* لست فى هذا المقال أعقد مقارنة تفصيلية بين الإسلام والليبرالية لأن الإسلام دين سماوى من عند الله للناس كافة والليبرالية مذهب ارضى والمقارنة بينهما تكون فى غير محلها غير أنى فقط أردت تحرير بعض المفاهيم مما علق بها من شوائب عالقة حتى يتبين للقارئ المثقف خيط الإسلام الأبيض من خيط الليبرالية الأسود حتى يرى الجميع شمس الحرية ومفهوم الحرية فى الإسلام فيطمئن ويستريح ولاتعبث بعقله من هنا او هناك أى ريح..!. أقول وبالله التوفيق أن مصطلح " الليبرالية " "liberalism " انتشر كالنار في الهشيم من فضائية إلى فضائية ومن برنامج إلى برنامج ومن فم إلى فم ومن لسان إلى لسان ومن ومن محلل سياسى إلى آخر وأصبح إحساس بل ويقين معظم الناس أن هذه الليبرالية المتسلطة علينا من غلاة العلمانيين هى سيف مسلط على رقاب الشعب وخنجر مسموم فى ظهر الوطن من قبل النخبة التي تربت على موائد الغرب وشربت من معينه وحملت أفكاره مثل مايحمل البعوض الجراثيم الملوثة بأطراف أرجله لنقل العدوى بين صفوف المواطنين فى مستشفيات وزارة الصحة حتى أن المريض يدخل المستشفى بمرض واحد ويخرج منها بعدة أمراض..!..! وفى هذا المقال أود ان أشرح بشئ من التفصيل أصل هذا المصطلح وهل يلتقى الاسلام فى بعض المفاهيم مع الليبرالية..؟ أم أن الاسلام والليبرالية كالماء والهواء إذا دخل احدهما خرج الآخر..؟ وهذا ماسوف أوضحه بتفصيل غير ممل أو تلخيص غير مخل..! * و الحقيقة أن الليبرالية مصطلح غير عربي بل هو كلمة انجليزية " liberalism ومسقط رأس هذا المصطلح يعود إلى العالم الغربي فقد أسرع الليبراليون الغربيون الذين هرولوا بعد سقوط صنم الشيوعية الأحمر في موسكو إلى تصدير فكرة الليبرالية الغربية المتطرفة ومما شجعهم على ذلك التسلط الكنسي الذي كان موجودا في العصور المظلمة في أوربا وتحكم الكنيسة في كل شئ وفى مقدرات الحياة وتوزيع صكوك الغفران واضطهاد من يخالفها فى الرأي ومصادرة أى اختراعات علمية بل وشنق أصحابها إذا خالفت معتقدات الكنيسة فى تلك العصور المظلمة والتى سميت ب Dark Ages . حتى أن الكنيسة Church حرمت كتاب العالم " كوبر نيكوس " صاحب كتاب حركات الأجرام السماوية بل وعذبت العالم المعروف " جراد نوا " الذى اخترع التلسكوب بل وعذبته عذابا شديدا وهو فى عمر السبعين..........! * فإذا كان مدعو الليبرالية liberalism يدعون أن الليبرالية تركزعلى أهمية الفرد وضرورة تحريره من كل أنواع الاستبداد والتسلط...! فلقد سبقهم الإسلام فى ذلك بقرون عديدة لان هذا المعنى من أهم خصائص الإسلام لان القاعدة العامة هى " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاهتم أحرارا؟؟" فالإسلام هو دين الحرية ولم يكن يوما ما دينا للقهر والاستعباد والاستبداد . · وإذا كان مدعو الليبرالية يزعمون أن الليبرالية تركز على حرية الإنسان في الترشح والتفكير وحرية التعبير وحرية الإبداع وحرية الاجتماع فهذا المفهوم لايخالف صريح الإسلام لأنه من حق كل إنسان أن يترشح لأي منصب طالما استوفى الشروط اللازمة لهذا . والإسلام لم يقيد حرية التفكير لان القرآن دعا في آيات كثيرة إلى التفكر والتمعن في الكون " والإسلام لم يقيد اى إنسان مبدع في أى مجال يفيد البشرية