لا أعرف مشروعا إصلاحيا في حدود علمي كان من الممكن أن يكون واعدا على طريق التغيير والإصلاح والتطوير خاصة في مثل هذه الأيام الفارقة في تاريخ مصر مثل مشروع حزب الوسط والتي انطلقت فعاليات المحاولة الأولي ضمن أربع محاولات لتأسيسه يناير1996؛ وذلك بغرض كسر جمود الحركة الإسلامية ،ومن ثم تطوير الأداء السياسي والإداري والتنظيمي للحركة الإسلامية بصفة خاصة ، وللحركة السياسية المصرية بصفة عامة علي نحو ما ذهب إليه المهندس أبو العلا ماضي رائد المشروع ووكيل المؤسسين عقب المحاولة الأولي للتأسيس . إلا أن المشروع ارتهن من بين ما ارتهن نشاطه السياسي وانطلاقته في الميدان وبين الناس برخصة قانونية من نظام لا يقيم للقانون وزنا! ،على نحو مانعاين ؛وهو ارتهان جمّد الحزب إلى أجل غير معلوم ، وإلى حد لم يستطع معه الحزب في محاولة التأسيس الرابعة مايو2009 تجميع أكثر من ألف مؤسس إلا بشقّ الأنفس منهم معارف وأقرباء وبعد مضي مايقرب من خمسة عشر عاما على محاولة التأسيس الأولي !! كذلك لم نر له على سبيل المثال خلال ثلاث دورات برلمانية منذ بدأ فعاليات تأسيسه «ممثلا » واحدا في البرلمان ..الأمر الذي يثير علامات استفهام تجاه حزب راهن على الأغلبية الصامتة من أول يوم وساهم قياداته في إدخال المئات إلى جماعة الإخوان المسلمين !!. كما ارتهن شرعيته الأخلاقية من بين ما ارتهن بالانصراف عن عيوب الذات ونقدها والتي لا يخل منها إنسان أو فصيل أو جماعة إلى الانشغال بعيوب الآخرين ونقدهم علي طريقة : من يبصر القذي في عين أخيه ولا يبصر الخشبة في عينيه !، أو على طريقة : من انشغل بالذباب يتطاير حول أخيه وانصرف عن العقارب التي تتسرب إلى ثيابه!. انشغل الحزب بنقد الممارسات المجافية للديمقراطية داخل فصائل أخري ينتظم في عضوبتها عشرات الألوف وتستند في جماهيريتها إلى أكثر من المليونين أو يزيد ، في حين لم نعرف ماهي الآليات الديمقراطية الشفافة التي مارسها الحزب داخل بيئة الوسط السياسية ؟!و الذي لا يكاد يزيد عددها عن أكثر من ألف مؤسس كما أوضحنا أو بيئة الوسط الاجتماعية والثقافية الممثلة في جمعية مصر للثقافة والحوار كما لم نعرف ما يمثله الحزب جماهيريا حتي الآن على وجه الدقة !. ما هي القيم المضافة على المستوي الفكري والثقافي والسياسي والإداري والتنظيمي والجماهيري التي أبدعتها جماعة الوسط بعد عقد ونصف ؟! فينزلون أنفسهم منزلة الموجه والمرشد والناقد والمعلم للحركة الإسلامية بصفة عامة ولجماعة الإخوان المسلمين بصفة خاصة !! لا يعرف أحد كيف تدار جماعة الوسط من الداخل أو كيف تفرز قياداتها أو المتحدثين باسمها..هل بالتعيين المباشر من القيادات أم وفق آليات ديمقراطية يساهم فيها المؤسسون في اختيار من يمثلهم أو يتحدث باسمهم. ..من حقنا على الحزب يوسف أحلامنا وأحلام الحركة الإسلامية والذي أنزل قادته تجربتهم منزلة تجربة العدالة والتنمية في تركيا !! من حقنا على قادة الحزب وصنّاع القرار به أن يعلموننا ماهي آليات صناعة القرارات المتعلقة بالبيئة الداخلية وتوجهاتها المختلفة والبيئة الخارجية بفصائلها المتعددة ، وكافة القرارات المتعلقة بإدارة شئونه ! ماهي مثلا آلياته في اتخاذ قرار يتعلق بالمقاطعة أو المشاركة في الانتخابات البرلمانية أو أية فعاليات مشابهة؟! ..ماهي الآليات المتبعة لاختيار متحدث باسم الحزب أو باختيار ممثل له في الجبهة الوطنية للتغيير مثلا ؟! وهل يشارك المؤسسون ( الأصلاء ) في صناعة القرارات المتعلقة بسياسات الحزب الداخلية والخارجية ؟! كيف يمكننا أن نصدق أو ننصت لممثل الحزب داخل الجبهة عن السلوكيات التنظيمية المخالفة لبعض قادة الجبهة ونحن لا نعرف إن كان سلوكه التنظيمي هذا يتوافق مع ما أجمعت عليه جماعة الوسط قيادات ومؤسسون أم لا ؟!. وهل يرجع السيد ممثل الحزب في الجبهة الوطنية للتغيير حاليا إلى قيادات الحزب أو إلي مؤسسات الحزب المنعقدة بصفة مؤقتة في المواقف الانفعالية والسلوكية والتنظيمية التي يتبناها من خلال وسائل الإعلام ..