينحاز إلي الشعب وليس إلي أعداء الشعب، وأن يكون مع القضايا الوطنية وليس وكيلا عن الاحتلال الصهيوني أو الأمريكي الذي يهدف إلي السيطرة علي مقدرات الشعوب". ودعا الرئيس حسني مبارك إلى أن يعيد النظر في السياسات والقرارات السابقة، ومنها الانتخابات التشريعية "المزورة" لمجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية، معتبرا أن نتائج تلك الانتخابات لا تعبر بالفعل عن مطالب أو إرداة الشعب. وقال إن عيد الشرطة يجب أن يكون مناسبة لرجوع الشرطة إلى الشعب وفي حضن الشعب المصري وليس الاحتفال بممارسات الشرطة ضد المواطنين من قتل وتعذيب داخل أماكن الاحتجاز، فيجب أن تمارس الشرطة عملها "بمهنية وليس بغشوميه"، على حد تعبيره. من جهة أخرى، رفض حسن الإقدام على إحراق النفس من قبل بعض الساخطين، على طريقة الشاب التونسي محمد البوعزيزي، وقال "إن كنت تريد أن تقلد بوعزيزي فليس من اللازم إحراق نفسك ولا إحراق البلد ولكن اخرج وعبر عن رأيك وعن دعوتك دون إحراق نفسك". وأوضح أنه يجب علي الشعب الخروج والتعبير عن رأيه وإجبار النظام الحاكم على الاستماع إلى رأيه واتخاذ سياسات في صالحه، لأنه لا يمكن أن تسلب منه إرادته في كل الانتخابات سواء مجلس شعب أو شوري أو محليات ولا يخرج ويعبر عن رأيه، ولا يمكن لشعب أن يقبل بسخرية رئيسه منه بأن يقول لشعبه "خليهم يتسلوا"، وقال إن عليهم أن يخرجوا ليعبروا عن رفضهم لهذا الأسلوب الساخر من الرئيس. في حين رأى الدكتور محمد جمال حشمت القيادي البارز بجماعة "الإخوان المسلمين"، أن فكرة أن يقوم الشعب بثورة أو مظاهرة أمام وزارة الداخلية لا زيال قيد التناول الإعلامي والنخبة فقط، ولن تكون بداية لثورة الشعب المصري، لأن الشعب لا يزال بعيدا عن ما يصرح به قادة الحركات التي تدعو للثورة والتظاهر، وإن ثورة الشعب المصري "المطحون" هي التي يمكن أن يكون لها أثر حقيقي. وأضاف: لو استطاع يوم 25 يناير حشد عموم الشعب المصري المطحون الذين يذهبون لإحراق أنفسهم فستكون بداية فاصلة ومؤثرة، لكنه قلل من جدوى لجوء البعض إلى إحراق نفسه للاحتجاج على الوضع الراهن. وقال إن ذلك "غير مجد فقد حدثت مثل تلك الأحداث من قبل، فقد أحرق سائق "توك توك" نفسه في شارع 45 بالإسكندرية، حينما أوقفه ضابط المرور كي يصادر "التوك توك" الذي يقوده وعليه أقساط ويعاني من ضيق الحال". وذكّر بأن هذا الشخص هدد وقتها بأنه سيحرق نفسه ووضع البنزين علي نفسه فقام ضابط الشرطة بإعطائه الولاعة وقام بإحراق نفسه ومات بعد يومين، وحدث هذا في منطقة شعبية وكانت حادثة يمكن تحرك الحجر لا البشر لكن لم يحدث شيء. وأشار إلى وجود تباينات في الوضع بين مصر وتونس، لذا لن يكون السيناريو مماثلا كما يعتقد البعض، فالشعب يحتاج أن يستشعر أنه مهان وأنه مسروق ولابد أن يقول لا، ويقف أمام الظلم والفساد، وهذا الأمر ربما يأتي بشكل عفوي في لحظة غضب وما أكثر الغاضبين في مصر، إنما لا نستطيع أن ننهي مقاومة الشعب المصري وجهاده وحشد قواه في وقفة أو مظاهرة.