بالتأكيد لا يمكن ان تخدعنا حكاية "السيادة الوطنية" التي استندت إليها السلطات المصرية في الرد على الموقف الأمريكي المطالب بالرقابة على الانتخابات التشريعية المقررة في 28 من نوفمبر الجاري.. فالتجربة علمتنا بأنها وكما قلت في مقال سابق "سيادة استريتش" تتمدد وتنكمش بحسب "مصلحة" النخبة الحاكمة فقط. ولكن يظل السؤال الأهم في هذا السياق هو ما إذا كان المصريون فعلا يحتاجون إلى مساندة المجتمع الدولي للضغط على الإدارة المصرية وحملها على احترام الحقوق السياسية والمدنية للمصريين؟! السؤال يكتسب أهميته، من كونه فعلا يرتبط ب"سؤال السيادة"، وما إذا كانت هذه "المساندة" مساسا ب"السيادة" أم محض اجراء اعتيادي يعزز من الأخيرة ولا ينتهكها؟! الرقابة الدولية تثير الكثير من الحساسيات.. وتضع المؤيد لها موضعا لن يبرحه إلا وقد ناله من الأذى والتجريح ما لا يتحمله بشر.. ويكفي أن أكثر جماعات المعارضة عرضة للانتهكات الأمنية والإدارية أعلنت رفضها لما وصفته ب"الرقابة الأمريكية" للإنتخابات، وهو الإعلان الذي صدر درءا للتصيد والوقوع في شرك "الاستقواء بالخارج". والحال أن البعض يفرق بين "رقابة الدول" و"رقابة المنظمات".. إذ يعتبر الأولى تدخلا في الشؤون الداخلية، فيما يعتبر الثانية رقابة مشروعة تعزز من السيادة ولا تنتهكها.. وربما جاء إعلان جماعة الإخوان الأخير تماهيا مع هذا المفهوم إذ رفض "الرقابة الأمريكية" بما تحمله من معنى التدخل الأمريكي "الرسمي" وليس "الأهلي" سيما وأن الإعلان جاء بعد تقرير الحالة الدينية وبيان الخارجية الأمريكية وهما جهتان رسميتان. غير أن هذا المنحى الذي يضع حدودا وفواصل بين الرقابة "الحلال" والأخرى "المحرمة".. لم يحل هذا الإشكال في مصر حتى الآن ولعله سيستعصي على الحل في المستقبل المنظور، مالا يجري مناقشة هذا الموضوع بصراحة وفق استحقاقات السؤال المركزي حول ما إذا كان المصريون يحتاجون فعلا مساعدة المجتمع الدولي للتصدي للتغول الرسمي واستعادة حقوقهم السياسية المهدرة؟! وبإيضاح أكثر.. هل يستحق المصريون هذه المساندة؟!.. وهل استفرغت كل طاقاتهم على نحو لم يعد امامهم إلا هذا البديل" المر"؟!.. وبمعنى أكثر اختزالا هل سددوا فاتورة الاصلاح وعلى رأسه انتخابات تحترم آدميتهم؟! [email protected]