أم إنهم لا يعرفون بها إلا من خلال وسائل الإعلام كما نعرف بها نحن ؟! على أن كل الفصائل الوطنية قد يصح في وصفها: نعيب الفصائل والعيب فينا وما للفصائل عيب سوانا ! ويكاد يكون الجميع في مضمار الإصلاح والتغيير والتطوير: كمن ادعي وصال ليلي في حين لم تقر لهم ليلي بذلك..أو مثل الجمع الذي بكي كل أفراده عندما سرق من مسجدهم مصحفا في حين كان السارق: أحدهم !!. ثم إن الصورة الذهنية لأي جماعة أو تجمع تتشكل من بين ما تتشكل به لدي الجماهير وفق طبيعة وسلوك شخصية المتحدث باسمه أو اسمها ، فهل ارتهن الحزب في الوقت الحالي خاصة صورته الذهنية ،بممثل الحزب في الجبهة الوطنية للتغيير ؟! إن الصورة الذهنية والإعلامية لجماعة الوسط والتي ارتسمت في أذهان الكثيرين من الذين لم يعرفوا من قيادات ومؤسسي الحزب سوي المتحدث باسمه الآن..هذه الصورة لا تتطابق مع رموز وقيادات وأغلبية مؤسسي جماعة الوسط التي تتسم بالحلم والحكمة والوسطية السياسية والانفعالية والفكرية ؛ فلا يمكن تصور اتفاقهم أو موافقتهم على سياسة ممثل الحزب مع رمزين وطنيين كبيرين في مثل قامة كل من الدكتور حسن نافعة و الدكتور عبد الجليل مصطفي على نحو ماجري معهم مؤخرا داخل أروقة الجبهة ومن خلال وسائل الإعلام !! . على أن أخطر هذه الارتهانات على الإطلاق على مصير المشروع الواعد هو ارتهان الاستقلال الفكري والثقافي والروحي لبعض قيادات ومؤسسي جماعة الوسط بحالة شديدة الحرج من : «المس الإخواني » تتحول معها جماعة الإخوان في مخيلة البعض إلى : « غول » طلعه كأنه رؤوس شياطين ، و ثاني اثنين إلى جانب الحزب الوطني تعطلت بهما رخصة حزب الوسط والحياة السياسية في مصر في مزاوجة ظالمة خاطئة بين الضحية والجلاد !. حالة المس الإخواني هذه هي ذات الحالة التي ضربت عقول وقلوب أعضاء جماعة العلمانيين والليبراليين الجدد ، فغاب الإنصاف وساد الاعتساف إلى حد يكاد يصل بالبعض ممن أصابه :« المس » ، إلى : تحميل جماعة الإخوان المسئولية عن ثقب الأوزون ، والاحتباس الحراري ، ورفض أمريكا التوقيع على اتقافية «كيوتو»!! وهي لا شك حالة خطرة يصعب تشخيصها بين دهاليز السياسة أو الاعتراك السياسي بقدر ما تكمن أسرارها بين دهاليز النفوس والنوايا والمقاصد المدخولة التي لايعلم مساربها إلا الله !! وإلا فماهو الدافع وراء محكمة التفتيش! التي عقدها السيد ممثل الحزب ضاربا عرض الحائط بقيم الوفاق لكل من الدكتور حسن نافعة والدكتور عبد الجليل مصطفي لتكرار زيارتهما لمكتب الإرشاد وكأنهما قاما بزيارة مكتب الموساد !! . وهي أيضا حالة : تتجافي مع قيم العدالة والإنصاف التي تأخذ وتدع، تقبل وترفض، تنقد وتشكر، أما هذا الهوس بالرفض لمجرد الرفض لكل ما يصدر عن جماعة الإخوان المسلمين فلا علاقة له : لا بالسياسة ،ولا بالأخلاق ، ولا حتي بالمرجعية الإسلامية التي جار عليها الجائرون : منهم من يتحدث باسمها ومنهم من ينكرها !! إن مستقبل دور جماعة الوسط الواعد بإذن الله في تطوير أداء الحركة الإسلامية من ناحية و إصلاح أحوال مصر من ناحية أخري مرهون : بحكمة التناول والتعاطي والمراجعة وإعادة النظر من قبل حكماء الوسط : قيادات وأعضاء وهم كثير مع تلك الارتهانات وغيرها بصفة عامة وارتهان «المس الإخواني» بصفة خاصة ، وكذلك مع «طموح» أو «جموح» ممثلها الحالي في الجبهة الوطنية للتغيير ..وبصورة تليق بكل ماهو: « وسط » . الحرية هي الحل [email protected]