لم تختلف نظرة الصحافة الأمريكيةوالغربية للانتخابات البرلمانية المصرية كثيرًا عن نظرة المعارضة في مصر التي رأت أن الانتخابات شابها التزوير وتجاوزات من قبل الحكومة والحزب "الوطني" الحاكم لتعزيز سيطرته على مقاليد الحكم، وإن الوعود بتحقيق النزاهة والشفافية كانت زائفة، بعد أن سجل المراقبون حدوث تدخلات خارجية في مسار العملية الانتخابية. فمن جانبها، قالت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية، إنه على الرغم من تقديم الحكومة المصرية وعودًا بإجراء انتخابات نزيهة، إلا أن شرعيتها شابها الضغط على المرشحين المستقلين، وحملات الاعتقالات الجماعية، والتحرش بوسائل الإعلام، والمقاطعة من قبل جماعات المعارضة. وانتقدت الإدارة الأمريكية لعدم ممارستها الضغط على مصر للقبول بالرقابة الدولية على الانتخابات، قائلة إن الولاياتالمتحدة تقدم لمصر أكثر من مليار دولار من المساعدات سنويًا لكنها فشلت في إقناع الحكومة المصرية بقبول المراقبين الدوليين، معتبرا أن ما حدث دليل آخر على أن نظام الحكم في مصر كان يتعمد تجاهل المخاوف الغربية حول القمع السياسي من أجل الحفاظ على سيطرة حزبه على السلطة. وتحت عنوان: "سحر الانتخابات في مصر يجعل المعارضة غير مرئية"، قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك إنه في الانتخابات البرلمانية الماضية كان "الإخوان المسلمون" يتحدثون عن حملتهم الانتخابية والحاجة إلى إتباع تعاليم الإسلام في جميع تصرفاتهم، وينتقدون فساد حكومة الرئيس مبارك، لكن ذلك الوقت قد ولى. وأضاف إن كل ما يفعله "الإخوان" الآن هو التذمر من عدم نزاهة الانتخابات- مشيرًا إلى أنهم هم من اختاروا المشاركة فيها- والشكوى من وحشية الشرطة ومضايقات الحكومة، ثم الانسحاب في صمت، ولاحظ أن الجماعة أصبحت أكثر حذرًا هذه الأيام. وتابع في مقال بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إن المكاسب التي حققها الإخوان في انتخابات عام 2005 قد تنخفض إلى الصفر، وأن حديث "المصادر" الحكومية عن انهيار تام لجماعة "الإخوان" قد يكون حقيقة، لافتا إلى أن الجماعة لم تطرح سوى 130 مرشحًا مقابل 839 مرشحًا للحزب الوطني. وأشار فيسك إلى أن تصريحات قيادات الجماعة بأنهم قد يذهبون إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي للشكوى من تزوير نتائج الانتخابات، وعقب ساخرًا بأن "ذلك بالفعل سيجعل الحزب الحاكم والرئيس مبارك يرتعدون خوفًا". من جانبها، وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الانتخابات البرلمانية المصرية يوم الأحد بأنها كانت تكرارًا لسيناريو مألوف ومضجر من أعمال عنف متفرقة، واتهامات واسعة بالتزوير والترهيب، وشعور الكثيرين بأن الحزب الحاكم يعتزم ترسيخ قبضته على السلطة حيث يلوح في الأفق فترة من عدم اليقين السياسي. وأضافت إن المشهد نفسه تكرر في مراكز الاقتراع بجميع أنحاء مصر: ممثلو مرشحي المعارضة يقفون في الخارج يشكون منعهم من الدخول، و الناخبون يختبئون في الجوار قائلين بأنه قد تم منعهم و تعرضوا للترهيب من قبل رجال الشرطة و البلطجية المستأجرين، في حين يهتف أنصار الحزب الحاكم بمرح دعماً لمرشحيه الذين تكسو ملصقاتهم الملونة جدران مراكز الاقتراع. في حين قالت صحيفة "التايم" الأمريكية إنه على الرغم من أن التزوير لم يكن ظاهرًا دائمًا إلا أن الفراغ كان كذلك وأن صناديق الاقتراع قبل وقت قليل إغلاق الانتخابات لم تكن تحتوى سوى على بضع عشرات من بطاقات الاقتراع، مشيرة إلى أن بعض الرجال ممن عرفوا أنفسهم بأنهم ممثلي الحزب الحاكم كانوا يتبعون مراسل الصحيفة من غرفة لأخرى معلنين بأنه "أمريكي جاء للتدخل في شئون مصر الداخلية". ولفتت الصحيفة إلى توقعات الناخبين والمرشحين بتحقيق الحزب الحاكم نصرًا أكبر مما حققه الانتخابات الماضية، قائلة بأن ذلك لا يجب أن يكون أمرًا مستغربًا لغالبية المصريين. بدورها، انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" العملية الانتخابية ووصفتها بأنها لم تكن حرة أو نزيهة، وقالت بأنه كان هناك العديد من التقارير من مندوبي المنظمة عن مخالفات لا حصر لها في شتى أنحاء مصر و أعمال عنف و اتهامات بتزوير لأصوات الناخبين، وعمليات اعتقال، ومضايقات للصحفيين. وحمّل جو ستارك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط و شمال أفريقيا بالمنظمة، الحكومة مسؤولية أعمال العنف و البلطجة أثناء الانتخابات مشيراً إلى أن مندوبي المنظمة الذي قاموا بجولات حول مراكز الاقتراع "رأوا رجال شرطة بزي مدني يقولون لبلطجية أن مهمتهم انتهت عند احد مكاتب الاقتراع ويطلبون منهم الانتقال إلى مركز انتخاب آخر".