علميا وسياسيا واقتصاديا فانتم أعلم بشئون دنياكم كما قال المعصوم صلى الله عليه وسلم . * وإذا كان مدعو الليبرالية يزعمون أن الليبرالية تركز على أهمية الفرد وصيانة كرامته وسيادته وحريته فهذا المفهوم هو من جوهر الإسلام لان الله خلق الإنسان وقال في حقه" ولقد كرمنا بني آدم " كل بني آدم كرمهم الله لأنه هو صنعته التي صنعها وأخرجها للوجود . فالإسلام سبق الليبرالية فى تكريم كل البشر بصرف النظر عن دينهم ولونهم وجنسهم ووطنهم . * وإذا كانوا مدعو الليبرالية يركزون على ضرورة حماية الدولة لحرية المواطنين وحرية الملكية الفردية وحرية الاجتماع فهذا المفهوم لايخالف جوهر الإسلام في أن الدولة يجب ألا تعلق المشانق وتفتح السجون وتقطع الرقاب لمجرد محاولة الفرد التعبير عن أرائه بحرية كاملة طالما أن هذه الآراء لاتناقض عقيدة الأمة ودينها ولم تدعو إلى الكفر ونشر الرذيلة. · * وديننا الحنيف لايصطدم بكل ماسبق ذكره من تلك المفاهيم التي هي في الأصل من جوهر الإسلام لأن أحد المفسرين المصلحين قال عن الإسلام انه "إعلان عام لتحرير الإنسان....! " تحرير الإنسان من قيود العبودية ومن إذلال الجاهلية ومن أغلال الرضوخ لغير الله عز وجل. بل ومن استعباد الفرد للفرد تحت أى غطاء مهما كانت الأحوال والظروف . والإسلام جاء ليحرر الإنسان من عبادة الأصنام سواء كانت أصناما خشبية أو بشرية أو شيوعية أو علمانية أو الحادية حسب مقتضى الحال في كل عصر. تحرير للإنسان من الركوع لأي حاكم أو السجود لأي ظالم أو الخضوع لأي فرعون لأن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي خلقه الله معتدل القامة واقفا ولم يخلقه منحنيا كالدواب أو زاحفا كالزواحف وأكرمه حيا وميتا وهذا قمة التكريم. ودعا الإسلام الإنسان إلى إعمال عقله لان العقل فى الإسلام مناط التكليف . ودعاه إلى التفكر والتدبر والتعقل والنظر فى الكون ومافيه من معجزات محسوسة وملموسة. * إذا ففيما الاختلاف إذا؟ الاختلاف والتباين فى أن غلاة العلمانيين المتطرفين فى عالمنا العربى والاسلامى اخذوا أسوا صورة وأخبث مفهوم لليبرالية ويريدون تطبيقها على مجتمعاتنا المحافظة لان فى عقيدتهم مفاهيم مغلوطة منها : * إن ليبراليتهم تعنى حرية الفساد الأخلاقي وانتشار الإلحاد وترويج مذاهب الوثنية الفكرية وغرس أصنام التحلل الأخلاقي فى كل ميادين الدول العربية والإسلامية . · * إن ليبراليتهم تعنى حرية المرأة بأن تكون سلعة رخيصة مبتذلة تبيع جسدها في الملاهي الليلية والبارات الخمرية وحرية الوصول إليها دون مشقة أو قيود قانونية أو شرعية كالسلعة الرخيصة فى المحل ادفع واسحب.......!! قال احد المنظرين الليبراليين " لاتكون الدولة ليبرالية إلا إذا كانت علمانية ولاتكون علمانية إلا إذا كانت ليبرالية.. فهم يظهرون الليبرالية ويقصدون العلمانية Secularism ويخفون فى أنفسهم ماالله مبدية من مكر وخداع وخبث طوية وسوء نية..! * إن ليبراليتهم تعنى حرية ممارسة الرذيلة على شاشات التلفاز وحرية ممارسة الفاحشة فى عرض الشارع أي العودة إلى عصر الجاهلية الأولى ووضع الرايات الحمراء على اعالى البيوت كإشارة لراغبة المتعة الحرام وهذه هى ليبراليتهم...!! * إن ليبراليتهم تعنى حرية