بعد ان اعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات النتيجة النهائية للاستفتاء علي الدستور السري 2014 , وقال ان عملية التصويت شهدت اقبالا لم يشهد له مثيل من قبل وان عدد من شاركوا في الاستفتاء تجاوز 20 مليون مصري وأن نسبة التصويت ب (نعم ) 98.1% ونسبة التصويت ب ( لا ) 1.9 % لاحظت وكأن هذه النتيجة تعيدنا مرة اخرى الي نتائج ماقبل ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي كان النظام المخلوع يعتمدها بعدما يقوم رجاله بالتصويت بدلا من الشعب عن طريق تسويد البطاقات ,وغلق اللجان وغيرها. وبالتالي فإن هذه النتيجة تثير العديد من الشكوك حول مصداقيتها وذلك من خلال شهادات المراقبين الحقوقيين , وكذلك الاجواء التي كانت تسيطر علي المشهد المصري قبل الاستفتاء والتي مر خلالها هذا الاستفتاء علي جثث الالاف من الشهداء والمصابين والمعتقلين والمختطفين قسراً والمفقودين . ولذلك فإن التجاوزات التي شابت عملية الاستفتاء تمثلت في النقاط الاتية :- أولا : مرحلة ماقبل يومي الاستفتاء ففي هذه المرحلة تم استبعاد العديد من المنظمات الحقوقية المحلية خاصة بعدما اعلن بعض المراقبين الدوليين عدم مشاركتهم في الاستفتاء كما تم استبعاد العديد من القضاة الشرفاء من تيار الاستقلال وقضاة من اجل مصر واحالتهم للصلاحية حتى لا يشاركوا في هذه العملية , وكذلك الحال بالنسبة للاعلاميين والصحفيين الرافضين لأحداث الثالث من يوليو فقد تم منعهم واستبعادهم من المراقبة علي هذه العملية وذلك خوفا من ان تقوم هذه المنظمات وهؤلاء القضاة والاعلاميون والصحفيون بفضح التجاوزات الفجة للعملية برمتها . كما ان هذه المرحلة شهدت حملات اعلامية مكثفة من قبل الاعلاميين ورجال الدين تطالب المصريين بالتصويت بنعم لأن نعم تجلب النعم , وأن من يصوت بنعم سيرضي ربه وأنه مؤيد من قبل الله . كما تم اعتقال العديد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين الذين اكدوا رفضهم للدستور وكذلك الذين اعلنوا مقاطعتهم لعملية الاستفتاء , كما شهدت هذه المرحلة انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان وقتل عمد من قبل الاجهزة الامنية لكل من شارك في تظاهرة رافضة لهذا الدستور او احداث الثالث من يوليو . ثانياً : مرحلة اثناء التصويت والاستفتاء فهذه المرحلة شابتها العديد من التجاوزات والانتهاكات التي تؤثر في نزاهة العملية وبالتالي تبطلها وذلك بشهادات مراقبين حقوقيين سواء دوليين او محليين غير حكوميين او تابعين للحكومة نفسها , فبشهادة هؤلاء جميعا تم منع العديد من المراقبين من دخول بعض اللجان بعينها بالرغم من حصولهم علي تصاريح مراقبة من اللجنة العليا للانتخابات مما يثير الجدل والشك حول هذا التعنت , كما تم توجيه الناخبين للتصويت ب (نعم) من قبل القائمين علي العملية والمتواجدين داخل اللجان , كما تم الاعتداء علي بعض الناخبين الذين صوتوا ب ( لا ) وهذا امر في غاية الخطورة يوحي بأن القائمين علي عملية الاستفتاء يشاهدون الناخب وهو يصوت وهذا مخالف للقانون ولتعليمات اللجنة العليا, كما أن الجميع شكك من عملية تصويت الناخبين في غير مراكز الاقتراع الخاصة بهم عن طريق لجان الوافدين وهذا يؤدي الي وجود الناخب الدوار , وكذلك الحال بالنسبة لبيات صناديق الاقتراع داخل للجان ليلة كاملة دون اي ضمانة حقيقية لمنع التلاعب بهذه الصناديق . ثالثا : مرحلة مابعد الاستفتاء واعلان النتيجة ففي هذه المرحلة نجد انه في السابق أثناء الاستفتاء علي دستور 2012 كنا نلاحظ أن اللجان الفرعية كانت تقوم باعلان النتائج أولا بأول ويقوم رئيس اللجنة بتحرير محضر بالفرز ويوقع عليه ويتم اعتماد هذا المحضر وذلك داخل اللجنة وفي وجود المراقبين والصحفيين والاعلاميين وذلك حتى يضمن نزاهة العملية وعدم التلاعب بالنتيجة فيما بعد خاصة بعد نقل الصناديق الي اللجان العامة لاعلان النتيجة أما في هذا الاستفتاء لم يحدث ذلك بل تم تجميع النتيجة في اللجان العامة كما كان يحدث سابقاً ولم يعلم بهذه النتيجة سوى رئيس اللجنة العليا ورئيس اللجنة العامة فقط وتم اعلان النتيجة بعد العملية بثلاث أيام دون ان يعلم احد عنها شيء وهذا يثير العديد من الشكوك . كما أن النتيجة التي اعلنها رئيس اللجنة العليا وقال ان نسبة المشاركة في هذا الاستفتاء تجاوزت 20 مليون مصري تثير الجدل خاصة وان الجميع يعلم ان نتيجة استفتاء 2012 كانت حوالي 18 مليون مصري , رغم عملية الحشد الكبيرة من التيارات المختلفة وكذلك الحشد الكنسي , ورغم عدم مقاطعة العملية من قبل اي من الاحزاب الساسية , كما ان عملية الاستفتاء الحالي شهدت دعوات عديدة للمقاطعة من قبل العديد من التيارات السياسية والثورية وسبقها عمليات قتل واعتقال واختفاء قسري كبيرة طالت الالاف من المصريين وخاصة الشباب الذين لهم حق التصويت . بل ان شهادات المراقبين المحليين والدوليين أكدت ضعف المشاركة في عملية الاستفتاء وخاصة مشاركة الشباب وهناك العديد من التقارير الحقوقية اكدت ان الاقبال كان ضعيف خاصة في اليوم الثاني من عملية الاستفتاء وأن نسبة التصويت 11.3% بناءً علي محاضر الحضور في اللجان الفرعية وفقا لمراقبين دوليين ومحليين وللمركز المصري لدراسات الاعلام والرأي العام " تكامل مصر", فكيف تم الاعلان عن هذه النتيجة رغم ان الجميع شهد ان معظم اللجان كانت خاوية او بها نسبة مشاركة ضعيفة . كما انه من ناحية اخرى فإن نسبة المشاركة الهزلية هذه والتي شهدها الجميع توحي بمدى حقيقة الاعداد التي خرجت في تظاهرات 30 يونيو والتي قيل عنها في وسائل الاعلام المصري بأنها تجاوزت 30 مليون مصري , فلماذا لم ينزل هؤلاء الثلاثين مليون للمشاركة في العملية . كل ذلك يؤكد اننا كل يوم نعود للوراء مرة اخرى لما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير دون ان نشعر . حمى الله مصرنا من كل سوء عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.