في الآونة الأخيرة, كشفت البرقيات الدبلوماسيَّة الأمريكيَّة المتسرِّبة ما تواجهه شركات النفط متعددة الجنسيات في منطقة دلتا النيجر, وما ترزح فيه المنطقة من ذيوع الجريمة وانتشار الفساد، حتى وصل الأمر إلى أن يكسب طلاب الجامعة مصروف جيبهم بالعمل كخاطفين! استخدام القنابل ضد المدنيين؛ دفع الملايين للمسئولين الفاسدين, وتوظيف الطلاب خلال الإجازات الجامعيَّة فيما يسمى بصناعة الاختطاف.. هذه بعض علامات الجريمة والفساد المنتشرة في دلتا النيجر, مما جعل البرقيات الدبلوماسيَّة الأمريكيَّة في المدن النيجيريَّة أبوجا ولاجوس ترسم صورة قاتمة للوضع غير العادي في منطقة دلتا النيجر الغنية بالنفط. ولا تجرؤ أي شركة من شركات النفط الدوليَّة العاملة في دلتا النيجر أن تنشر أرقام عمليات الاختطاف وعدد الرهائن المحتجزة من الحوادث اليوميَّة ومعاناة السكان المدنيين, وذلك لأسباب, أقلها أنها ربما تضحى أهدافًا للقوات الخاصَّة في الجيش النيجيري. عطلة في الجريمة لعدة عقود أهملت الحكومة المركزيَّة في أبوجا دلتا النيجر, إلى جانب فشلها في بناء المدارس والمستشفيات والطرق وتجاهلها المشاكل البيئيَّة الخطيرة ببساطة, وكان كل ما يهمها هو تدفق النفط, وحصول النخبة السياسيَّة على الرشاوى, نقلًا عن سياسي رفيع المستوى قال: "إن الحكومة الاتحاديَّة لم تموّل طريقًا واحدًا في الدول الرئيسية الواقعة بدلتا النيجر خلال السنوات العشر الماضية". ونتيجة لهذا الإهمال, فقد تفشت الجريمة المنظَّمة في منطقة دلتا النيجر, كما كثرت الشبهات حول وجود صلات بين القائمين بعمليات الاختطاف مع السلطات والوحدات العسكرية الخاصة من أجل الحصول على حصتهم في النفط, لذا فإن النخبة السياسيَّة هناك تزدهر في وجود حالة من الفوضى. كذلك تشير إحدى البرقيات إلى قيام الطلاب بمهاجمة شركات النفط واختطاف الرهائن حيث تقول: "وخلال العطلات الدراسيَّة, اعتاد الطلاب الذهاب إلى مخيمات لمدة ثلاثة أشهر حتى يتمكَّنوا من كسب المال, وقد يصل ما يسكبونه خلال ثلاثة أشهر حوالي1.071 دولار أمريكي". حقًّا إن الشركات التي تنقب عن النفط في نيجيريا بحاجة إلى أعصاب قويَّة, ومن الصعب الحصول هناك على معلومات موثَّقَة حول انتشار أعمال العنف والجريمة, والسؤال هل يملك المتمردون, الذين يستهدفون إنتاج الشركات المتعددة الجنسيات, بالفعل صواريخ مضادة للطائرات لإسقاط طائرات الشركات الهليكوبتر, كما تصف إحدى البرقيات؟ أم أن عملاق الطاقة الروسي شركة "جازبروم" يخطط للوصول إلى الغاز الطبيعي في البلاد؟ شرطة فاسدة ناهيك عما تفوح منه الشكاوى الواردة من شركات النفط الغربيَّة من الشعور بالمرارة, حيث أفاد مدير شركة أكسون موبيل أنه نظرًا للصوص النفط, فإن الشركات لديها حساب خسارة يصل إلى 40 في المائة لنقل النفط عبر خطوط أنابيب بريَّة في البلاد, مضيفًا أن استيراد النفط المكرَّر من أوروبا ربما يكون أكثر فعاليَّة من معالجته وتكريره في نيجيريا نفسها, حيث أن الشرطة تتلقَّى النفقات لحماية خطوط الأنابيب وتقوم فيما يبدو بالتنسيق مع اللصوص ليمكنهم سرقة النفط. في يناير 2009, اشتكى أحد المديرين التنفيذيين لشركة النفط أن الوضع سيئ بالفعل ويزداد سوءًا، وقالت: إن هجمات القراصنة واسعة النطاق أدت إلى عدم قبول شركات النقل البحري التعاقد إلا في ظلّ ظروف معيَّنَة, وكان رد مسئولي الحكومة النيجيريَّة على ما أوضحته: "قوموا بتوظيف المزيد من الأمن". وقد احتجَّت شركة نفط أخرى أن بعض النيجيريين رفيعي المستوى طلبوا الملايين من الرشاوى للحصول على حق تحميل الناقلات, كما توجد وسائل أخرى للفساد, حيث تجد الشركات المتعددة الجنسيات في نيجيريا نفسها متورطةً في صفقات فريدة من نوعها على الأرجح في صناعة النفط, وذلك حسبما ورد في تقرير "كشفت شركتا شل وتوتال مؤخرًا أنهم أُجبروا على إقراض شركائهم النيجيريين المليارات من الدولارات, حتى في أقل أسعار السوق الجارية لدعم عمليات مشاريع مشتركة بينهما". تورط إسرائيلي من جانبهم أشار دبلوماسيون أمريكيون أيضًا إلى شكوى تقدَّمت بها إحدى شركات النفط فيما يخص البحرية النيجيريَّة, وقد ذكرت فيها أنها غير قادرة تمامًا على حماية شركات النفط في منطقة دلتا النيجر, فقد أرسل موظفو شركة "شل" إنذارًا عند الساعة 2:30 صباحًا عندما هاجم متمردون منصَّة نفطيَّة في خليج غينيا بحوالي ستة زوارق سريعة, إلا أن الزوارق التابعة للبحريَّة لم تصل سوى في الساعة 7:30 بعد الظهر, بعد اختفاء المهاجمين بفترة طويلة. والكارثة الأكبر تأكيد إحدى البرقيَّات ذهاب خبراء الأمن الإسرائيليين إلى هناك من أجل الحفاظ على وجود العصابات الخاطفة في الخليج, وهذا ما لاحظه دبلوماسيون أمريكيون بأن الإسرائيليين لهم نشاط ملحوظ في دلتا النيجر, حيث يوفِّر الجيش الإسرائيلي المعدَّات والتدريب إلى وحدة خاصة نيجيريَّة لمقاتلة المتمردين في الدلتا, وبالعودة إلى أكتوبر 2007, كانت تلك الوحدة الخاصة لا تملك مروحيَّات وناقلات جند مدرَّعة, ولا تمتلك سوى زورقين حربيين, إلا أنها أصبحت في الوقت الحالي تمتلك أكثر من 100 سيارة ناقلة وحوالي عشر سفن حربيَّة ومروحيتين تحت تصرفها, على الرغم من ذلك فإن هناك مشكلةً صغيرة هي أن بعض أعضاء هذه الوحدة الخاصة التي تموِّلها إسرائيل متورطةٌ في صفقات النفط المشبوهة. ترجمة/ حسن شعيب ( الاسلام اليوم)