تعقد لجنة مبادرة السلام العربية اجتماعا بمقر جامعة الدول العربية مساء الأربعاء، برئاسة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، بحضور رئيس السلطة الوطنية محمود عباس، لبحث التطورات الأخيرة بشأن عملية السلام المتعثرة، بعد رفض إسرائيل الموافقة على العرض الأمريكي لتجميد الاستيطان لمدة 90 يومًا من أجل إعادة الفلسطينيين إلى المفاوضات بعد انسحابهم احتجاجًا على القرار الإسرائيلي باستئناف الاستيطان. وتهيمن الخلافات على أجواء الاجتماع مع وجود حالة من الانقسام إزاء القرار الذي سيتم اتخاذه ردًا على الفشل الأمريكي، وبعد انتهاء المهلة التي كانت قد منحتها خلال اجتماعها في مدينة "سرت" الليبية في التاسع من أكتوبر للاتفاق مع الحكومة الإسرائيلية على صيغة لتجميد الاستيطان، وإلا فإنها ستلتئم مجددًا وتبحث خيارات وضعها رئيس السلطة الفلسطينية على الطاولة؛ أهمها التوجه إلى مجلس الأمن من أجل انتزاع قرار بالاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية. وتقود سوريا التي سيمثلها خلال الاجتماع مندوبها لدى الجامعة السفير أحمد يوسف، في غياب وزير خارجيتها وليد المعلم، مدعومة من بعض الدول العربية الدعوة إلى مقاطعة المفاوضات المباشرة وعدم العودة إلى طاولة المفاوضات، ومطالبة رئيس السلطة الفلسطينية بالإعلان عن فشل المفاوضات واتخاذ قرار بحل السلطة واللجوء إلى مجلس الأمن لانتزاع قرار جديد لتسوية القضية الفلسطينية، أو الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، وهو الخيار الذي لوح به عباس نفسه خلال قمة "سرت" العربية. في المقابل تقود مصر والسعودية اتجاها معارضًا لدعوة سوريا بالتجميد النهائي للمفاوضات واللجوء إلى مجلس الأمن، تجنبًا لما أسمته مصادر دبلوماسية عربية ب "خيار عرفات"، حيث تخشى القاهرة والرياض من أي يؤدي إعلان عباس فشل المفاوضات إلى رد فعل إسرائيلي عنيف يتكرر معه حصار المقاطعة الذي فرضته على الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 2002 ولم ينته إلا بوفاته في نوفمبر 2004. وتخشى مصر والسعودية من أن تكون إسرائيل بالاتفاق مع حليفتها الولاياتالمتحدة قد أعدت "بديلاً فلسطينيًا" ليتم الدفع به إلى الواجهة بدلاً من عباس في حال إقراره حل السلطة الفلسطينية، خاصة مع تكثيف الطرفين للاتصالات مع سلام فياض رئيس الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو ما اعتبرته دوائر دبلوماسية عربية رسالة تهديد مباشرة ل "أبو مازن" بأن البديل جاهز لخلافته. وكشفت المصادر، أن هناك مقترحا يتم تداوله كخيار وسط يحاول التوفيق بين المسار السوري من جانب والمصري- السعودي من جانب آخر يقوم على منحه واشنطن مهلة جديدة تستمرة لعدة أسابيع من أجل إيجاد تكثيف ضغوطها على إسرائيل وحل المعضلة الناجمة عن رفض إسرائيل تمديد قرار وقف البناء الاستيطاني من أجل تهيئة المناخ لعودة المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل. وتوقفت مفاوضات السلام المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في مطلع أكتوبر الماضي بعد أقل من شهر على انطلاقها، عندما رفض رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، بنيامين نتنياهو، تمديد تجميد الاستيطان في الضفة الغربية، وعلى الرغم من العرض الأمريكي الذي تضمن حوافز لإسرائيل مقابل الموافقة على تمديد قرار وقف الاستيطان لمدة ثلاثة شهور فقط إلا أن واشنطن أعلنت في النهاية فشلها. وكان الفلسطينيون الذين لوحوا باللجوء إلى مجلس الأمن بعد فشل المفاوضات حصلوا على دعم قوي بعد اعتراف عدد من دولة أمريكا الجنوبية بدولة فلسطينية مستقلة، الأمر الذي اعتبرته واشنطن سابقًا لآوانه. وذكرت المصادر، أن هناك احتمالا بالتلويح بشكل جاد باللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لانتزاع قرار بفرض حل للقضية الفلسطينية، يكرر ما حدث في نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات من القرن الماضي في حالتي نامبيا وأنجولا. فقد تدخلت القوى الدولية لفرض انسحاب جنوب إفريقيا من ناميبيا وإنهاء الحرب الأهلية بأنجولا وهو الاتجاه الذي يحظى بتوافق بين جميع الدول، وإن كانت القاهرة تفضل اللجوء لهذا الخيار في نهاية المطاق بعد نهاية المهلة الأخيرة التي ستمنحها لواشنطن لمعاودة ممارسة الضغوط على إسرائيل.