عبادة أصنام العلمانية واليسارية والشيوعية وغيرها من دون الله لأنهم يرفضون أن تكون الآلهة إلها واحدا....! " الم تعترض العرب فى الجاهلية على هذا وقالوا " اجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب..!!" منتهى العجب أن تتطابق أقوال العرب فى الجاهلية مع مفاهيم النخبة العلمانية المتطرفة فى عالمنا العربى و الاسلامى . * إن ليبراليتهم تعنى أنهم يريدون حرية الفتاة فى أن تكون حرة فى علاقتها الشخصية مع أقرانها من الذكور وتتصرف معهم ويتصرفون معها كما تفعل الدواب مع بعضهم البعض فى نواصي الشوارع بلا حياء أو خجل أو قيد من قانون أو شرع وقد قالوها بالفعل ولانتقول عليهم ظلما...! حتى قالت زعيمة العلمانية فى مصر أن فصل الطلاب عن الطالبات فى المدرجات الجامعية نكسة ورجعية والعودة بمصر إلى الظلامية..! ارأيتم كيف...؟ * إن ليبراليتهم تعنى حرية زواج المثلين والاعتراف به من باب الحرية وهذه ليست حرية وإنما بهيمية فالذكور لاتتزوج بعضها ولاينكح بعضها بعضا فى عالم الحيوانات والبهائم..! فباباكم بالإنسان الذى كرمه الله..؟ * لقد حرم الإسلام الرق والعبودية والاستبداد والتسلط والاستعباد والاستنعاج والانبطاح...! غير أنهم يريدون العودة بالإنسان إلى سيرته الأولى , إلى عالم الكهوف المظلمة ليعيش الفرد مقيدا بسلاسل الجاهلية الأولى ونشر الرذائل وهدم الفضائل وكما قيل إذا حكم الأراذل هلك الأفاضل . وليعلموا أن الليبرالية المزعومة ماهى إلا رجس من وحى خيالهم المريض ونفوسهم العفنة وعقولهم الآسنة وليس لها مكان فى عالمنا الاسلامى والعربي لان الإسلام حررنا فهل نعود ثانية إلى عصر التصحر الاخلاقى والانحلال السلوكي والتحلل من مكارم الأخلاق؟ * خلاصة الطرح : إن الليبرالية بهذه المفاهيم التى يريدون ان ينثروا بذورها فى أرض مصر هى كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا بل ووجد الخيبة والندامة والخسران ولا يصح إلا الصحيح مهما اشتدت ريح الليبرالية فانها لن تعصف إلا بأعالى أشجار الحق والحق جذوره ممتدة في أعماق الأرض ولن يمحوا الحق نوائب الأيام وحوادث الزمان حتى وإن زلزلت أرض الليبرالية زلزالها وأخرجت عقول العلمانيين أثقالها ...!؟ وإن تلك البذور لن تثمر يوما شجرا مورقا وستظل تلك الليبرالية المتطرفة فى أرض مصر كما يقول الشاعر كاالتينة الحمقاء كأنها وتد فى الأرض أو حجر...! إن الإسلام هو دين الحرية المسئولة المنضبطة بضابط الشرع وأعراف المجتمع وليست الحرية الفوضوية البهيمية التى تقود المجتمع إلى سواء الحجيم وإلى الإبتذال السلوكى والتحلل الخلقى والإنهيار الاجتماعى والفساد الفكرى والتصورى . إن الليبراليين اليوم يختبئون في كهف العلمانية الذى يحوطه عنكبوت التدليس ومعتقدات إبليس من كل جانب....! ويديرون حربا شرسة ضد الإسلام لأنهم يريدون فصل الاسلام كدين نزل لاصلاح المجتمع عن الدولة أو كما يقولون لقيصر سلطة الدولة ولله سلطة الكنيسة وإبقاء الدين حبيسا في ضمير الفرد وسجينا لايخرج من باب المسجد وألا يتجاوز الدين علاقة العبد بربه في الشعائر التعبدية ولامانع من استدعاء الدين لأخذ راية في مسائل الحيض والنفاس لفك أي غموض أو التباس عند كثير من الناس.....! ؟